قضية:
لا نتعلم من أخطائنا.. افتقدنا السياسات الحكيمة والدراسات والتخطيط العلمي ومراعاة النمو المستقبلي عند إنشاء أية مدينة سكنية.. منذ أكثر من ربع قرن نتعامل بسياسة رد الفعل في ظل غياب علم إدارة الأزمات والكوارث.. تجاهلنا تحذيرات خبراء هيئة الأرصاد الجوية عن موجة التقلبات الجوية والسيول.. غرقت الشوارع والأحياء والمباني في السيول, أصيبت الحركة المرورية بشلل تام, رغم أن السيول لم تستغرق أكثر من ساعتين فما بالك لو استمرت يوما أو يومين؟
تصوروا أتوبيسا سياحيا بعشرات السائحين غرق في مياه السيول, إنها صورة تنسف عشرات الملاحق والمجلدات للدعاية عن السياحة في مصر!
المضحك أن تعلن بعض الوزارات عقب الكارثة عن خطتها لاستغلال الأمطار الغزيرة التي شهدتها مصر, والكشف عن خطة لمواجهة إمكانية تعرض البلاد لموجة جديدة من الأمطار والطقس السيئ.. كنتم فين من زمان؟
أين كانت هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز مدينة القاهرة الجديدة والجهاز التنفيذي لمياه الشرب والصرف الصحي طوال السنوات الماضية.. أين المراجعات والمسح الشامل للأجهزة الفنية والوقائية وطرق تشغيل الروافع والمحطات وموقف التشغيل والصيانة للاطمئنان علي مواجهة الأزمات والكوارث؟
هل تجول أحد المسئولين عقب الكارثة في حواري وأزقة إمبابة والمرج وعزبة النخل والخصوص وعين شمس وبولاق الدكرور؟
تهوي الكوارث والمصائب علي رؤوسنا فتنطلق سيول التصريحات التي تعتذر وتتوعد المقصرين والمهملين والفاسدين, وتتعهد بفتح صفحات جديدة وأساليب علمية حديثة تتسم بالشفافية والتأهب واليقظة, وتتوالي الصدمات ثم نكتشف أننا نعيش في مستنقع الفساد!
معظم أجهزة الدولة تصدعت, لأن سوس الفساد ينخر ويعيش فيها, ولعل الضربات اليومية لأجهزة الرقابة الإدارية تكشف لنا حجم سرطان الفساد وفضائح الذمم الخربة والضمائر المتهرئة!
لا أحد يحاسب أو يحاسب, من الذي ردم البالوعات ومصافي صرف مياه الأمطار بشوارع محافظات الجمهورية منذ أكثر من ربع قرن؟
من الذي تراخي أو تواطأ أو أهمل تنفيذ آلاف قرارات إزالة المساكن الآيلة للسقوط في أنحاء الجمهورية منذ سنوات طويلة.. تصوروا حجم الكارثة لو حدث زلزال مفاجئ.. سيتكرر نفس السيناريو والضحايا والخسائر والتصريحات ثم سرعان ما ننسي!!