نقرأ في نشيد المحبة للقديس بولس هذه الآية المليئة بالمعاني:فالإيمان والرجاء والمحبة هي الثلاثة الباقية وأعظمها المحبة(1كورنثوس13:13).كان يرقد رجل مسن تقي علي فراش الموت حيث توافد أقاربه وأصدقاؤه لوداعه,فنظر الرجل إلي أحدهم والابتسامة علي وجهه قائلا له:قبل حضوركم استقبلت ثلاثة ضيوف لكنني قمت بوداع اثنين منهم وداعا حارا لا رجعة فيه,لكنني رفضت أن أودع الثالث,لأنني لا أستطيع الاستغناء عنه إلي الأبد.فسأله الضيف:من هؤلاء الضيوف؟ فابتسم المحتضر مجيبا:الأول هو الإيمان,وقد قمت بوداعه قائلا:إنني أشكر الله من أجل مرافقتك لي طوال حياتي,ومن خلالك عرفت الله,لكني الآن ذاهب إلي حيث رؤية كل شيء بالعيان,فلست محتاجا بعد إليك!حقا إنك أتممت مهمتك معي.ثم جاء صديقي الثاني وهوالرجاء فشكرته علي مواقفه المخلصة حيث أنقذني من الفشل واليأس مرات عديدة,ولكنني قلت له:أنا لم أعد محتاجا إليك بعد الآن أيها الصديق الأمين,لأنني ذاهب حيثما تتحقق الآمال,وحيثما يصبح الرجاء حقيقة واقعية.
أما الصديق الثالث وهوالحب لقد قلت له:حقا كنت صديقا وفيا,جعلتني بالقرب من الله والناس وملأت رحلة الحياة فرحا وسلاما,لكنني لا أستطيع أن أتخلي عنك أو أتركك أبدا,لذلك يجب أن تأتي معي إلي السماء,فنهاك الحب الحقيقي الكامل والذي يتوج المحبين! إذا لا أستطيع أن أقول لك وداعا.كم هو فقير عالمنا من الحب نتيجة السعي وراء المادة فقط حتي لو في سبيل خيانة الأصدقاء والمقربين؟! كم من صراعات وحروب وتدمير سببها السعي للحصول علي المال؟! لذلك كتب الأديب باولو أورفيل محاكاة ساخرة ضد الشيوعية بعنوان:أنشودة المال,حتي أنه قام بتغيير بعض الكلمات من نشيد المحبة الشهيد للقديس بولس هكذا:لو تكلمت بلغات الناس والملائكة,ولم يكن عندي مال,فما أنا إلا نحاس يطن أو صنج يرن.وإن لم يكن عندي مال, فما أنا بشيءالمال يتأني ويرفق,المال لايعرف الحسد,والمال يعذر كل شيء ويصدق كل شيء ويرجو كل شيء ويصبر علي كل شيء.فالإيمان والرجاء والمال هي الثلاثة الباقية,وأعظمهم المال.
هذا النشيد قام بصياغته للأشخاص الذين يجعلون المال إلها لهم,حتي لو كان هذا علي حساب الفقراء والمحتاجين,أو تدمير العالم وخرابه.للأسف الغالبية العظمي فقدت المعني الحقيقي للمحبة في الحياة اليومية,لكن من يحذف كلمة المحبة من قاموسه الشخصي الذي يحتوي علي كلمات لاحصر لها,فإنه فقد كل معاني الكلمات الأخري ولن يصبح لها قيمة بعد الآن.من فقد لغة المحبة بين الناس,فلن يستطيع أن يقول شيئا مهما تكلم كثيرا,لأن حقيقة الإنسان الحب,ومن يحب يجانبه الحق فيما يتفوه به,ويستطيع أن يكون مؤثرا فيما يقول ويعلم,ومن يحب يقدر أن يساعد الآخرين للوقوف علي أقدامهم لذلك يعلمنا السيد المسيح قائلا:الوصية الأولي في الوصايا كلها هي:إن الرب إلهنا هو الرب الأحد فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك وكل قوتك.والثانية هي:أحبب قريبك حبك لنفسك,ولا وصية أخري أكبر من هاتين(لو12:29-31) لذلك لا يستطيع أحد أن يدعي بأنه تجنب الآخرين حتي لا يقوم بإيذائهم,وكان يقضي حياته قدر المستطاع في ممارسة الطقوس والشعائر الدينية المطلوبة منه,لأنه لا يكفي الابتعاد عن الشر والامتناع عن الظلم,بل علينا أن نحب من قلبنا ونفسنا وكياننا جميع الناس,فالمحبة هي ينبوع العطاء والسعادة ومن يحب لن يفعل الشر.
ويقول الصحفي علي أمين:تعالوا نظلل قلاعنا بأشجار الحب,فإننا لم نحصد من أشجار الكراهية إلا الهزيمة والفشل.فالمحبة هي قوة خارقة الطبيعة تبدل كل شيء إلي الأفضل والأحسن.كما يجب علينا ألا ننتظر بعض المناسبات لنظهر محبتنا للآخرين لكن يجب أن تكون في كل لحظة ولايقل أحد:أنا أشعر بأنني أحب ذلك الشخص ولكن الحقيقية والواقع هي أن الآخر يجب أن يشعر بمحبتنا له دون أنه نصرح بذلك كما يفعل الوالدان اللذان لايعلنان بالكلام عن محبتهما ولكنهما يثبتان ذلك بالتضحية والعمل لأبنائهما ونختم بالقول المأثور:ليس هناك رادار أقوي من المحبة,ولا عطر أطيب منها,ويخطيء من يقول إن الجمال يزول ولكن المحبة تبقي فالجمال لايزول إلا إذا ذهبت المحبة.