يقول بولس الرسول: وإذا كان رجاؤنا في المسيح مقصورا علي هذه الحياة, فنحن أشقي الناس أجمعين (1 قورنتس 15:19). كان أحد الزاهدين يبحث في ليلة من ليالي الشتاء القارس عن مأوي له داخل أحد المعابد, وكان هذا المسكين يرتعش من شدة البرد, وعندما رآه كاهن ذلك المعبد البوذي, تردد أولا في قبوله, ولكنه بعد ذلك قام بضيافته بشرط أن ينام هذه الليلة فقط, موضحا له: هذا معبد وليس دار مسنين, لذلك يجب عليك أن ترحل في الصباح الباكر وبعد منتصف الليل سمع الكاهن انفجارا مدويا, فذهب ليتحري الأمر, فرأي مشهدا لا يصدقه عقل, وجد هذا الشخص الغريب جالسا أمام النار التي أعدها بغرض التدفئة, ثم اكتشف اختفاء التمثال الخشبي لبوذا, فسأله: أين التمثال؟ فأشار الزاهد إلي النار مجيبا: كنت سأموت من البرد, لذلك قمت بهذا فانهار الكاهن صارخا في وجهه: هل أنت مجنون؟ هل تعرف ماذا ارتكبت؟ إنه تمثال بوذا, لقد أحرقت بوذا!
وعندما بدأت النار تخمد, قام الزاهد بتحريكها بالعصا, فصرخ الكاهن قائلا: والآن ماذا تفعل؟ فأجابه: إنني أبحث عن عظام بوذا التي أحرقتها كما تتهمني.
فاضطر الكاهن للذهاب إلي أحد المعلمين ذوي الخبرة ليحكي له الأمر, فاكتفي بهذا التعليق: أنت لست كاهنا كما يجب, لأنك أعطيت قيمة أكبر لتمثال من خشب عن إنسان حي.
مما لا شك فيه أن الهدف الأول من آلام وموت وقيامة السيد المسيح هو خلاصنا, وإعلاء قيمتنا الإنسانية والحفاظ علي كرامتنا لأننا أسمي جميع الكائنات.
إذا هل لدينا رجاء حقيقي في القيامة, أم خابت آمالنا كما حدث مع تلميذي عماوس بعد قيامة السيد المسيح, عندما قال أحدهما: وكنا نرجو… (لوقا 24:21), لأنهما لم يصدقا هذا الحدث العظيم قبل لقاء السيد المسيح معهما في الطريق؟ هنا يجب علينا أن نميز بين الرجاء والتفاؤل, لأن القيامة تمنحنا رجاء له معني خاص, ليس كالآمال التي نتمناها في حياتنا اليومية المعتادة التي فيها نتمني الشفاء من مرض, أو عدم حدوث مشكلات لنا, أو تجنب الاصطدام بكوارث, كما نتمني الحصول علي المزيد من المال والجمال والصحة فقيامة السيد المسيح تمنحنا الرجاء الحقيقي لحياة أفضل سواء في هذه الدنيا أو في الحياة الأبدية فالرجاء الحقيقي يغير نظرتنا للواقع إلي الأفضل, وكان هذا هو هدف السيد المسيح الذي يعتبر الإنسان في المقام الأول وضحي بذاته من أجله, لأنه الأهم في جميع المخلوقات, إذا لا نتمثل بتلميذه عماوس اللذين كانا يحملان رجاء مرتبطا بالماضي فقط, حتي أنهما أعتبرا رجاء اليوم خدعة بالنسبة لهما, لأنهما لم يكتشفا أو يتحققا من قيامة السيد المسيح حتي تلك اللحظة, لم يكن عندهما صبر للأنتظار والتمعن, كما أنهما اعتبرا الأيام الثلاثة التي مرت علي قيامة السيد المسيح مدة طويلة, ونستشف ذلك من قول أحدهما:…
ومع ذلك كله فهذا هو اليوم الثالث مذ حدثت تلك الأمور (لوقا 24:22). مما لا شك فيه أنهما كانا يحملان رجاء هشا لم يتحمل مرور ثلاثة أيام وكأنها دهر بالنسبة لهما, وهذا ما يحدث معنا كل يوم ولا نستطيع الانتظار وينفد صبرنا ورجاؤنا في لحظة, كما نفقد الأمل في كل ما كنا نرجوه ولم نحصل عليه, حتي أن هذا يؤثر علي قوة إيماننا أحيانا. نريد تحقيق كل ما نتمناه في اللحظة وبأقصي سرعة, ونحصل علي ما نطلبه من الله في الحال. من منا يستطيع أن ينظر إلي ما وراء الأحداث؟ ما وراء الصعوبات والآلام وغيرها, ما وراء الحياة الأرضية؟ من منا يستطيع أن يري النور الحقيقي داخل النفق المظلم في حياتنا؟ من منا يعتبر آلام هذه الحياة تذكرة عبور للدهر الآتي؟ كنا نرجو…
نحن نعيش عصرا نحتاج أن نبوح فيه بما بداخلنا قائلين: كنا نرجو أن يختفي كل شر, أن نكون في عالم أفضل من هذا, أن ننتمي إلي أسرة أكثر ثراء, أن تكون بلادنا كلها رخاء وسلاما وطمأنينة, وأشياء أخري من هذا القبيل وإن لم تتحقق كما نرسمها نحن, يضعف إيماننا ونعاتب الله, لكن قيامة السيد المسيح تمنحنا قوة الرجاء, وتعطينا الثقة في أن كل آلامنا وأتعابنا ومصائبنا لن تذهب سدي, ولكنها ستحملنا لعالم أفضل, طالما أنها كانت من أجل هدف سام ومن أجل خير الآخرين, كل عام وجميعنا بخير وسلام, وبركة القيامة تحل علي جميعنا.