منذ جلوس قداسة البابا تواضروس الثاني علي الكرسي المرقسي بطريركا وراعيا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في نوفمبر الماضي, صرح قداسته بأن أولوياته في العمل الرعوي ترتبط بترتيب الكنيسة من الداخل..
منذ جلوس قداسة البابا تواضروس الثاني علي الكرسي المرقسي بطريركا وراعيا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في نوفمبر الماضي, صرح قداسته بأن أولوياته في العمل الرعوي ترتبط بترتيب الكنيسة من الداخل… والمتأمل لمسار البابا تواضروس منذ ذلك الحين والملامح المتصلة بأدائه وقيادته من حيث حضوره الأبوي ومحبته وحكمته لسوف يستريح إلي أن العناية الإلهية اختارت ورتبت الأب المناسب لاحتياجات الكنيسة وشعبها في هذه المرحلة.
قضايا كثيرة تنتظر قداسة البابا في إطار خطته لترتيب بيت الكنيسة من الداخل, منها القضايا الملحة ومنها القضايا الشائكة ومنها قضايا التطوير والتحديث… ولعل واحدة من القضايا الشائكة قضية لائحة الأحوال الشخصية للمسيحيين التي كثر الحديث عنها وارتفع اللغط حولها في العقد الأخير, وهي قضية ذات شقين: الشق الرسمي المرتبط بالتشريع والدولة, والشق الشعبي المرتبط بالأقباط.
الشق الرسمي في قضية لائحة الأحوال الشخصية للمسيحيين يتصل بإنهاء حالة الجمود والشلل التي تقف عندها اللائحة المعدلة التي تقدمت بها الكنيسة أكثر من مرة عبر الثلاثين سنة الماضية لوزارة العدل من أجل أن تتقدم بها الحكومة إلي البرلمان لتشريعها, وبالتالي تصبح قانونا يعمل به القضاء عند النظر في قضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين… قانون ترضي عنه الكنيسة ولا يتعارض مع ثوابتها الإيمانية والكتابية ويضع نهاية لتاريخ طويل من اعتراض الكنيسة علي اللائحة القديمة التي ظلت متروكة في يد القضاء وهي لائحة 1938 والتي تسببت في الكثير من المشاكل الشائكة بين الكنيسة والدولة… والجدير بالذكر أن هذا الشق الرسمي هو شأن كنسي بحت يتحتم معه أن تتصل الكنيسة بالدولة وتعمل من أجل تحقيقه ولا يسري عليه مقولة عدم تدخل الكنيسة في السياسة وتوقفها عن تمثيل الأقباط أمام الدولة, لأن تلك المقولة تستقيم مع الأمور السياسية والحقوقية والوطنية للأقباط بينما تظل الكنيسة هي المسئولة عن الأمور الدينية والكنسية والأحوال الشخصية لهم.
أما الشق الشعبي المرتبط بالأقباط في قضية لائحة الأحوال الشخصية فهو المتصل بآلية الفصل في المشاكل الحياتية التي تعصف بالأسرة وتهددها بالتفكك والانهيار, وعلي قدر ما يعتبر مكروها في هذا الأمر انهيار الأسرة, تظل شبهة حدوث ذلك المكروه واردة ويجب علي الكنيسة أن تضع آليات التعامل معها سواء بترتيب سبل العلاج أو بتأسيس سبل الوقاية… وفي معرض ترتيب سبل العلاج تبرز لائحة 1938 التي وضعها المجلس الملي العام في تلك السنة والتي أسست لمجموعة من الأسباب التي إذا ثبت استيفاء أحدها أو أكثر يتم منح الأسرة محل المشكلة حكما بالطلاق وإنهاء عقد الزيجة علاوة علي ما يترتب علي ذلك من موافقة الكنيسة علي إعادة تزويج أي من طرفي تلك الزيجة مستقبلا.
هكذا ساد العرف بناء علي لائحة 1938, وأنا هنا لست في معرض مناقشة عدالة اللائحة أو اتفاقها مع تعاليم الكتاب المقدس فهذا أمر كنسي تختص الكنيسة بالحق المطلق في تحديده, لكني أطرح الواقع المتراكم والمحتقن بين بعض الأسر القبطية التي تقف معلقة بين حياة أسرية باتت مستحيلة وبين رفض كنسي لاعتماد أحكام القضاء التي حصلت عليها تلك الأسر تطبيقا للائحة …1938 وأري أن هناك مجموعة من التوجهات التي يمكن أن تساعد علي علاج هذا المأزق:
00 إن الكنيسة في تكوينها وعقيدتها يجب أن تبقي مظلة روحية تجمع بين العدالة والرحمة فإن كانت العدالة الكتابية واضحة راسخة لا تقبل المساومة فهناك الرحمة التي تعطي المثل في السماحة وانتهاج السبل التي تنقذ الأسر المنهارة وتفتح أمامها أبواب الفرصة والأمل.
00 إذا كنا نتفق علي حتمية إصدار لائحة معدلة للأحوال الشخصية للمسيحيين تحل محل لائحة 1938 فمن المسلم به أن تلك اللائحة تصير تطبيقها بعد تاريخ صدورها وبدء العمل بها رسميا من جانب الدولة وقضائها وبعد معرفة الشعب القبطي بأنه لا سبيل بعد ذلك التاريخ للمطالبة بحقوق سابقة أو الاستفادة من معايير منتهية لحسم المشاكل الأسرية.
00 كل عدالة يمكن أن تحدد لها فترة انتقالية حتي يتم تطبيقها كاملة وخاصة إذا كان الأمر متصلا بتصفية حالات قديمة متراكمة نشأت في ظل تشريع سابق, لذلك أتطلع إلي محبة الكنيسة ورحمتها لأن تهتم بترتيب آلية خاصة للتعامل مع حالات الأسر المعلقة بهدف علاجها وتصفيتها قبل ترسيخ التعامل طبقا للائحة الجديدة للأحوال الشخصية.
00 تحدثت بجانب سبل العلاج عن سبل الوقاية, وهذه أهم جدا من العلاج, فالكنيسة حريصة كل الحرص علي العمل علي حماية الأسرة من الانهيار وتأهيل أطرافها علي جميع المستويات لمواجهة مسئوليات الحياة الزوجية والأسرية… والنماذج والتجارب التي رتبتها الكنيسة في هذا الإطار من خلال إعداد وتنظيم برامج إعداد المقبلين علي الزواج ورعاية المتزوجين حديثا تدعو للفخر والاطمئنان علي أن الأسرة المسيحية في السنوات الأخيرة لديها من فرص مواجهات الأزمات والمشاكل ما يجعلها في مأمن ضد الانكسار أو الانهيار… فقط يجب علي الكنيسة من أجل تفعيل سبل الوقاية تعميم تلك البرامج وإلزام جميع المتقدمين للزواج بحضورها واجتيازها بنجاح, كما أن الكنيسة لها أن تمارس سلطتها في عدم الموافقة علي الزيجة إذا لم تطمئن تماما إلي تأهل طرفيها للحياة المسيحية, أو ليس ذلك -وإن شابته بعض القسوة في بادئ الأمر- أفضل من تيسير الكنيسة عقد الزيجة دون تدقيق ثم تضييق السبل أمام فصل تلك الزيجة إذا تعثرت؟.
هذه أفكار أطرحها وكلي ثقة في محبة وحكمة قداسة البابا وحرصه علي ترتيب بيت الكنيسة من الداخل.
قضايا كثيرة تنتظر قداسة البابا في إطار خطته لترتيب بيت الكنيسة من الداخل, منها القضايا الملحة ومنها القضايا الشائكة ومنها قضايا التطوير والتحديث… ولعل واحدة من القضايا الشائكة قضية لائحة الأحوال الشخصية للمسيحيين التي كثر الحديث عنها وارتفع اللغط حولها في العقد الأخير, وهي قضية ذات شقين: الشق الرسمي المرتبط بالتشريع والدولة, والشق الشعبي المرتبط بالأقباط.
الشق الرسمي في قضية لائحة الأحوال الشخصية للمسيحيين يتصل بإنهاء حالة الجمود والشلل التي تقف عندها اللائحة المعدلة التي تقدمت بها الكنيسة أكثر من مرة عبر الثلاثين سنة الماضية لوزارة العدل من أجل أن تتقدم بها الحكومة إلي البرلمان لتشريعها, وبالتالي تصبح قانونا يعمل به القضاء عند النظر في قضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين… قانون ترضي عنه الكنيسة ولا يتعارض مع ثوابتها الإيمانية والكتابية ويضع نهاية لتاريخ طويل من اعتراض الكنيسة علي اللائحة القديمة التي ظلت متروكة في يد القضاء وهي لائحة 1938 والتي تسببت في الكثير من المشاكل الشائكة بين الكنيسة والدولة… والجدير بالذكر أن هذا الشق الرسمي هو شأن كنسي بحت يتحتم معه أن تتصل الكنيسة بالدولة وتعمل من أجل تحقيقه ولا يسري عليه مقولة عدم تدخل الكنيسة في السياسة وتوقفها عن تمثيل الأقباط أمام الدولة, لأن تلك المقولة تستقيم مع الأمور السياسية والحقوقية والوطنية للأقباط بينما تظل الكنيسة هي المسئولة عن الأمور الدينية والكنسية والأحوال الشخصية لهم.
أما الشق الشعبي المرتبط بالأقباط في قضية لائحة الأحوال الشخصية فهو المتصل بآلية الفصل في المشاكل الحياتية التي تعصف بالأسرة وتهددها بالتفكك والانهيار, وعلي قدر ما يعتبر مكروها في هذا الأمر انهيار الأسرة, تظل شبهة حدوث ذلك المكروه واردة ويجب علي الكنيسة أن تضع آليات التعامل معها سواء بترتيب سبل العلاج أو بتأسيس سبل الوقاية… وفي معرض ترتيب سبل العلاج تبرز لائحة 1938 التي وضعها المجلس الملي العام في تلك السنة والتي أسست لمجموعة من الأسباب التي إذا ثبت استيفاء أحدها أو أكثر يتم منح الأسرة محل المشكلة حكما بالطلاق وإنهاء عقد الزيجة علاوة علي ما يترتب علي ذلك من موافقة الكنيسة علي إعادة تزويج أي من طرفي تلك الزيجة مستقبلا.
هكذا ساد العرف بناء علي لائحة 1938, وأنا هنا لست في معرض مناقشة عدالة اللائحة أو اتفاقها مع تعاليم الكتاب المقدس فهذا أمر كنسي تختص الكنيسة بالحق المطلق في تحديده, لكني أطرح الواقع المتراكم والمحتقن بين بعض الأسر القبطية التي تقف معلقة بين حياة أسرية باتت مستحيلة وبين رفض كنسي لاعتماد أحكام القضاء التي حصلت عليها تلك الأسر تطبيقا للائحة …1938 وأري أن هناك مجموعة من التوجهات التي يمكن أن تساعد علي علاج هذا المأزق:
00 إن الكنيسة في تكوينها وعقيدتها يجب أن تبقي مظلة روحية تجمع بين العدالة والرحمة فإن كانت العدالة الكتابية واضحة راسخة لا تقبل المساومة فهناك الرحمة التي تعطي المثل في السماحة وانتهاج السبل التي تنقذ الأسر المنهارة وتفتح أمامها أبواب الفرصة والأمل.
00 إذا كنا نتفق علي حتمية إصدار لائحة معدلة للأحوال الشخصية للمسيحيين تحل محل لائحة 1938 فمن المسلم به أن تلك اللائحة تصير تطبيقها بعد تاريخ صدورها وبدء العمل بها رسميا من جانب الدولة وقضائها وبعد معرفة الشعب القبطي بأنه لا سبيل بعد ذلك التاريخ للمطالبة بحقوق سابقة أو الاستفادة من معايير منتهية لحسم المشاكل الأسرية.
00 كل عدالة يمكن أن تحدد لها فترة انتقالية حتي يتم تطبيقها كاملة وخاصة إذا كان الأمر متصلا بتصفية حالات قديمة متراكمة نشأت في ظل تشريع سابق, لذلك أتطلع إلي محبة الكنيسة ورحمتها لأن تهتم بترتيب آلية خاصة للتعامل مع حالات الأسر المعلقة بهدف علاجها وتصفيتها قبل ترسيخ التعامل طبقا للائحة الجديدة للأحوال الشخصية.
00 تحدثت بجانب سبل العلاج عن سبل الوقاية, وهذه أهم جدا من العلاج, فالكنيسة حريصة كل الحرص علي العمل علي حماية الأسرة من الانهيار وتأهيل أطرافها علي جميع المستويات لمواجهة مسئوليات الحياة الزوجية والأسرية… والنماذج والتجارب التي رتبتها الكنيسة في هذا الإطار من خلال إعداد وتنظيم برامج إعداد المقبلين علي الزواج ورعاية المتزوجين حديثا تدعو للفخر والاطمئنان علي أن الأسرة المسيحية في السنوات الأخيرة لديها من فرص مواجهات الأزمات والمشاكل ما يجعلها في مأمن ضد الانكسار أو الانهيار… فقط يجب علي الكنيسة من أجل تفعيل سبل الوقاية تعميم تلك البرامج وإلزام جميع المتقدمين للزواج بحضورها واجتيازها بنجاح, كما أن الكنيسة لها أن تمارس سلطتها في عدم الموافقة علي الزيجة إذا لم تطمئن تماما إلي تأهل طرفيها للحياة المسيحية, أو ليس ذلك -وإن شابته بعض القسوة في بادئ الأمر- أفضل من تيسير الكنيسة عقد الزيجة دون تدقيق ثم تضييق السبل أمام فصل تلك الزيجة إذا تعثرت؟.
هذه أفكار أطرحها وكلي ثقة في محبة وحكمة قداسة البابا وحرصه علي ترتيب بيت الكنيسة من الداخل.