تتراجع أسعار النفط عموما هذه الأيام إلي أقل بنسبة 25% مقارنة بأعلي مستوي هذا العام والبالغ دولارا128.40 للبرميل. والنطاق السعري عند 100 دولار للبرميل تطالب به الدول الخليجية المنتجة والمصدرة للنفط. وتصر السعودية منذ
تتراجع أسعار النفط عموما هذه الأيام إلي أقل بنسبة 25% مقارنة بأعلي مستوي هذا العام والبالغ دولارا128.40 للبرميل. والنطاق السعري عند 100 دولار للبرميل تطالب به الدول الخليجية المنتجة والمصدرة للنفط. وتصر السعودية منذ أكثر من سنة, علي سعر عادل ومناسب للنفط الخام, وسط الظروف المالية السائدة في العالم من ركود الاقتصاد إلي تراجع التجارة العالمية.
وبدأت الدول النفطية المنتجة الكبري تزيد إنتاجها من النفط الخام وصولا إلي قمة الإنتاج. وهي علي استعداد لسد أي عجز في الإمدادات النفطية في سبيل خفض أسعار النفط إلي ما دون 100 دولار للبرميل لتحقيق نوع من الاستقرار في أسعار النفط وعدم تعريض الدول المستهلكة لأسعار عالية. ومنذ ديسمبر تنتج الدول النفطية كلها بأعلي طاقاتها الإنتاجية, ويصح القول في السعودية وروسيا والعراق وإيران والكويت والإمارات.
وقرار منظمة أوبك في آخر اجتماع لها العام الماضي عدم تحديد حصة إنتاجية لكل دولة من الدول الأعضاء, يعود جزئيا إلي الرغبة في الحفاظ علي أسعار النفط عند 100 دولار للبرميل. فالدول النفطية الخليجية العربية, تري في أي سعر يفوق هذا المستوي مضرا باقتصادات الدول المستهلكة التي يجب أن تتمكن من دفع ثمن النفط بما لا يؤثر في معدلات الطلب العالمي. والدول المصدرة في حاجة إلي مستهلكين قادرين علي دفع فواتير النفط أولا وآخرا.
إن معـظم دول أوبك إن لم يكن كلها, قادرة حتي الآن علي تلبية حاجاتها المالية عند أسعار تتـــراوح ما بين 90 و95 دولارا للبرميل, ويشمل ذلك تنفيذ مشاريعها الاستثمارية وفي أسرع وقت حسب موازناتهــــا المقررة للعام المالي الحالي. ولن يحصل أي عـــــجز عــــند هـــذه المـعـــدلات السعريــــة. ولـــذلك فإن أي زيادة عن هذا المعدل هي عبارة عن فوائض مالية قد لا تجد هذه الدول منافذ إستراتيجية آمنة لها في الأجل البعيد وقد تؤدي إلي هدر للمال العام في حال فاقت الحاجة. وتوجهت دول منتجة إلي شراء أندية رياضية أو بناء متاحف أو أي مشاريع أخري غير مولدة لأرباح. كذلك زادت دول الرواتب والأجور من دون قلق من أي ضرر قد يصيب المال العام.
ومع استقرار الطلب علي النفط تستطيع الدول النفطية تسديد فواتيرها المالية وتجنب حدوث أي عجز في الموازنة والمضي قدما في المشاريع التنموية. وهذا ما يحدث فعلا في معظم الدول النفطية, خصوصا السعودية التي بالإضافة إلي متابعتها تطوير البنية التحتية, تشهد بناء مصفاتين ومشاريع ذات صلة مع شراكات خارجية وفي مقابل كلفة مالية تقدر بـ 23 بليون دولار. وهذا هو الغرض من الاستفادة من الفوائض المالية من النفط.
من المؤكد أن الدول النفطية ستتابع زيادة إنتاجها من النفط الخام فمنظمة أوبك في اجتماعها قبل أسابيع قررت الاستمرار في الإنتاج من دون حصص محددة للدول الأعضاء, وكان في المقاطعة الدولية لصادرات إيران من النفط وحتي إشعار آخر دافعا, فالمقاطعة قد تسبب نقصا في الأسواق النفطية. وستراقب السعودية والدول النفطية الخليجية العربية الأخري تطورات أسعار النفط وتحاول أن يكون سعر البرميل في نطاق 100 دولار أو ما دونه. لكن أي سعر أقل من 90 دولارا للبرميل يعتبر خطا أحمر للجميع ورقما غير مقبول وغير آمن علي الإطلاق.
* كاتب متخصص في شئون الطاقة – الكويت
* نقلا عن جريدة الحياة اللندنية