كان رجال الصوفيه الاكابر يفاضلون بين شطره واحده من الشعر فى العشق الإلهى هى :زدنى بفرط الحب فيك تفننا ويرجحون بعد تذوق العارفين ان يقولوها :زدنى بفرط الحب فيك تحيرا ويعتبرون مقام الحيره من أرقى مقامات الحب الإلهى
ويبدو لى إننا غدونا فى مقام حب الوطن كذلك فى مقام الحيره لامقام التفنن فلاتستطيع أن تغادر حب هذا الوطن المريض حتى بعد ان اختلط التاريخ بالخرافه وسلامه النيلى السهلى العذب بعنف هلاوسه الاسطوريه وخفة دم الابناء اهل الدعابه والنكته والظل الخفيف بالمأساه التراجيديه الكبييره فى غلاظة وقساوة افئدة القتله والارهابيين .يبدو لى ان زلزال يناير الرهيب قد خلف توابع ليست بسيطه وان حركة طبقات الارض لاتزال نشطه واننا للاسف الشديد لازلنا نضحك بجنون وهى تهدهدنا برفق كالمولود فى المهد ونبكى عندما ترى اعيننا إنهيار بيوت افكارنا الهشه القديمه وتداعى اعمدة استقرار عواطفنا السهله العريقه فلا تدرى هل هى وعود الانعتاق من التخلف والفقر والجهل والمرض أم هى ضربات القدر تضرب الوادى فى لحن جنائزى حزين .حتى الاخبار التى ترد تنقلنا فى لحظه واحده من البهجه والمرح مثل الاعجاز العلمى فى اكتشاف الجهاز العجيب الذى يحل جميع المشاكل المرضيه الفيروسيه المستعصيه فى بلادنا ويحولها الى كفته وهو الخبر الذى غطى على ماعداه من اخبار طيلة الاسبوع الماضى حتى خبر تشكيل الوزاره المحلبيه وتقلباتها وتحيزاتها وامالها وخيباتها بينما جثامين شهداء الرزق الحلال للمصريين المقاتلين فى صحراء ليبيا اخواتنا الشباب الذين سعوا فى مناكب الارض هربا من الوطن الذى شردهم وغربهم فى فيافى الارض لطلب الرزق النبيل من اجل الاسره والاولاد ليلقى بهم القدر فى يد عصابه من القتله على الهويه الدينيه فى المدن الليبيه التى تعانى ربيعاً عربياً قاتلا بحثوا فى عمارات المغتربين عن ارواح غريبه كادحه لايعلمونها ولم يعاشروها او يعرفوها ولم يعاينوها فقط بحثوا عن الايمان الذى يختلف عن ايمان الذابح بحثوا عن المسيح ليعيدوا صلبه ولاادرى اى مأساه عقليه ان يتقمص القاتل مشيئة الرب إلا لو كان يمثل الاراده الشريره للشيطان نفسه فى هذا العالم كيف تأتى بإنسان لاتعرفه ولم تطلع على دخيلة قلبه ولم تعاشره ولم ترى احلامه واوجاعه وتقتله لانه فقط مسيحى ولانه فقط يختلف عنك فى الايمان ويبدو اننا كبشر فى هذه المنطقه التعيسه من العالم قد ذهبنا بعيدا جدا الى برارى متوحشه جدا فى روح العالم وحكايات التاريخ القديمه المرعبه لااعتقد انها حتى تمثل دينا ولاحضاره ولاتحمل اى من سمات الانسان كما اراد الله له ان يكون .هذه المنطقه من العالم عادت لتحمل روح البربريه والذى يتمثل فى ان يعود القتل عباده تتقرب بها الى مايدعى القاتل انه الله والله على وجه التحقيق برىء كما كان الذئب برىء فى قصة يوسف وإنما أخوة يوسف ألقوا به فى الجب ولكن إخوة يوسف لم يقتلوا يوسف وكذلك لم يقتله الذئب أما الذئاب البشريه المتوحشه فقد قتلوا بلا رحمه سبعه من الشهداء بلا أى مبرر حقيقى تقبله النفس الانسانيه السويه فقط لمجرد القتل للقتل وهى مهمه شيطانيه لاجدال فيها اغرقت وجه صعيدنا الطيب بالدموع وكأنى استعيد مع الشاعر صلاح عبد الصبور قوله :هذا زمن مجنون لايعرف فيه المقتول من قتله ولماذا قتله اجسام الناس على رأس الحيوانات ورؤوس الحيوانات على أجسام الناس ..فلترحمنا يارب من هذه اللحظه المجنونه من تاريخ المنطقه والعالم حتى تعود لنا على الاقل انسانيتنا ان كان الناس قد فقدوا فيه معنى الرحمه وظنوا القسوه والقتل دينا وربا معبودا .