حينما خلق القدير آدم علي صورته نظر إليه قائلا: ليس جيدا أن يكون آدم وحده فأصنع له معينا نظيره فمنذ البداية خلق الله الإنسان في عائلة وتلك الحقيقة مصدرها الله نفسه في طبيعته فالله هو ذاته هو الإله الواحد ثالوث الأقانيم فهو الجمع المفرد غير القابل للانقسام, فالعلاقة والمحبة متبادلة في ذاته بين الآب والابن والروح القدس.. لذلك حينما صنع الله حواء قال لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدا واحدا ولم يكن حينذاك وجود للأب والأم ولكن كانت هي الصورة التي يعنيها الله في تكوين عائلة. هذه هي إرادته عائلة فيها التنوع بين الأفراد ثراء وغني وشبعا وتكاملا وأمانا دون تفريق ودون محاباة بل الكل في مساواة, وفي ذكر تلك الصورة الإلهية التي تنم علي الاكتمال يجب أن أوضح لك عزيزي القارئ أن تلك الصورة قد فسدت كليا فالأب والأم لم يعودوا واحدا كما أراد لهما الخالق الواحد. الخيانة والكذب احتلا موقعا رئيسيا في عائلات كثيرة فخربت الأسرة فالآباء لم يعودا معطاءين مضحين ولم تعد الألفة بين الأبناء كما في السابق تضاءل الاحترام وانعدمت المودة مما أدي إلي مشاكل وانحرافات أخلاقية ونفسية وروحية وهذا أدي إلي خراب مجتمعات بأسرها بل وشعوب أيضا.
لكن وحتي جاء المسيح بالخليقة الجديدة التي أنهت علي كل ما هو قديم الأشياء العتيقة قد مضت, هوذا الكل قد صار جديدا لم يأت ليصحح ما قد فسد بل قد جاء ليخلق إنسانا جديدا صانعا عائلة ومجتمعا جديدا كالصورة الأصلية في جنة عدن ليصير الله أبانا والرب يسوع الأخ الأكبر وكلنا إخوته وأخواته لقد تحقق هذا الحلم واكتملت الصورة داخل الكنيسة بدءا من تلاميذه وحتي يومنا هذا من خلال اتحادنا في تعليم الرسل والشركة معا والعلاقة الحميمة علاقة الدم واللحم فهي ليست صداقة أو زمالة, عائلة ومجتمعا آخر غريبا عن الواقع فقد كان كل شيء بينهم مشتركا حتي أموالهم رغم عددهم الذي وصل إلي خمسة عشر ألف عضو في تلك الكنيسة, فأصبح أمامهم السارق معطاء والبخيل مشاركا فما أجمل التغير الإلهي بعمل الروح القدس. ونحن الآن نتوق لتلك الشركة وهذه العلاقة فالإنسان في طبيعته يميل إلي تحقيق هذه الوحدة في عائلة كبيرة ولكن للأسف أصبح معظم المؤمنين حاليا لا ينتمون إلي عائلة ومجتمع فيه الوحدة والشركة, الحب والانتماء ولكن إلي اجتماع وما أعظم الفارق. كانت العلاقات في ذلك الوقت في قمة مجدها الروحي والنفسي بحضور الروح القدس فقد كانوا يواظبون علي الصلاة والشركة مع النساء في وحدة ومساواة أمام الرب. قارئي العزيز, أدعوك أن نكون معا عائلة وجسدا ومجتمعا جديدا, مع أعضاء كنيستك وإخوتك, لتنمو الشركة والوحدة, الحب والانتماء بعضنا البعض ليعرف الجميع أنكم تلاميذ للسيد.