تزايدت مؤخرا نغمة اللوم بل وحتى العداء للنساء سواء عبر التحرش الجنسى المادى ببعضهن فى الشوارع أو أماكن العمل حتى أن منظمات نسائية تطالب بسن التحرش المعنوى والإعلامى،
تزايدت مؤخرا نغمة اللوم بل وحتى العداء للنساء سواء عبر التحرش الجنسى المادى ببعضهن فى الشوارع أو أماكن العمل حتى أن منظمات نسائية تطالب بسن التحرش المعنوى والإعلامى، وذلك بعد أن راجت فى الآونة الأخيرة إعلانات تحذر الرجال من إنتقاض رجولتهم لو أنهم أكلوا شيئا معينا أو لم يشربو ا شيئا جرت الإشارة إلى الأنوثة_ نقيض الرجولة_ باعتبارها شيئا مخجلا لايجوز الافصاح عنه، ووضع المعلنون نقاطا وكان الكلمة. وهكذا أصبح مفهوم الرجولة مرتبطا مباشرة وبوضوع بالفحولة الجنسية.
وتؤكد هذا المعنى سلسلة الإعلانات المخجلة_ التى أرجو الجنسية التى تجعل الرجل قويا بمعنى الفحولة أيضا، بصرف النظر عن قيمة وأخلاقياته وانجازاته.
وتصور إعلانات أخرى النساء ككائنات مخادعة أو خاضعة ومغلوبة على أمرها تتفنن فى الدفاع عن نفسها باستغلال أنوثتها لتحقسق مكاسب باعتبار أن هذا هو نموذج المرأة التى إرتكبت الخطيئة الأولى وأخرجت آدم من الجنة طبقا لبعض الديانات والفلسفات.
وشاع فى الآونة الأخيرة نموذجان تفصليليان للنساء التى ضعات الذليلات من جهة أو النساء الشريرات المتآمرات المتفننات فى نسج المكائد، وإتقان السحر والعمل أو بسبب الغيرة والحسد_ من جهة أخرى.
وفى النموذجين جرى رسم صورة أحادية الجانب وفقيرة تتعامى عن ثراء الحياة لكنها تنم عن إحتقار للنساء والتقليل من شأنهن والإنتقاص من أدوارهن، ويحدث ذلك طله فى تناقض مع الأدوار المتعددة للنساء والتى تتزايد سواء فى الحياة الإجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية وهو التزايد الذى لم ينعكس_ لأسباب يطول شرحها_ فى التمثيل السياسى للنساء.
وإذا ما توقفنا عند مفهوم الرجولة الذى نختزله هذه الإعلانات والمسلسلات وا[لأفلام فى الفحولة الجنسية سوف نجد أنه يعبر عن تيار فى الثقافة يزداد وضوحا كلما تفسخ المجتمع وتراجعت قيمة الايجابية وعلاقاته الصحية فى ظل سيادة الرأسمالية الوحشية التى ولدت قيم الفهلوة والربح الخاطف والروع التجارية التى تخاصم الإنتاج والإجتهاد وتراهن على المضاربات وضربات الحظ، ويفض ذلك كله إلى زيادة البطالة والفقر، والنساء هن عادة الأكثر عرضة لهذه الآلام الإجتماعية. وعندما ضعفت القاعدة الإنتاجية للبلاد مع صعود الإسلام السياسى الذى يمثل الطفيلية خير تمثيل كان لابد أن تكون القوى الضعيفة من المجتمع هى الضحية الأولى لهذه السياسات، وعلى رأس القوى الضعيفة توجد النساء والفلاحون الفقراء والمهمشون.
لأن عملية تشويه واسعة لكل القيم الإيجابية تصاحب سيطرة النزوع الطفيلى الفهلوى على العلاقات الإجتماعية والإنتاجية فإن انتاج نموذج مشوه للبطل_ الرجل عادة وايصاحبها ممثلا لقيمة ورؤيتها السلبية للإنسان رجلا أو إمرأة. هكذا تخلق نموذج الفحولة الذى يعزز التمييز ضد المرأة بإعتبارها كائنا ضعيفا هو نقيض للقوى_ الفحل.
وقد نجح التاريخ الطويل للتمييز ضد النساء الذى امتد الآلاف السنين، وغرس جذورا قوية فى كل الثقافات مرتبطا بالدور الانجابى للمرأة وبخصائص جسدها، وإعتبارها صنو الخطيئة والدنس أما الرجل فهو القوى الممثل للخير والشرف حامى القبيلة، وحامى المرأة والأطفال.
وهكذا يجرى إختزال القوة المفترضة للرجال فى الفحولة الجنسية، وتتراجع أى اعتبارات أخرى. ويجرى تحقير المرأة باعتبارها موضوعا للجنس.
وجسدت معركة أحد الشيوع ضد الفنانة إلهام شاهين مثل هذه المفاهيم للرجولة والأنوثة، والمرأة هى فى ظل هذه المفاهيم موطوعة على حد تعبيراتهم المبتذلة.
ومن المفارقات الغريبة أن تنبعث مثل هذه المفاهيم البالية فى ظل نهوض حركة قوية للدفاع عن حقوق الانسان وحقوق النساء وحرياتهن وحيث يتزايد ابداع النساء فى كل المجالات وبخاصة فى انجاز الموجه الجديدة من الثورة فى 30 يونية و62يوليو والتى شاركت فيها النساء على نطاق واسع وبصورة خلاقة – ملفتة للنظر، ولكن هذه المشاركة المبدعة عجزت عن القضاء على الأفكار البالية الاختزالية الذائدة التى لاترى فى الرجل إلا فحولية الجنسية ولا ترى فى المرأة إلا جسدها. ولكن حركة التاريخ التى تسير إلى الأمام رغم كل المنصرحات والتراجعات ستتكفل فى نهاية المطاف بالقضاء عليها.