أنا الراعي الصالح أعرف خرافي وخرافي تعرفني(يو10:14) جميعنا يعلم جيدا أن الله هو الراعي الصالح,والراعي الصالح هو شخص ودود ومحب,كما أنه يعرف كل شئ,فهو السيد الذي يعتني بنا,هو الأب والأم الذي يريد أن يتقاسم معنا مصيرنا,فهو يتألم معنا ومن أجلنا خاصة عندما يجدنا ضالين ومتألمين.وعندما نقرأ إنجيل يوحنا الذي يصف لنا الراعي الصالح,نكشف أن السيد المسيح يرغب في أن يقيم علاقة حب حقيقية بيننا وبينه مبنية علي التضحية وبذل الذات,وأن نحيا به وفيه ومعه,يريد أن نعرفه جيدا كما هو يعرفنا,كما يعرف الآب والآب يعرفه,هذه المعرفة ليست مبنية علي الذكاء أو العلم أو الثقافة,ولكن علي المحبة الصادقة,لكن هذه المعرفة ترعب البعض وتقلقهم كما يحدث في عائلاتنا,فإذا تفحصنا كل العائلات سنكتشف الآتي بأنه نادر مانعرف بعضنا البعض,كما أن الكثير يعتبر هذه المعرفة خطرا وكشف المستور.أي زوج يستطيع أن يصارحنا بأنه يعرف زوجته معرفة جيدة كما تعرفه هي؟
أو أي زوجة تعرف زوجها حسنا كما يعرفها هو؟أين الوالدان اللذان يعرفان أولادهما كم هم يعرفونهما,أو الأبناء الذين يعرفون والديهم كما يعرفونهم؟كثيرا ما سنكتشف بعد هذه التجربة أن الغموض يعم العائلات حتي المترابطة,كما من الأسرار الخفية بينها؟كم من الصمت؟كم من الموضوعات التي لاتقال ويفضل كتمانها أو إخفاؤها وعدم الإعلان عنها؟مبررين ذلك بأنه من المستحيل فهمها,لأنها إذا قيلت ستكون العواقب وخيمة!كم من الكذب نتفوه به طوال اليوم؟كم من الكوميديا نفتعلها ونصرح بها استمرار؟لذلك يجب أن نسمع لكلام السيد المسيح ونحب حبا لا غش فيه حتي نصبح واضحين,كما يجب علينا أن نحب بلا قيود أو شروط حتي نثق فيمن نحب ونبوح له بكل ما بداخلنا ونكشف عن حقيقتنا الداخلية.إذا,هل نستطيع أن نستسلم للرب كليا؟
نحن نثق أن الرب يعرفنا جيدا,ولكن هذه المعرفة تخلق فينا أحيانا كثيرة خوفا أكثر منه سعادة.علمونا منذ الصغر أن الله يعرف ويري كل شئ حتي أننا تخلينا أنفسنا تحت مجهر التجسس لمحاكمتنا علي كل ما نفعله للأسف لم نفهم المعني الحقيقي لمعرفة الله لنا,وهو أنه يفكر فينا ويتبعنا لحظة بلحظة حتي يساعدنا لنسير في الطريق الصحيح,كما أنه يحنو علينا وينقذنا من الشر الذي نفعله.
إذا,ماذا يجب أن نفعل لنعرف الرب؟كيف ندخل في هذه المحبة المتبادلة المبنية علي الثقة,ونشعر بالدفء عندما نقترب منه؟بالطبع,هذه المعرفة ستقلب حياتنا رأسا علي عقب,لكن إن لم نعرفه كما يجب لن نصبح من خرافه:خرافي تعرفني…وتصغي إلي صوتي.
من ذا الذي يجرأ علي احتمال ألا يكون من خرافه؟من لايريد معرفته؟إذا,أين نعرفه؟كيف نعرفه نحن الذين لم نراه بأعيننا أو سمعناه بآذاننا؟يجب أن نعرفه جيدا في كل قداس عند كسير الخبز كما حدث مع التلاميذ,لأنه أثناء العشاء الأخير وأمام تلميذي عمواس وأمامنا نحن الآن يعيد نفس الشئ,وهو أن يأخذ الخبز ويكسره ويعطيه لكل واحد منا قائلا :خذوا كلوا هذا هو جسدي لا يستطيع أحد أن ينكر أهمية الخبز الذي يحفظ حياتنا,لأنه بدون خبز لاتوجد حياة,ومن يعطي هذا الخبز يمنح حياته,إذا السيد المسيح يعطينا جسده أي حياته,ولذلك مات وقام من أجل كل شخص منا كما يحدث في كل أسرة الأب والأم يعطيان حياتهما من أجل أبنائهما,كيف يستطيع أن يعرف الأبناء والديهم؟أين تجتمع الأسرة لتتعارف وتتحاب وتتمتع بلحظات سعيدة معا؟بلا شك حول مائدة الطعام هذه المائدة تظهر تضحية الوالدين ليستطيعا توفيرها لأن كل تضحية يقدمها الأب في العمل وما تقوم به الأم داخل المنزل يعبر عن هذا الحب,فكل تفكيرهما هما هو إسعاد أبنائهما لذلك أراد السيد المسيح أن نعرفه من كسير الخبز الموجود علي مائدته التي دعينا إليها,وبهذه الوسيلة نتقرب إليه ونعرفه ونشعر بقيمة المحبة التي قدمها لنا ليوفر لنا هذا الطعام.