بنت سيناء…اختارت الجراحة لنفسها
*صوت الرب ترجم إلي معجزة داخل حجرة العمليات
*استخراج 1/2 لتر صديد من كلية أمكيرلس ومارينا أنقذ حياتها في اللحظة التي حددها الرب
علي سرير مستشفي العذراء بالزيتون ترقد إلهام بعد الجراحة….لحظات تأمل فيما عمله الرب معها
**التشخيص الذي جاءت تحمله وبرفقته صورةالسونار يؤكد وجود حصوة علي الكلي أدت إلي انسداد مجري البول,ويوصي باستخراج الحصوة…كلمات قليلة بسيطة لاتثير إزعاجا ولاتسبب قلقا..الأكثر أنها لاتوحي برحلة العذابات الطويلة الثقيلة التي عاشتها بنت سيناء لأكثر من خمسة أعوام…
**إلهام زهجر شوقي -29عاما- أم للصغير كيرلس -4سنوات- ومارتينا 7شهور…
**من بني مجد مركز منفلوط محافظة أسيوط …ولدت في قرية بسيطة وعاشت حياة بسيطة مع والديها وخمس أخوات…ورغم ظروف الحياة القاسية اجتهدت في دراستها حتي حصلت علي بلوم التجارة وككل بنات قريتها احتفظت بالشهادة وجلست تنتظرابن الحلال في الوقت الذي كان والدها قد ضاق بالحياة في بلدته…وسعيا وراء حياة أفضل وهداه تفكيره أن برحل وأسرته إليسيناء, ففي ذلك الوقت كانت كل الأنظار تتجه إليها باعتبارها الأرض البكر ومدينة المستقبل…
الغريب أنابن الحلالكان هناك فيبني مجد وهي لاتدري…جاء وراءها إلي سيناء…طلبها من والدها وعاد بها إليمنفلوط, وكأنه مكتوب عليها ألا تعيش بعيدآ عن أرض الصعيد أرض الميلاد والنشأة.
**تقولإلهام كنت فرحانة فأنا أحب بلدي والعيش بين أهلي وصاحباتي…لكن القدر لم يمهلني أن أعيش الفرحة كاملة…من يومها والمغص لم يتركني…في البداية قالواالزائدة وعشت شهورا طويلة أعالج علي أنها الزائدة وكانت شهورا كلها عذابات فقد كان المغص قاسيا ولما لم أعد أتحمله.. ارتضيت أن استأصلها لأستريح من العذاب وتحدد موعد إجراء الجراحة…لكن القدر أنقذني منها…لم يكن هذا لحسن حظي بل لأن طبيبا أكتشف في اللحظات الأخيرة أنهمغص كلوي وليسمغص الزائدة…ومن يومها بدأت تتجدد رحلة العذابات شهورا أخري في عداد الأيام هي سنوات عيشتهاأتقطع منالمغص ولافائدة من كل العلاجات, وعندما فقدت كل القدرة علي الاحتمال استسلمت ووافقت علي دخول حجرة العمليات..ومرة أخري لعب القدر لعبته معي ولم تجر الجراحة…في اللحظات الأخيرة عرف الطبيب أننيحامل ورفض إجراء الجراحة…ومرة أخري لم يكن هذا لحسن حظي بل علي العكس تماما…عشت شهورا أخري في عذابات أذوق تعب الحمل وآلام الكلي ..ومضت الأيام قاسية ووضعتمارتينا.. تخلصت منتعب الحمل ولكن لم أتخلص منآلام الكلي بل استمرت وبقسوة أشد لايتخيلها أحد…في الأيام الأخيرة كنت أرتمي علي الأرضأتمرغ من شدة المغص …وأخيرا استسلمت ووافقت علي دخول حجرة العمليات…ومرة ثالثة لعب القدر معي لعبته…لم يكن هناك هذه المرة سبب يعطل الجراحة,إلا أن تكاليفها كانت عالية ووقف زوجي ووالدي عاجزان عن تدبيرها…لكن الرب أنقذني عندما أرشدني خادم بكنيسة مارجرجس العريش إليمحطة وطني.
***
**في مشاركة لآلامها استقبلناها بترحاب..ساعات قليلة وكنا نصطحبها إلي مستشفي السيدة العذراء بالزيتون.. كل الأمور مضت في سهولة ويسر…الأشعة التي جاءت بها حديثة,والتحاليل أيضا, والتشخيص واضح والتقرير الطبي الذي تحمله يوصي بإجراء جراحة لاستخراج الحصوة.
**الدكتور ثابت إلياس استشاري المسالك البولية وجراحات الكلي وضع التقرير جانبا ,وفي هدوء العالم والطبيب الواثق بدأ يحدثها محاولا إقناعها بتجنب الجراحة, واستخدام الأسلوب العلمي الحديث في تفتيت الحصوة..
قال لها:الحصوة واضحة(2.5سم) وهذه يسهل تفتيتها ولا تحتاج إلي تدخل جراحي….ولكنها أصرت علي إجراء الجراحة….حدثها عن مميزات التفتيت وعيوب الجراحة…قال لها التفتيت أسهل وأفضل بكثير, لأننا لانقترب من جسم المريض ولا نعرضه للفتح الجراحي وتبعاته من المكوث في المستشفي مدة أطول وعدم عودته إلي حياته الطبيعية بسرعة, ونجنبه مشاكل الجراحة من احتمال تعرض الجرح لصديد وغيارات قد تطول…ولكنها أصرت علي إجراء الجراحة.
** أكد الدكتور ثابت مجددا أنه علي عكس كل المتاعب والمشاكل التي تصاحب الجراحة فإن التفتيت في النهاية سيؤدي إلي نفس النتيجة, ويخلصها من الحصوة بسهولة مجرد أن ترقد علي السرير -كمن يرقد علي سرير الأشعة لإجراء أشعة- ويتولي الجهاز تخليص الكلية من الحصوة بتفتيتها بالموجات التصادمية, ولاصحة لما يتردد من أن الحصوة التي تفتت تعود مرة ثانية,فهذا يرجع إلي طبيعية الجسم فإذا ما كان الجسم قابلا لتكوين حصاوي فستعود الحصوة, سواء تم التخلص منها بالتفتيت أم بالجراحة…لكن أبدا استمرتإلهام متمسكة في إصرارعلي إجراء الجراحة…واضطر الدكتور ثابت إلياس إلي تجنيب التقدم العلمي في استخراج حصوات الكلي بالتفتيت والعودة إلي الأسلوب القديم بالتدخل الجراحي…استجاب الدكتور ثابت لأصدارإلهام وهو لايدري أنه يستجيب إلي صوت الرب الذي جاء علي لسانه…عرف هذا عندما دخل حجرة العمليات.
**في حجرة العمليات كانت المعجزة…كان صوت الرب يعلن عن رحمته وحنوه علي المساكين لا أهملك ولا أتركك تشدد وتشجعك.
**بعدما يقرب من ساعة خرج الدكتور ثابت إلياس يحدثنا عن المعجزة التي عاشها وذاق معها حلاوة عمل الرب…قال:كنت أعرف -كما هو واضح من السونار-أن كلية إلهام بها حصوة ومحددة (2.5) وأنها سدت مجري البول عند الحالب,ولهذا فالكلية منتفخة نتيجة امتلائها بالبول,وكان التدخل الجراحي لاستئصال الحصوة لفتحالسدد من أمام مجري البول…وهذا أيضا ماكنت أري إجراءه بالتفتيت, لكن مجرد أن فتحنا الكلي لاستخراج الحصوة كانت المفاجأة أن المخزون ليس بولا بلصديدا!!
ويصف الدكتور ثابت هذا الموقف عندما قال لي:استخرجنا حوالي 1/2 لتر صديد سحبناه بسرنجتين طول كل منهما 60سم…أرسلنا سرنجة إلي المعمل لتحليل الصديد,والأخري قدمناها لـإلهام لتتحدث عما صنعه الرب معها.
**عندما أبديت استغرابي لوجود هذه الكمية كلها من الصديد داخل الكلي شرح لي الدكتور ثابت التفسير العلمي لهذا…
قال:في تركيب البول نسبة صديد مابين صفر إلي5%, وعندما يتجمع البول دون تسريب تتكاثر فيه الميكروبات كمياه البرك والمستنقعات,وترتفع نسبة الصديد إلي 10, 20, 30, 40% ,وربما تصل إلي 50% ومايزيد, ويتحول البول كله إلي صديد فيدمر جدار وأنسجة الكلي ولو ترك الأمر قليلا لتدمرت كليةإلهام تماما, ولكننا تدخلنا في الوقت المناسب لأن الرب أراد إنقاذ حياتها.
***
**الآن أستطيع أن أقول:ما أحلي رحلاتنا مع المتألمين والمرضي…تعالوا وانظروا ماذا يفعل الرب معهم…حقيقي أن علاج إخوة الرب ليس ككل العلاجات…الفرق واضح أن يد الرب تكون دائما معهم…وأري أيضا أن عطايا صناع الخير التي تتكفل بمصاريف العلاج ليست مجرد أوراق بنكنوت…أراها مغمورة بالصلوات والدعوات والبركات, وأراها تفيض أضعافا…فعندما اضطرتإلهام أن تقيم في المستشفي عشرة أيام بعد الجراحة ليطمئن الطبيب علي سلامة الجرح والغيار بنفسه, قبلنا الأمر بترحاب كانت عطايا صناع الخير تسبق كل الاحتياجات.