دق جرس الهاتف صباح التاسع من أكتوبر .. قال لي أحد الأصدقاء : لابد أن تأتي اليوم إلي المظاهرات فأجبته بأنني لن أستطيع لارتباطي بعمل ما.. فقال: الآلاف قادمون حتي من خارج القاهرة للمطالبة بحقوقنا .. فأجبته: هاحاول.
أصابني قلق غير مبرر.. وكأنني أستقرأ ما حدث ليلتها.. واصلت عملي .. هناك سمعت صوت الهتاف .. طللت من النافذة لأجد الآلاف يسيرون في اتجاه ماسبيرو.. قبضة تملكت من قلبي.. كان يجلس إلي جواري صديق مسلم قال لي بالحرف الواحد : حاسس أن الليلة دي مش هاتعدي علي خير انطلقنا إلي نقابة الصحفيين.. لم تمض ساعة ونصف الساعة حتي بدأت الأخبار تتوافد إلينا عما يحدث أمام مبني ماسبيرو.. ثم بدأ وسط المدينة يدخل في هيستيريا أقرب إلي يوم 28 يناير الماضي.. البلطجية ينتشرون في كل مكان.. بدت الشوارع خالية من المارة إلا الأشكال التي يعرفها الشخص بمجرد النظر إليها إنهم البلطجية.. والمسجلون خطر..
تباينت ردود الأفعال فالبعض متعاطف والبعض يلوم المتظاهرين.. فجأة حاول عشرات الأشخاص اقتحام نقابة الصحفيين.. بعد أن ركضوا خلف شاب يرسم وشما لصورة السيدة العذراء علي ذراعه والصليب يبدو واضحا بجوار الرسم .. ثم قالوا عند التصدي لهم: في مسيحي داخل النقابة ومعاه سلاح لازم تسلموه.
المدهش في الأمر أنهم كانوا يحملون أحجارا وشوما وعصي والشاب كان أعزل .. سارع الصحفيين وللحق كانوا جميعهم من المسلمين .. دافعوا عن الشاب وحموه وتلقي زميلنا حسين عبد القادر (من جريدة أخبار اليوم) الضرب بدلا منه ورفضوا تسليمه قائلين : ده لو عمل حاجة غلط نسلمه للجيش مش لكم.
فأخذ البلطجية الطوب وأخذوا يدمرون زجاج النقابة ويمزقون اللافتات المعلقة أمامها والخاصة بالدعاية الانتخابية لمرشحين لمجلس النقابة.
تصدي لهم بعد الأصدقاء من المحامين وذكروهم بضرورة التحري حول الشائعات التي أطلقها البعض حول مقتل ضابط الجيش علي أيدي المتظاهريين من المسيحيين.. وتراجعوا عن التدمير.
جاءتنا الأخبار أن 17 شابا حتي التاسعة مساء استشهدوا.. وتلون الأسفلت باللون الأحمر .. لون الدم .. لون الغضب .. ثم ارتفع عدد الضحايا إلي 25 شهيدا معظمهم من الشباب .. بينهم رجال في الأربعين من العمر .. زوجات صرن أرامل.. أطفال صاروا يتامي.. أمهات تبكي فلذات أكبادها… لسنا الآن في معرض لذكر الأسماء لكننا حقا في معرض للتساؤل عن الذي سيعوض هؤلاء الأطفال ؟. من الذي سيجبر الكسر في قلوب الزوجات؟.. من سيخفف آلام الأمهات ؟.. زهورا لم تتفتح بعد .. زارها الخريف قبل أن يحل الربيع بها.. فاختطف من يحمل أحلامهم .. من كان خارجا حاملا علي كفيه كفنه ليعود محققا آمالهم في وطن يتسع للجميع فعاد أشلاء مزقها الغدر..
إنهم شهداء ماسبيرو .. هؤلاء الأبطال الذين ذهبوا مطالبين بحقوق حتي اللحظات الأخيرة في حياتهم .. فعادوا بلا حقوق .. عادوا بلا حياة .. عادوا أعضاء متناثرة فوق أسفلت ماسبيرو .. فمن يرد لأبنائهم وذويهم الحق؟.. من يحمل علي عاتقه استجلاب الحق الضائع؟ من يملك تعويضا لأهالي الشهداء؟ رغم الألم والحزن في قلوب أسر الضحايا … أقول إن باب الأمل لا يغلق, وقلوب أهل الخير عامرة بالعطاء … وها هي وطني أطلقت الدعوة للإسهام في صندوق تعويضات هذه الأسر .. وأثق أن الرب لن يتركهم بلا تعضيد.
===========
أيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
5000 جنيه فاعل خير.
450 جنيها طالبة شفاعة العذراء.
1000 جنيه من عطايا الرب.
900 جنيه من عطايا الرب.
300 دولار أمريكي سامح وسوزي.
200 جنيه فاعل خير.