ليست السعادة أن تنال شيئا,بل أن تكون شيئا(الكاتب العظيمFrank Crane).يعتبر الناس أن عدو سعادتهم يأتيهم من الخارج,ولكن هذا خطأ شائع,لأن العدو الحقيقي الذي ينزع سعادتنا موجود بداخلنا,وبمعني أدق هو نحن,لأن الأعداء الخارجين لا يستطيعون نزع سعادتنا الداخلية,وكما يقول السيد المسيح لتلاميذه:وما من أحد يسلبكم هذا الفرح(يوحنا16:22),لأن الذي يسلب الفرحة هو صاحب الشأن…وهناك أمثلة مختلفة علي ذلك:
أ-فالأناني هو عدو سعادته الشخصية,فمن يعتقد أن يضع نفسه في المركز أو في الصدارة,أو من يملك فكرة مزيفة عن نفسه,يصل به المطاف إلي فقدان السعادة والسلام,ويعيش في صراع دائم مع ذاته والآخرين.أما التواضع فهو القاعدة الأساسية والصحية للسعادة,ونجد مثالا علي ذلك عندما ترنمت القديسة مريم:ها أنا أمه الرب,لأن هذه الفضيلة تحملنا علي السعادة فهي تضع كل شيء في مكانه الصحيح وتقدر الأولويات معترفة بأن الله تعالي فوق كل شئ وقبل كل شيء.والأنا لا مكان لها لأن الله هو البطل الرئيسي ويجب أن تسلط عليه كل الأضواء,ومكاننا الأصلي وراء الكواليس,أي أن الله كل شيء ونحن لاشيء.لنتعلم من الطفل ونعتبره قدوة وعبرة,فهو نقي وشفاف ودائما في سعادة,لأن يضع كل ثقته في والديه وليس في ذاته,إذا نحن أيضا سنحصل علي السعادة الحقيقية عندما نضع كل ثقتنا في الله لأنه أساس ومصدر كل شيء, ولا نعتبر ذواتنا الكل في الكل.
ب-العدو الثاني هو ادعاء الشخص بأن عمله هو أهم شيء في الدنيا,ونكتشف ذلك من خبراتنا المتعددة عندما يتحدث أحد الأفراد عن ذاته ويجعلنا نشعر بأن هذا المستشفي أو تلك المدرسة لا وجود لهما دونه,وكأن النتيجة هي نهاية العالم,كما أن الناس دون نصائحه ووصاياه سيكون مصيرهم جهنم لا مفر من ذلك ويتصور بأن الله القادر علي كل شيء خلق الكون بإذنه حتي أن العالم مازال موجودا بفضله,ونتيجة كل هذه الخيالات والإدعاءات تجعله يفقد السعادة الحقيقية والتي تقدر قيمة كل شخص ودوره في هذه الحياة,لكن عليه أن يشعر بأنه غير قادر علي أي شيء دون الله والآخرين,لأن من كان الله في قلبه يحمل الفردوس أينما ذهب.إذا يجب أن نعي جيدا بأن السعادة تبدأ من الآن وهنا علي هذه الأرض,وأن نقوم بهذا التحدي وهو أننا قادرون علي امتلاك السعادة في هذه الحياة مهما كانت الظروف التي تمر بنا,وكل شخص منا يضع في الاعتبار بأنه أسعد إنسان في الكون وهذا يمهد له الاستعداد لنوال السعادة الأبدية.يجب أن نصحح بعض المفاهيم الخاطئة عن السعادة,فإذا اعتبرها البعض تكمن في الشهرة يجب أن نظهر له بأنها توجد في الحب الحقيقي بين الأفراد,وإذا ظن آخرون بأنها موجودة في حب التملك,نثبت له بأنها في صميم كينونة الإنسان,وإذا أخطأ البعض في اعتبارها مبنية علي الأخذ فقط,نوضح له بأنها في العطاء قبل الأخذ,كما أن البعض يؤكد بأنها لدي الأثرياء فقط نقول له بأن الواقع أثبت لنا غير ذلك ومن الممكن أن يحصل عليها الفقير ويصبح أسعد من أي شخص ثري لأن السعادة بما نستطيع أن نعطيه وليس بما نقتنيه وسعادتنا نحصل عليها من قلة مشتهياتنا.ونختم بالقول المأثور:إن افتقدت السعادة,ابحث بداخلك عما يداريها.