منذ اندلاع حركةتمرد وخروج ملايين المصريين إلي الميادين والشوارع عبر مصر في30يونية الماضي وماتبع ذلك من أحداث فارقة في تاريخ مصر وثورتها ضد التيار الديني وجماعة الإخوان المسلمين,تعرض الأقباط إلي حرب شعواء للتنكيل بهم بهدف عقابهم علي خروجهم مع المصريين للإطاحة بحكم محمد مرسي وجماعته-
منذ اندلاع حركةتمرد وخروج ملايين المصريين إلي الميادين والشوارع عبر مصر في30يونية الماضي وماتبع ذلك من أحداث فارقة في تاريخ مصر وثورتها ضد التيار الديني وجماعة الإخوان المسلمين,تعرض الأقباط إلي حرب شعواء للتنكيل بهم بهدف عقابهم علي خروجهم مع المصريين للإطاحة بحكم محمد مرسي وجماعته-وكأن الأقباط طائفة منفصلة عن النسيج المصري والأجدر بها الابتعاد عن حلبة الصراع السياسي!!!-لكن الحقيقة أن الأقباط منذ ثورة25يناير2011 شاركوا بكل مشاعرهم الوطنية في ميادين الثورة,لم يتعمدوا الظهور كفئة أو طائفة أو جماعة منفصلة عن المصريين بل ذهبوا وامتزجوا مع أقرانهم وإخوتهم في الوطن وذابوا وسط الجموع الهادرة وانصهروا في الوعاء الوطني الثوري…فيكف تتصور جماعة الإخوان أنه كان ينبغي فصلهم أو إقصاؤهم عن النسيج المصري وبالتالي يتم الانتقام منهم لو لم يفعلوا ذلك؟!!
لكن هذا الموقف الوطني الرائع للأقباط لم يكن موقفا مصطنعا لمؤازرة الثوار ضد الإخوان بل كان التحاما طبيعيا عفويا تلقائيا من الأقباط مع المصريين,جنبوا فيه قبطيتهم وقدموا عليها مصريتهم لإنقاذ هذا الوطن مما حاق به من مؤامرات لاختطاف ثورته واغتيال وطنيته ووسطيته وحداثته.
هكذا اعتبر الإخوان والإرهاب الأقباط مستحقين للعقاب,وهكذا انطلقوا يكيلون لهم الضربات وينكلون بهم…هاجموا كنائسهم بشراسة واعتدوا علي بيوتهم وحقولهم وأعمالهم بضراوة واتخذوهم رهائن واستباحوا أعراضهم وحياتهم….صحيح أن المصريين عموما نالوا ما نالوا من ضربات الإرهاب وإجرامه,لكن-وذلك دوما حال الأقباط-كان علي الأقباط أن يتلقوا القسط الوافر والنصيب الأكبر ويدفعوا ضريبة إضافية بسبب قبطيتهم…ولعل حصيلة الحصر الذي جري-ويستمر- للخسائر التي حاقت بالإقباط علي يد الجماعات الإرهابية منذ30يونية الماضي وبعد اشتداد وطأتها منذ14 أغسطس الماضي-تاريخ فض اعتصامي رابعة والنهضة- تثبت أن الضحايا والمصابين والرهائن يشكلون رصيدا إنسانيا مؤلما علاوة علي رصيد الخسائر المادية التي لحقت بهم سواء في أصول ممتلكاتهم أو في تعثر أعمالهم وارتباك سبل أرزاقهم.
كل هذا تعرض له الأقباط في ربوع مصر,لكن لم يفلح الإرهاب في إزاحتهم عن الصف الوطني ولا في استدراجهم نحو الصراخ والشكوي والاستقواء بالخارج- فعلها الإخوان المسلمون لكن أبدا لم ولن يفعلها الأقباط-لأنهم فطنوا بحسهم الوطني أن هذا ما يريده الإرهاب لشق الصف الوطني…حتي مع انفلات مسلسل الشر لحرق وتدمير ونهب كنائسهم لم يصرخوا بالشكوي بل تسلحوا بإيمان عميق وتسليم كامل وذهبوا يصلون في الكنائس المخربة والمدمرة مؤمنين وواثقين أن الكنائس لها رب يحميها وأن التشبث بالوحدة الوطنية بين المصريين لإنقاذ مصر يأتي أولا,وسوف يجئ بعد ذلك اليوم الذي يعاد فيه بناء الكنائس بأيدي المصريين مسلمين ومسيحيين.
أقول ذلك بكل ثقة وفخر أن تجربة 30يونية,26يوليو,14أغسطس والأيام المقبلة أفرزت وستفرز تلاحما غير مسبوق بين المصريين سوف يذكره التاريخ علي غرار ثورة1919,ومحنة1967,وانتصار1973,و25يناير2011 حين انصهر المصريون في الوعاء الوطني يوحدهم التحدي والحلم والمشروع القومي.
لكن يظل هناك التزام ملح لا نستطيع أن ندير له ظهورنا وسط ذلك المشهد الوطني الجميل,وهو فاتورة تعويضات ضحايا الإرهاب الذي تعرض له الأقباط في أسرهم وممتلكاتهم وأرزاقهم…لست أتحدث هنا عن الكنائس لأن الدولة قدمت التزاما واضحا بمسئوليتها عن إعادة بناء جميع الكنائس المدمرة والمخربة والمحروقة-ولعل هذا الجهد بدأ بالفعل أو في طريقه إلي الانطلاق-لكني أتحدث عن المواطنين الأقباط الذين فقدوا من جراء الإرهاب اللعين عائلهم أو منزلهم أو متجرهم أو حقلهم أو الأصول التي كانوا يعيشون بها ويرتزقون بواسطتها.
وطني لم تكن غافلة عن ذلك طوال الفترة الماضية,لكنها كانت عاكفة علي رصد وحصر كشوف وبيانات هؤلاء الضحايا والمتضررين وتسجيل تفاصيل الخسائر التي حاقت بهم وتقدير قيمة التلفيات والتعويضات المطلوبة…وكعادةوطني في مثل تلك الظروف المأساوية,بعد الانتهاء من الرصد والتسجيل تقوم بإطلاق الدعوة لفتح باب تلقي مساهمات أهل الخير وتأسيس صندوق لإغاثة الضحايا…اليوموطني تطلق هذه الدعوة متزامنة مع نشر كشوف الضحايا والمتضررين,وكعادةوطني أيضا سيتم النشر تباعا عن جميع المساهمات التي ترد إلي هذا الصندوق والإعلان عن الرصيد الذي تكون فيه بالإضافة إلي الإعلان عن المساعدات المؤقتة والتعويضات النهائية التي ستصرف للمستحقين تبعا لإلحاح الحالة.
أعرف أن الأقباط يدفعون ضريبة إضافية في مسار الثورة المصرية…لكني أثق أنهم يفعلون ذلك وهم يضعون مصريتهم قبل قبطيتهم.