كنّا قاعدين إمبارح قعدة أصدقاء قدام مع بعض والكل بيحاول يعرف أخبار بعضه. بيشتغل فين دلوقت؟ وبقية عيلته أخبارها إيه وولاده وصلوا فين في السن والدراسة. كده يعني. المهم جت سيرة بنوتة صغيرة لكن لهلوبة في المذاكرة. تيجي من المدرسة جري تفتح شنطتها وتطلع واجباتها وتعملهم كلهم في ثواني وترجع الكتب والكراسات فيها تاني وتُدخل بقى على امتحانات في كل المواد وتحل فيها بكل شطارة من غير ما حد من الوالدين يحس بيها أو يعول همها. (سامعة أهالي بتقول في نفسها وهي بتقرا: هو في كده؟😊). وحكى لنا الأب واحنا طبعاً فطسانين من الضحك، إزاي أوقات تجيله وتقوله “بابا، ممكن تِسَمَّعلي؟” وهو بكل ترحيب يقول لها “آه ياحبيبتي”. فيلاقيها مش مستنياه حتى يقول السؤال لإنها مش بس حافظة الإجابة لكنها كمان حافظة السؤال. وطبعاً الأب بيكون طاير من الفرحة لإنه أولاً مابيبذلش مجهود نهائي أكتر من مسكة الكتاب وثانياً علشان بنته شاطرة ومتفوقة كده.
ممكن يكون في طفلين في البيت. واحد زي بنت أصدقائنا دي والتاني مختلف. محتاج حد يقعد يذاكر معاه. حد يفكره طول الوقت إنه لسه ماعملش واجباته ويفضل ينده عليه “هات شنطتك وطلع كتبك” ويعافر معاه علشان يبدأ مذاكرته، ويفضل يساعده ويقوله السؤال ويساعده في الإجابة. أنا عارفة إن في آباء كتير قادرة تشوف نفسها في الموقف ده وبيتمنوا يشوفوا عيالهم من النوع الأولاني. وفي حقيقة الأمر حبهم لولادهم أمر ثابت سواء كانوا شاطرين أو متعثرين. بس أد إيه بتكون الفرحة لما تلاقي ابنك المتعثر ده واللي محتاج تنبيه وزَقّ طول الوقت بيتحول إلى طفل شاطر سريع عارف واجباته وبيخلصها زي اخوه اللهلوبة.
بالرغم من إننا في حياتنا مع ابونا السماوي مفيش واجبات بتُملى علينا لكن في أعماقنا بنكون عارفين إيه اللي بيبسطه وإيه اللي بيزعله. وصاياه كلها مكتوبة وهو دايماً متمني إننا نحفظها ونعمل بيها، بس حبه لينا عمره ما بيتغير. بيفضل ورانا يساعدنا ويشجعنا علشان نكون زي الطفل المريح اللي مش بيتعب أهله لا في مشاكل ولا في تعثر في الدراسة.
أنا شفت لأبويا كتير نظرات حزن في عينيه وأنا مش بأعمل أي مجهود في الواجبات اللي عليَّ. متعثرة وبطيئة الفهم والإنجاز، بس في أوقات بعدها، لما بامسك في إيد المعونة الممدودة لي واتشدد بيها، بأنجح. وساعتها بأشوف نظرة آسرة نابعة من وجه تعلوه ابتسامة كبيرة لابويا السماوي بتحكي كلام كبير عن فرحته بيَّ ورضاه عليَّ. نظرة رهيبة تستحق إني أقوم من كسلي واجتهد وانجح وأخلص اللي ورايا واسَمَّع السؤال والإجابة وألِّم كتبي وكراساتي في شنطتي وأكون مستعدة. واسمع همساته الفرحانة بيَّ في ودني وهو بيقول لي “this is my girl” “دي بنتي”. فأفرح أنا كمان لإني تحولت من كوني سبب حزن وأصبحت سبب بهجته. ياه ه ه أد إيه شعور روعة.
“لِأَنَّكَ أَنْتَ تُبَارِكُ ٱلصِّدِّيقَ يَا رَبُّ. كَأَنَّهُ بِتُرْسٍ تُحِيطُهُ بِٱلرِّضَا.” (مزمور ١٢:٥).