نبدأ هذا المقال الحزين والمهموم بمشهد شهير من برنامج عالم الحيوان الذي تداولته جميع المواقع علي اليوتيوب ونشاهد فيه نمرا مفترسا يطارد إحدي إناث القردة بينما كانت تحتضن صغيرها,وعندما التهمها الحيوان المفترس ليسد جوعه,نراه وجها لوجه مع صغيرها,ولكن المفاجأة المذهلة لمن يشاهد هذا هو أن النمر لم يلتهمه,بل ظل يربت عليه برجله بحنان وشفقة دون أدني أذي تاركا إياه يمضي في سلام,هيا معا نعقد مقارنة بين هذا النمر المفترس وبني البشر الذين لم يرحموا براءة الأطفال ولا صراخ الأمهات في حادث استشهاد 29 مسيحيا في الهجوم المسلح علي حافلتين كانوا يستقلونهما وهم في طريقهم إلي دير الأنبا صموئيل المعترف لا ذنب لهم سوي أنهم مختلفون عنهم في الديانة,للأسف يوجد أشخاص يخترعون أساليب من الوحشية لايتخيلها العقل ولا يتحملها القلب ولا يتقبلها الضمير الواعي والحس البشري.
من قاموا بهذه العملية الوحشية أرادوا أن يهدموا هذا التقليد العظيم المبني علي المحبة بين أفراد الشعب المصري,ونجدهم يتعاملون مع البشر دون رحمة ولا إنسانية ويسحلون دماء الأبرياء وممتلكاتهم بلا سبب,لم يدركوا أن الدين هو علاقة خاصة بين الإنسان والله,كل واحد منا يحترم الآخر مهما اختلف معه في العقيدة وطرق عبادته لله,وليس من حق أحد أن يحاول إجبار الآخر علي اتباع دين معين,هل يصح أن نقوم بالصلوات والشعائر الدينية والطقوس,وفي الوقت نفسه نخالف شريعة الله بقتل الغير؟أو نبني علاقتنا بالله في اللحظة التي نطأ فيها من خلقهم أحرارا يعبدونه بطريقتهم الخاصة,فالمعاملة الحسنة كما تحثنا الأديان يجب أن تكون مع الجميع سواء ينتمون إلي ديننا أو إلي دين آخر,ونعيش هذا الانسجام والتناغم في سيمفونية واحدة كما تقدمها آلات الأوركسترا. ولكن للأسف نحن أمام فكر متطرف لبعض الذين يرفضون الآخر المختلف عنهم دينيا وطائفيا,وقد لحقت بمجتمعنا آفات فكرية وتربوية جديدة لم نألفها من قبل.إذا,ما الحل؟لا سبيل إلي قتل العداوة إلا بالحب,أما البغض فلا يولد إلا الكراهية والحقد,فالحب وحده يبني ويخلق ويشيد,بينما البغض يهدم ويفني ويبيد,لايكفي أن نحيد عن الشر بل يجب أن نصنع الخير ونسعي في طريقه,ولا يكفي ألا نبغض أحدا من الناس فلا نلحق به ضررا,بل يجب أن نحب الجميع ونصنع معهم الخير,ولا يكفي أن نقاوم إبليس حتي لايدخل قلوبنا ويتملك عليها بل يجب أن نحتفظ بوجود الله فيها ويتربع علي عرشها.لذلك يجب علينا أن نتسلح ونتحصن ونبغض الكبرياء حتي لانسقط كالشيطان,فالتواضع والمحبة هما فضيلتان تعوقان عمل الشيطان,لأنه يستطيع أن يرتدي جميع الفضائل الأخري,لكنه لايستطيع أن يقتدي.بالقلب الطاهر المحب,ولا النفس المتواضعة,لذلك كان ينصح النساك المصريون بأن يكون الإنسان كالصخر إذا أهين لايكره,وإن مدح لايتكبر فالبغض لايلحق الضرر بالغير فقط,ولكن إذا تملك علي القلب,يصبح كالسرطان الذي ينهش فينا كل العواطف الإنسانية,ويشوش شخصيتنا, ويشوه كل معاملاتنا وتصرفاتنا,لأنه يختمها واضعا عليها دمغة الحقد والكراهية والتشفي وعدم الإحساس,ومن يكره الآخر تتحول حياته إلي جحيم لأنه ينغصها,ويتعرض لمختلف الاضطرابات والضغوط النفسية والعصبية,ولكن إذا أحب سيحيا في سلام وطمأنينة وهدوء نفسي وعصبي,لذلك نجد طريق التسامح بالحب والإيمان,ونثبت في مسيرة الكفاح ونجد صفاء نفوسنا,ونبني أوطاننا ونصل إلي أهدافنا النبيلة ونحقق أمانينا.