علي امتداد سنوات طويلة حتي منتصف الستينيات كانت وزارة التربية والتعليم حريصة علي ترسيخ القيم والمبادئ التربوية والدينية والأخلاقية في مدارسنا من أجل التنشئة المثالية لأجيالنا.. ترسيخ هذه القيم كان بارزا وحيويا وميدانيا من خلال دعم وتأكيد التربية الدينية والاجتماعية والوطنية والرياضية والفنية والموسيقية والزراعية والمسرحية والصحية والأخلاقية والعسكرية, وحينما تتم التنشئة علي هذه الركائز تتحقق الثروة البشرية ببناء أجيال قادرة علي تحمل مسئولية بناء الوطن وتحقيق النهضة والريادة العالمية.
التربية الاجتماعية كانت تعني مشروعات ميدانية حيوية, جماعات الشرطة والمرور والانضباط التي انطلقت في الشوارع في كتائب متدفقة بالتنسيق مع وزارة الداخلية نجحت في تحقيق الانضباط والأمن وتنظيم المرور.. جماعات الهلال والصليب الأحمر انطلقت ميدانيا في المستشفيات والمستوصفات والمراكز الطبية لتسهم بطاقاتها وتتحمل مسئولياتها إزاء الوطن.. انطلقت مشروعات الخدمة الاجتماعية بالمدارس الثانوية بنين وبنات للبناء والتعمير والتشجير والنظافة تحت مظلة أجهزة الخدمة الاجتماعية المدرسية واتحادات الطلاب, كتائب الطلبة والطالبات انطلقت في الإجازة الصيفية لتنفيذ هذه المشروعات وكان الحصاد ثريا وإنجازا عظيما سجلته أجهزة وزارة التربية والتعليم علي امتداد سنوات طويلة, لأن من يتحمل المسئولية التي تنوء تحت ثقلها الجبال لا يمكن أن يشوه جمال بلاده أو يصيب وطنه بسوء!
مواد التربية الزراعية والفنية والاقتصاد المنزلي في المدارس الثانوية تحولت إلي مشروعات قومية ضخمة بأسهم الطلبة والطالبات فأقيمت المعارض المدرسية السنوية بالاشتراك مع المدارس الزراعية بأسعار رمزية أبهرت الرأي العام.
المدارس الصناعية ارتبطت تدريبيا وميدانيا بالمصانع والشركات الإنتاجية فتحولت إلي قلاع إنتاجية بمشروعات رأس المال وأسهمت معارضها بجودة منتجاتها وأسعارها التنافسية في خدمة الاقتصاد القومي وتخفيف الأعباء عن المواطنين, بالإضافة إلي تشجيع الطلبة والطالبات والمدرسين بصرف نسبة كبيرة من الأرباح لهم, ولعل ذلك كان سر تدفق الطلبة والطالبات علي المدارس الصناعية التي تحولت إلي قلاع إنتاجية بالإضافة إلي البعثات السنوية للخارج التي كان يتمتع بها الطلبة المتفوقون.
مادة التربية العسكرية التي كانت تدرس في جميع المدارس الثانوية بنين وبنات بقياة ضباط وضباط الصف بالقوات المسلحة رسخت قيما عسكرية وأخلاقية نبيلة في نفوسهم, وكانت درعا قويا لتحصين أجيالنا من براثن الانحراف والتطرف, ولعل الكتائب العسكرية لهذه المدارس التي كانت تشارك في عروض القوات المسلحة في المناسبات والأعياد القومية كانت مرآة صادقة لمصانع الأجيال.
كانت وجبتا الفطور والغذاء تصرفان يوميا لتلاميذنا, مع صرف الحصة التموينية لهم أسبوعيا من اللبن الجاف والجبن والزبدة والحلاوة والدقيق والكويكر حتي منتصف الستينيات أحد الركائز الأساسية للرعاية الصحية لأجيالنا اختفت واختفي معها العيادات المدرسية.
البقية العدد المقبل