طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى معظم خطاباته بضرورة قيام ثورة دينية حقيقية تعلى من شأن الدين وتعرف الناس المبادئ الحقيقية للإسلام الوسطى المستنير، وعلى حد قوله: لا يمكن أن يكون هناك دين: يحرض على الكراهية ويقتل الأبرياء ويذبحهم كالبقر.
فالإسلام كرم الإنسان ووضعه فى منزلة عالية، كذلك أهتم الدين بالأخلاق، ووصف رسول الله محمد الأمين بأنه على خلق كريم.
يؤكد الرئيس على أننا نحتاج إقامة ثورة من أجل الدين لا ضد الدين، بمعنى ثورة حقيقية تشرح الآيات وتوضحها وتخلص الإسلام من التراث الجاهل والأحاديث المدسوسة والخرافات والخزعبلات التى هى ليست من الدين، ولا يقبلها العقل، وبدأ الأزهر ورجال الدين مسيرة الإصلاح فعلاً، وان كانت البداية فاترة ضعيفة، لكنها بدأت والحمد الله.
الواقع أن الثورة الدينية التى طالب بها الرئيس السيسى ليست هى بنت اليوم، فمنذ مئات السنوات ويطالب كل رجال الدين مسيرة الإصلاح فعلاً، وان كانت البداية فاترة ضعيفة، لكنها بدأت والحمد الله.
الواقع أن الثورة الدينية التى طالب بها الرئيس السيسى ليست هى بنت اليوم، فمنذ مئات السنوات ويطالب كل رجال الدين المستنيرين بهذه الثورة، ولعنا نذكر هنا الفليسوف العربى والعالم والطبيب ابن رشد الذى عاش بين السنوات 1126-1198م، دعانا ابن رشد إلى جعل العقل الدليل والمرشد، كان يؤمن بأن الرهان العقلى يعد اسمى صور الأدلة، ومن هنا نجده يتجه بكل قوته نحو نقد الأدلة الخطابية التى يلجأ اليها عامة الناس، وأن نلجأ إلى التأويل العقلى وقال: أن كل ظاهر من النص، إنما يقبل التأويل على قانون التأويل العربى، التأويل هو دراسة النص جيدا ومعرفة ما بين السطور، وروح النص وجوهره، وقد أقام ابن رشد دراسته لمشكلة المعرفة، على أساس الإيمان بالعقل أساساً، وبين لنا أن التمييز بين الخير والشر، إنما يقوم على العقل وحده، أشرف ما خلق الله فينا، درس إبن رشد مشكلة حرية الإرادة على أساس برهانى عقلانى وليس على اساس خطابى انشائى، وبين لنا أن العلم يعد معبرا عن القوة، قوة الشعوب، قوة التقدم، وأن كان يعد معبرا عن التخلف والظلام. من المؤسف أننا نبحث اليوم عن حلول للكثير من مشكلاتنا فى الوقت الذى قدم لنا فيه ابن رشد منذ حوالى تسعة قرونـ المفتاح والمنهج الذى يساعدنا على حل هذه المشكلات، لقد أهملنا فيلسوفنا ابن رشد وسخرنا- للأسف- منه وهو الذى فتح الطريق أمام الفكر العلمى العقلانى، الذى نحن فى أمس الحاجة اليه الآن، بعد أن انتشر الارهاب والفكر المتخلف البعيد كلية عن الإسلام المستنير، وقتل وعذب الناس بغير سبب.
إلا يدعونا هذا الى ثورة دينية حقيقية من أجل نصرة الإسلام الحقيقى الحنيف الوسطى المستنير، والقضاء على الجهلة والمشعوذين الذين يستغلون الدين من أجل مصالح شخصية ومآرب دينوية؟
لقد خاض الفليسوف ابن رشد العديد من المعارك الفكرية، وانتهى به الحال إلى النفى والطرد فى نفس الوقت الذى استفادت فيه اوروبا من ابن رشد وفلسفته، بل انها تقدمت لأنها اتخذت منه نموذجاً، وقامت فيها حركة رشدية قوية، أما نحن العرب فقد اصابنا التاخر لأن النموذج، كان عندنا يتمثل فى مجموعة من المفكرين التقليديين والذين يعبر فكرهم عن الجمود والتوقف.
من الفلاسفة المصريين الذين نادوا بالتنوير والإهتمام بابن رشد والعقل، الدكتور عاطف العراقى، رحمه الله، الاستاذ بقسم الفلسفة بكلية آداب جامعة القاهرة الأسبق، كان هذا العالم الجليل يصرخ فينا حتى نستخدم عقولنا فى تقبل نصوص الدين حتى نتقدم ونصل إلى ما نريد.
فى كتابه: التنوير والمجتمع، سلسلة إقرأ دار المعارف، يعرفنا الدكتور عاطف العراقى أن تراثنا الإسلامى والثقافى فيه من الخرافات والخزعبلات ماهو أكبر من عدد سكان الدول العربية كلها، وواجبنا الحقيقى أن نستخدم عقولنا فى الفهم، وأن ندرس فلسفة ابن رشد ونطبقها حتى ننقى تراثنا، كذلك طالبنا الشيخ محمد عبده، الشيخ المستنير أن نعتم بالعقل وتأويل النص حتى نفهم ديننا جيدا.
ربما أكون أطلت عليكم لكن القضية مهمة ويجب أن نعيها جيدا، لاننا فى موقف صعب، نكون أو لا نكون.
من هنا أنا أتابع العالم الجليل الشاب المستنير إسلام بحيرى على قناة القاهرة والناس، الساعة السادسة والنصف مساءً، انه يشرح الإسلام الحقيقى المستنير والإيمان القويم ويفيد الأحاديث المدسوسة والعبارات التى تتفق مع الدين، أشعر انه يقوم بنفس الدور الذى قام به مارتن لوثر فى عصر النهضة، من الدعوة الحقيقية لتخليص الدين من الدخلاء والمرتزقة والجهلة، الإسلام يمر هذه الأيام بعصر النهضة التى مرت على المسيحية وفصلت الدين عن الدولة، حتى تقدمت الحضارة الأوروبية، وشعر الإنسان بقيمته وحريته، وأن الدين علاقة خاصة مع الله يذهب اليه الإنسان بكل الحب لا غصباً عنه أو بالقوة.
واتعجب إذا كان الأزهر يريد فعلا تطبيق دعوة الرئيس السيسى فى الثورة الدينية من أجل اعلاء شأن الدين، ونشر الإيمان الحقيقى القوى فلماذا لا يستعين بهذا العالم الجليل إسلام بحيرى مادام الهدف واحد، والثورة على الخرافات والخزعبلات واحدة؟!.