علمنا الرب يسوع تعاليم كثيرة وكان أكثرها بالأمثال ومنها مثل الوزنات, وقد ذكر هذا المثل مرتين إحداهما في متي 25 والأخري في لوقا 19, والقصتان تختلفان عن بعضهما قليلا ولكنهما معا يكملان الصورة. وهذا روعة وجود أربعة أناجيل كتبهم أربعة كتاب من زوايا مختلفة, وكل زاوية تلقي ضوء لم يلقه الآخر, لتوضيح المعني وشرح الفكرة لتصل رسالة الحق.
شخوص القصة كما رواها المعلم تتكلم عن سيد وعبيد وهذا بالطبع لا يماثل واقع ملكوت الله, ففي أدب رواية المثل لا تتطابق كل مفردات المثل علي كل تفاصيل الواقع, فملكوت الله علاقة أب بأبناء. ينادي السيد عبيده ويسلمهم أمواله كل ما يمتلك. ففي إنجيل متي نجده يعطي واحدا خمس وزنات وآخر وزنتين وآخر وزنة, وفي إنجيل لوقا يعطي عبيده عشرة أمناء فقد وزع ماله بالتساوي علي عبيده, ففي واقع الحياة لا يعطينا الله وزنات متساوية القيمة لنخدم بها, لكن في نفس الوقت هو يعطينا بالتساوي حسب طاقتنا وقدرتنا وهذه هي عدالة التوزيع.. فمثلا التغيير الذي يجريه الله في حياتنا هو وزنة هائلة تختلف من شخص إلي آخر بحسب إرادته, وهو يعطينا إياها كيما نغير العالم من حولنا. وعندما يبدأ في الحساب فهو يحاسبنا بنسبة مما أعطانا, فقد تكون النتائج أضعافا ففي ملكوت السموات, الصغير يصير ألفا والحقير أمة قوية, وهذه عدالة حساباته.
أما عن العبد الكسلان الذي أخذ الوزنة وخبأها فقد كان عذره الذي تذرع به أمام سيده أنه إنسان قاس وظالم يحصد مما لا حق له فيه. كان قلب ذلك العبد يتبني صورا مشوهة عن سيده, فبدلا من أن يراه كريما معطاء رآه شريرا ظالما, وهذا عين ما نعانيه صورا مشوهة عن الله في قلوبنا تشكل أذهاننا وتحجب رؤيتنا لإله المحبة الفياضة فنخاف منه ونبتعد عنه بدلا من أن نتدفع ناحيته ونرتمي في أحضانه, ليس ذلك فقط بل هي تحولنا وقلوبنا لتصير مشوهة مثل الصورة التي ننظرها. فكلما نري الله شريرا قاسيا نتحول نحن دون أن نشعر إلي تلك الصورة في الشر والقساوة فنكون مثله, وعندما نري الله صالحا ومحبا نتغير إلي تلك الصورة وتتغير قلوبنا وحياتنا, فنكون أبناء صالحين ومحبين للآخرين.
وأخيرا, إن دخول السماء هو بسبب إيماننا بدم الرب يسوع الذي يبرر الفاجر, ولكن نجما يمتاز عن نجم في المجد هذه هي عدالة المكافأة في اليوم الأخير, بحسب استثمار كل واحد لوزناته وإمكانياته ومواهبه.