مع عم خلف في أحدث جراحات الطب
*800طبيب يقومون بجراحات تخفيف الألم في35دولة
*رحلاتنا مع عمخلف بدأت منذ ثلاث سنوات باستئصال الغضروف وتثبيت الفقطنية القطينة بشريحة ومسامير
*40شهرا قضيناها معه نحاول أن نخفف آلامه ونقدم له كل شهرشنطة الدواء
خلف عطا بارح…
هو الاسم الذي يحمله صديقنا القادم من ملوي ويعيش في المطرية…والمقيد في شهادة ميلاده,والمسجل في بطاقته,والثابت في محضر زواجه,وفي كل الأوراق الرسمية التي يحملها.
أيوب المعاصر…
هو الاسم الذي نسميه به من كثرة الآلام التي يعاينها والعذابات التي يعيشها وعشناها معه منذ أن عرفناه وصدقناه وصحبناه في ورحلاتنا لأكثر من ثلاث سنوات وكانت بدايتها 2011/12/12 فسمعنا علي امتداد ألف ومائة وثمانين يوما صراخه…وعشنا معه عذاباته…ورأيناه وهو يتلوي…قعيد لايتحرك…والأكثر أنه عاش هكذا سنوات من قبل أن نعرفه ونصاحبه ونحاول أن نأخذ بيده ونخلصه من عذاباته وآلامه.
صديقنا…
خلف عطاأوأيوب المعاصر صاحبناه هذا الأسبوع في رحلة جديدة هي الأولي من نوعها طوال سنوات خدمتنا ومحاولاتنا المستمرة والدائمة لشفاء المرضي وراحة المتعبين…ذهبنا معه إليطاقةأمل جديدة فتحها لنا الطلب بتقدمه ومحاولاته المستمرة في شفاء كل البشر.
عن…
صداقتنا للعمخلف بارح ومصاحبتنا لصديقناأيوب المصري أحدثكم اليوم.
**دعوني أعود بكم إلي بداية رحلاتنا مع عمخلف أعود إلي أكثر من ثلاث سنوات..وقتها جاءنا بعد أن عاش عشرين عاما يعاني من آلام متقطعة, ووجع شديد في العمود الفقري-علي حد قوله-كان يعمل نقاشا وكلما اشتد عليه الآلم أصبح يعمل يوما ويتوقف أياما… ولم تعد مأساته في الآلام التي تعاوده,ولكن الأكثر في قلة الدخل أوندرته وهو زوج وأب لأربعة أطفال.
**جاءنا عمخلف منحني الظهر,في صوته انكسار وحزن وكآبة بعد أن طاف علي عدد من الأطباء أجمعوا علي إصابته بانزلاق غضروفي يتطلبجراحة عاجلة,وكل طبيب يحدد له رقما لايملك منه قرشا واحدا…اذكر يومها أنني قلت له علي الفور بعد أن سمعت حكايتهماتشلش الهم صندوق الخير سيتكفل بإجراء الجراحة…ومازلت أذكر الفرحة التي كست وجهه يومها بعد علامات الحزن والكآبة التي كانت تغطي ملامحه.
**يومها اصطحبناه إلي الدكتور ماجد شوقي مرجان استشاري جراحة المخ والأعصاب الذي كشف لنا من مناظرته لأشعة الرنين المغناطيسي علي الفقرات,وجود انزلاق غضروفي مع تزحلق للفقرات القطنية ويحتاج لعملية تثبيت للفقرات بشرائح ومسامير…أعود بشريط الزمن وأتذكر هذا اليوم…كان يوما صعبا فالعملية استغرقت خمس ساعات كاملة…لكن ما طمأننا يومها أن الدكتور شوقي مرجان شرح لنا بالتفصيل ماتم في غرفة العمليات مع عمخلف الذي كان يعاني من ألم بالظهر,وتوتر بأعصاب الساقين وعدم القدرة علي المشي نتيجة لانزلاق غضروفي وتزحلق بين الفقرات…
شرح لنا د.شوقي كيف تم توسيع القناة الشوكية واستئصال الغضروف بين الفقرتين الرابعة والخامسة وتثبيت الفقرات القطنية بشريحتين وستة مسامير بلاتينية وهي من العمليات الكبري ولكنها تتم دائما بنجاح ظلنا والدكتور شوقي نتابع عمخلف…كان قد شعر بتحسن كبير واختلاف عما كان,وعاد يمشي ويتحرك بدون ألم…لكن فرحتنا لم تدم…شهور ثلاث وعاد عمخلف يشكو من الألم كلما تحرك!!
**ظل الدكتور شوقي مرجان يرعاه ويتابعه باهتمام وحنو…وأشعر أنه لم يكن معه طبيبا فقط بل كان بالأكثر إنسانا يتعاطف معه ويستقبله في عيادته في أي وقت ودون سابق ميعاد…كان متأكدا من نجاح الجراحة تماما,وهو ما أكدته أيضا كل الأشعات التي أجريناها فيما بعد لنتأكد من سلامة العملية وتثبيت الفقرات…لكن عمخلف كان قد استسلم لليأس,ووضع نفسه في دائرة الكآبة,وفشلت كل جلسات العلاج الطبيعي والمسكنات والمقويات التي كان يقررها له الدكتور شوقي ويقدمها لهصندوق الخير شهريا…وكلما زاد احساسنا بالعجز ازدادنا اقترابا من الرب…لم يعد أمامنا إلا الصلاة…وبعد40شهرا من المحاولات لتسكين الآلم لاح الأمل عندما اقترح الدكتور شوقي عرضه علي الدكتور مجدي إسكندر أستاذ علاج تخفيف الألم.
**لخطتها أحسست أن أبواب السماء تتفتح أمامنا وأن الرب قد استجاب لصلوات كل من سمع صراخه وأحسن بآلامه…لن أنسي الدموع التي كانت تتساقط مع عيني زوجته-أم مينا- وأنا أسألها عنه كلما جاءت مع بداية كل شهر تصرف له الأدوية,أو تأخذ خطابا للمستشفي لعمل أشعة أو تحاليل…ثلاث سنوات رأيتها فيها تتعذب هي أيضا,ولكني كنت أراها دائما صامدة تشكر الرب في كل وقت …في تضحية كاملة خرجت لتعمل بإحدي المنازل لتواجه احتياجات أسرة عائلها لايعمل ويتألم…رأيت فيها الزوجة المخلصة والأم الباذلة.
***
مع الدكتور مجدي إسكندر بدأنا وعم خلف رحلة جديدة…أحسست حقا بمعونة الرب عندما طمأننا الدكتور مجدي…فقال:
**حالة عمخلف ليست غريبة,فأي تثبيت للعمود الفقري يصاحبه ضغط علي المفصل اللي فوق التثبيت والمفصل اللي تحت التثبيت…وهذا الضغط لابد من توقعه لأن التثبيت يتم بشرائح ومسامير صلبة,وبالتالي المفاصل اللي فوقها واللي تحتها دائما تلتهب وهذا ما يسبب الألم,خاصة عندما يستسلم المريض ولايتحرك ولايعطي للمفاصل فرصة التحرك,ولا للعضلات فرصة للمرونة فتظهر الالتصاقات والالتهابات…وهذا ما أكتشفه علم علاج الألم ويحاول التخلص منها بالحقن بالمواد المزيلة والمخدرة.
*عن هذا الجديد لعلاج الآلام سألت الدكتور مجدي إسكندر قال:
**علمعلاج الآلم علم جديد..بدأ في مصر منذ نحو33عاما وتحديدا من عام1983…تعلمته في إنجلترا أثناء دراستي للزمالة,وفي متابعتي للمؤتمرات الطبية تعرفت علي جمعية أمريكية-جمعية الألم العالمية- تقيم مؤتمرا سنويا في أمريكا وآخر في المجر,وتقوم بتدريب الأطباء علي التدخلات الجراحية لعلاج الألم…كان هذا في عام2003,وكنت أول مصري وأول أفريقي,وأول عربي يجتاز هذا التدريب ويحصل علي شهادة علاج الألم..
أذكر أن ترتيبي كان حوالي الأربعين علي العالم,والآن زاد العدد ووصل إلي نحو800 طبيب في العالم حصلوا علي هذه الشهادة وعلي مستوي البلاد أصبح هناك مالا يقل عن35 دولة في العالم تستخدم جراحات تخفيف الألم…
ومنذ عام2006 أشارك في لجان امتحان الأطباء المتقدمين للحصول علي هذه الشهادة بعد اجتيازهم الدورة التدريبية التي تعقد سنويا بالمجر…وفي عام2013 انتخبت رئيس وحدات الألم في العالم وأصبحت مسئولا عن25وحدة لعلاج الألم في العالم.
*عندما انتهي الدكتور مجدي إسكندر من إجابته علي سؤالي كنت قد أيقنت تماما أن يد الرب التي تعمل معنا دائما تمتد وتصحب معنا عمخلف إلي الدكتور مجدي رمزي إسكندر أستاذ التخدير والألم بمعهد الأورام القومي وزميل الكلية الملكية للتخدير بإنجلترا وزميل التدخل الجراحي لعلاج الألم بالولايات المتحدة الأمريكية والممثل التنفيذي لجميع أقسام الجمعية العالمية لازالة الألم…إلي هنا أعاننا الرب…وتحدد يوم الجمعة قبل الماضي-17مارس 2016-موعدا لإجراء الجراحة لعمخلف…لا أقصد بالمعني اللغوي حددنا ولكني أقصد أن الله أراد لعمخلف أن يتخلص من الألم في هذا اليوم.
*لحظات صعبة قضياناها داخل حجرة العمليات مع عمخلف ومحاولات الدكتور مجدي لتخليصه من الآلام…دقائق لم تتجاوز المائة-أقل من ساعتين-ولكنها مضت كالدهر..كنا مع صديقنا المتألم نعيش معه أهم دقائق في حياته,وفي رحلاتنا….نعيش لحظات التخلص من الألم بعد ميلاد جديد لأحدث فروع الطب…فيما كان عمخلف يرقد علي السرير والمساعدون وطقم التمريض يعدون كل شئ استعدادا للحظات الحاسمة التي كنا ننتظرها بترقب…كان الدكتور مجدي إسكندر يطالع آخر الأشعات التي أجريت لمريضنا علي العمود الفقري…كانت صورة الأشعة معلقة علي اللوحة المضيئة…أماكن الالتصاقات كانت واضحة بلونها الرمادي وتعرجاتها وشكلها غير الإنسيابي…من هنا عرفنا ماذا سيحدث وكان الدكتور مجدي قد أوضح لنا من قبل كيف يحاول الطب فك الالتصاقات الموجودة علي الأعصاب والتي تسبب آلاما شديدة للمريض..قال لنا:
**الجراحة التي تستغرق مايقرب من ساعتين تتم تحت مخدر موضعي والمريض راقد تحت جهاز أشعة لنشاهد من علي شاشة العمليات كل مايتم منحقن ومساره,وكل أماكن الالتصاقات التي نحاول حقنها وفكها بمواد مزيلة لها حتي تعود إلي طبيعتها ومرونتها…
*عن خطوات الجراحة كان الدكتور مجدي يقول لنا:
**نحن نتدخل بطريقتين في وقت واحد…الأولي الوصول بـقسطرة من أسفل ظهر المريض إلي أعلي حتي نصل للفقرة الرابعة…والثانية -في نفس الوقت-الدخول من الجنب بـإبرة عند الفقرة القطنية الرابعة…وبهذا نحن نضمن عن طريقالقسطرة القادمة من أسفل والأبرة القادمة من الجنب الوصول إلي المنطقة الملتهبة وإلي أقرب مكان للالتصاقات بالمادة المزيلة لها والمخدرة للالتهابات…نحن بهذه الاتجاهات المزدوجة نطمئن إلي أننا وصلنا إلي المكان الأمامي للقناة فوق الجافية,وهي أقرب مكان يخرج منه العصب للأمام ليغذي العضلات ونطمئن أيضا أن كل الالتصاقات الموجودة علي الجنب أو في الأمام تم الوصول إليها وحقنها.
***عن الأيام القادمة وما نستطيع أن نقدمه لمريضنا …سؤال سألته للدكتور مجدي إسكندر بعد الخروج من حجرة العمليات …قال:
**تأثير عملية تخفيف الألم يتم بسرعة…خلال 12ساعة فقط سيشعر المريض بفرق كبير…سيتحول من مريض يتألم مع كل حركة إلي مريض يتحرك بدون ألم…ليس في هذا سر ولا سحر ولا معجزة…ببساطة الالتصاقات التي كانت حوالين الغضاريف وتسبب له ألما شديدا عند الحركة تخلص منها…العضلات المحيطة الملتهبة والضعيفة عادت لطبيعتها بعد حقنها بالمادةالمرخية وأيضا بمادةمخدرة تقلل الالتهابات.
**المهم هو التعامل مع المريض فيما بعد,فنحن نعرف ويجب أن نعرف أن أي مريض يجري جراحة هو يغير من الطبيعة الفسيولوجية للجسم,ومن الجزء التشريحي للفقرات ومن الصعب أن يعود إلي طبيعته إلا إذا التزم بكل التمرنيات التي تحقق المرونة للعضلات والمفاصل وهذا مالم يلتزم به مريضنا بعد جراحة العمود الفقري,واستسلم لعدم الحركة لمجرد أن الحركة في البداية كانت تسبب له ألما…هذا الاستسلام أدي إلي زيادة الألم مع الأيام وبالتالي لم يعد يتحرك لأن الحركة أصبحت تلازمها آلام أشد…هذا المريض صار مكتئبا ولهذا فنحن سنقرر له أدوية تخرج به من حالة الاكتئاب ونعطيه أيضا في البداية أدوية مسكنة لتجعل إحساسه بالألم أضعف مما كان عليه حتي يعود إلي طبيعته ويتخلص من الأحساس بالألم.
عدت أسأل الدكتور مجدي لماذا لم يطلب-مع روشتة العلاجات التي قررها بعد العملية -لماذا لم يطلب عمل أشعة بالرنين لمقارنتها بالأشعة السابقة لتأكد من التخلص من كل الالتصاقات والالتهابات ..قال:
**لسنا في حاجة إلي هذا لأننا متأكدون من متابعتنا لشاشة الأشعة داخل حجرة العمليات أنه قد تم فك كل الالتصاقات وحقن كل الالتهابات… وسيشعر المريض بالفرق بعد ساعات وسيتحرك بدون ألم…لكن -لاسمح الله-واشتكي المريض مرة أخري من ألم عند الحركة سنضطر إلي عمل أشعة رنين مغناطيسي لنعرف ما إذا كان السبب مازال موجودا أو أن هناك أسبابا أخري…وهذا ما لانتوقعه…
***
**عندما تصلك عزيزي القارئ هذه الكلمات يكون قد مضي عشرة أيام بالتمام علي التدخل الجراحي لتخفيف عمخلف…انتظرت كل هذه الأيام…أجلت الكتابة لتكون كلماتي عندما تصل إليك هي دعوة كدعوة داود النبيذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب…دعوة للمجئ إليه والعمل معه لتوصيل حياة الفرح والسلام لكل القلوب المهمومة والنفوس المنزعجة وتخفيف أوضاع المتألمين وتشديد العزائم الحائرة وتجديد الرجاء في القلوب التي استولي عليها اليأس…دعوة إلي حضن الرب.