خلال زيارتى لقبرص، وقد زرتها أكثر من مرة، كنا مجموعة من المصريين فى مؤتمر عالمى، وبعد أن انتهى يوم العمل تناولنا طعام العشاء ثم جلسنا فى شرفة الفندق نتحدث ونضحك ونتسامر، وكاى مجموعة مصرية من الشباب ارتفعت ضحكاتنا وعلا صوتنا، وفجأة فتح باب شرفة العمارة التى امامنا وسمعنا صوتا يقول بالانجليزية: من فضلكم تصبحوا على خير، فقال احدنا: يا سلام ايه الذوق دة الرجل يفتح باب شرفته ليمسى علينا؟!
لكن النادل فى الفندق أسرع الينا قائلا: هذا الرجل يسكن فى البيت الذى أمام الفندق ويريد أن ينام لكنكم تتسببون فى قلقه وعدم تمتعه بالنوم باصواتكم وضحكاتكم، لذلك فهو يقول لكم تصبحوا على خير يعنى هذا وقت النوم ويجب أن تناموا أو تهدءوا.
أضاف النادل: الحقيقة أن نظام قبرص يمنع الضجيج أو الدوشة بعد الساعة العاشرة مساء، وأكثر من ذلك يفرض غرامة على من يسئ للهدوء أو يتسبب فى الازعاج يقدر بخمسمائة جنيه قبرصى- الجينه القبرصى كان ايامها منذ عدة سنوات حوالى خمسة جنيهات مصرية- يعنى الغرامة بالنسبة لنا ستكون عدة الاف من الجنيهات. وقد صدمنا بهذا الكلام وذهبنا للنوم.
فى اليوم التالى عرفنا أن القانون ايضا يمنع الضجيج بعد الظهر من الساعة الرابعة الى السادسة لنفس السبب لراحة المواطنين.
تذكرت هذا النظام الجميل الذى يحافظ على راحة المواطنين وأنا انام ليلا واذ بمجموعة من الاطفال والصبية يلعبون الكرة فى الشارع تحت نافذتى مباشرة الساعة الثانية بعد منتصف الليل واصواتهم تخترق أذنى وخبطات الكرة تصطدم بالسيارات وتزيد الضجيج، خرجت اليهم بعد أن حاولت النوم ولم استطع واذ بهم ينظرون الى وكاننى اتدخل فى حرياتهم وامنعهم من اللعب؟
السؤال الذى يفرض نفسه: أين أهل هؤلاء الاطفال وكيف يتركوهم فى الثانية قرب الفجر فى الشارع؟ ثم لماذا لا يعرفون أن لعب الكرة فى الشارع خطأ وقد يعرضهم للحوادث؟ ولماذا لا نشرح لاطفالنا وشبابنا اهمية الهدوء والنظام وادب الحوار واحترام الاخر؟!
الواقع شعرت بالحزن الشديد على اطفالنا الذين هم شباب الغد كيف يعيشون مغيبين عن القيم والاخلاق.
الموضوع لا يقتصر على لعب الكره بالطبع فالشارع المصرى للاسف اصبح سيمفونية مزعجة من أصوات الكلاكسات والاصوات المرتفعة والميكروفونات الاليمة، وأصوات نباح الكلاب ونهيق الحمير وصهيل الاحصنة واصوات الشباب الحر المرتفعة والتى هى قمة قلة الادب والمسخرة من شتائم بذيئة بالام والاب، واخرى جنسية وثالثة سب دين وهكذا، وكانك أمام “صفيحة زبالة” من الكلام الفارغ الفاسد، يفعل الشباب هذا مع بعضهم البعض وهم يضحكون ويتسلون وكان هذه القذائف القبيحة وقلة الادب شيئا طبيعيا.
الا يحتاج كل هذا الى ثورة اخلاقية فعلا نعلم فيها اطفالنا وشبابنا الذوق والاخلاق وتعاليم الدين؟
وأنا اتساءل أين وزارة التربية والتعليم والنوادى والاعلام الذى ذهقنا ليل نهار بأمور تافهة وقضايا سخيفة.؟ وأين دور الاسرة والقدوة الحسنة؟
أين دور رجال الدين الذين يخرجون علينا كل ساعة من وسائل الاعلام أو ميكرفونات الشوراع أو حتى مكاتبهم الجديدة فى محطات مترو الانفاق؟!
أين وأين وأين؟ ومتى نشعر أننا نعيش فى دولة متحضرة ونحن اقدم دولة قدمت الحضارة والاخلاق للبشريةجميعا؟ حرام والله حرام ما يحدق فى مصر أم الدنيا هذه الايام؟!.