الصحافة مهنة جميلة راقية صعبة متعبة، لذلك يطلق عليها: مهنة البحث عن المتاعب، لكن الذى يعمل بها عن حب وهواية وعشق لا يشعر بهذا التعب بل هو يبحث عنه لأنه يشعر أنه صاحب رسالة انسانية ضرورية تتصل بالجماهير الغفيرة فى كل العالم.الصحفى فنان موهوب، فليس كل انسان يصلح للعمل الصحفى، فكما ان المطرب يحتاج لصوت جميل، والرسام يحتاج لموهبة فى اصابعه وخياله، كذلك الصحفى يحتاج لموهبة منذ صغره تظهر عليه فيكتشفها هو ومن حوله، فتجد هذا الطفل الموهوب كثير الأسئلة، محب للمعرفة، يحاور دائما، يبحث عن الحقيقة، هكذا الصحفى الحقيقى موهوب من طفولته، ثم يصقل موهبته هذه بالقراءة والحوار مع الاخرين، نستطيع القول ان الصحفى يملك جينات العمل الصحفى، ثم يتخصص فى اى نوع من الدراسة، وقد تكون دراسة متخصصة فى الصحافة والإعلام، وقد تكون فى غير ذلك، ومع ذلك هو صحفى موهوب ناجح فى عمله دائما، ونحن عندما نبحث فى اسماء اساتذة مهنة الصحافة فلن نجد متخصصين كثيرين فى المهنة بل معظمهم مختلف فى دراسته، فالأستاذ محمد حسنين هيكل الذى رحل عن عالمنا منذ عدة اشهر، كان يحمل دبلوما فى التجارة ثم لانه يملك موهبة الصحافة درس فى الجامعة الامريكية ونجح فى عمله الصحفى واصبح رائدا، كذلك الاساتذة موسى صبرى كان دارسا للحقوق، وعلى امين كان مهندسا، وجلال الحمامصى مهندسا، وكمال الملاخ مهندسا واثريا وانيس منصور معيدا فى الفلسفة وهكذا الصحافة موهبة اولا.الصحافة ليست مقصورة على الرجال بل هناك نساء كثيرات اقتحمن العمل الصحفى ونجحن فيه بتفوق مثل نبوية موسى، ومى زيادة وامينة السعيد وغيرهن.الذى يريد ان يمتهن الصحافة للوجاهة والشهرة، وهو عمل والسلام لن ينجح ويتفوق مادام لا يملك الموهبة، وليس عنده استعداد للتضحية والسهر والبحث عن متاعب الناس ومشاكلها ومحاولة وضع حلول لها، هو عمل صعب متعب مرهق لكن للذين يهوون الصحافة ويعتبروها رسالة انسانية سامية هو عمل محبب جميل، وفى هذا يقول كاتبنا الكبير سلامة موسى فى كتابه: الصحافة حرفة ورسالة: (الصحفى الذى لايغوص فى اعماق مجتمعه يبحث عن مشاكله ويحاول ايجاد حلول لها لا يساوى ثمن القلم الذى يكتب به..) انها مهنة البحث عن المتاعب لكن بالنسبة للصحفى الحقيقى صاحب الرسالة مهنة لذيذة وهواية يقضى فيها معظم ساعات يومه دون كلل او ملل.الصحافة فن وهى تختلف بين فن الخبر والمقال والحوار فى شتى الموضوعات السياسية والاقتصادية والفنية والادبية.وكل من يكتب فى هذه التخصصات هو صحفى، بل وكل من يعيد كتابة هذه المنوعات ويضع تصميم الصفحات ويختار العناوين فهو صحفى، والعنوان فى حد ذاته فن مهم لاننا نقول ان المقال يقرأ من عنوانه.وفى هذا يقول استاذنا جلال الحمامصى فى كتابه: الصحيفة المثالية:(عنوان المقال فن وحتى يكون ناجحا جذابا يجب ان تكون كلماته قليلة لا تزيد عن ثلاث او اربع، وتكون واضحة معبرة عن الموضوع لا تحتمل معينين)..والصفة الرئيسية المهمة فى الصحفى صاحب الرسالة ان يكون صادقا حتى يصدقه الناس ويقبلون على قراءة مقالاته وكل ما يكتب موضوعيا وطنيا مثقفا حتى يقدم للناس ثقافة لان فاقد الشئ لا يعطيه.الصحفيون اصحاب الرسالات، الموهوبون فعلا الصادقون الذى يتعبون ويسهرون ويهرولون من اجل الخبر الصادق والخبطة الصحفية الحقيقة، للاسف، قليلون ولهذا فهم يعتزون بانفسهم ومهنتهم، ليس على راسهم ريشة بل الريشة فعلا فى ايديهم ليل نهار من اجل تكوين الراى العام المستنير، واعداد المواطن الصالح الذى يحب مجتمعه ويخلص له يعشق الخير والحب والجمال.