يجب علي واشنطن أن تبلغ آل سعود بكل وضوح أن نظامهم الحالي للحوكمة معيب ومختل وأنه ينبغي منح الأمراء الأصغر سنا أدوارا أكبر.
يجب علي واشنطن أن تبلغ آل سعود بكل وضوح أن نظامهم الحالي للحوكمة معيب ومختل وأنه ينبغي منح الأمراء الأصغر سنا أدوارا أكبر.
لقد كانت وفاة ولي العهد السعودي الأمير نايف متوقعة علي نطاق واسع منذ تعيينه في ذلك المنصب في أكتوبر الماضي عقب وفاة أخيه الأكبر سلطان, الذي كان الوريث السابق بشكل واضح. وقد وقع نايف ضحية لنوبة قلبية مفاجئة حيث كانت حالته الصحية السيئة معروفة منذ أشهر – إذ كان في جنيف لإجراء فحوصات طبية لدي وفاته, وقد عولج في وقت سابق من هذا العام في كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية.
هذا وقد تم تعيين الأمير سلمان – الذي تولي حقيبة وزير الدفاع التي كان يشغلها الأمير سلطان – ليصبح ولي العهد القادم كما كان متوقعا. لكن من الخطأ النظر إلي هذا القرار علي أنه انتقال سلس ومخطط بعناية, وإنما يظهر غياب البدائل وقرارا تم التوصل إليه بسرعة حول أي فرع من فروع العائلة سيكسب الأسبقية في تولي مقاليد العرش أو تسلم إليه السلطة في الجيل التالي.
وهناك تصور بأن سلمان (البالغ من العمر 76 عاما) ينتمي إلي حد ما إلي جيل مختلف عن الملك عبد الله (88 عاما), لكن كليهما صحته سيئة. فعبد الله ينحني بشكل مضاعف تقريبا أثناء سيره, كما أن سلمان يحمل عصا ولا يزال متأثرا بسكتة دماغية. ورغم أن هناك ستة عشر ابنا آخرين لمؤسس المملكة – عبد العزيز – والمعروف أيضا باسم ابن سعود, إلا أن هناك عددا قليلا جدا منهم, إن وجد, يجمع بين الخبرات المناسبة والاحترام والنسب من ناحية الأم لكي يصبح وليا للعهد في المستقبل.
من الصعب تصور ظهور مشكلة الخلافة في وقت أسوأ من هذا. فالمملكة العربية السعودية يبدو أنها مجمدة دبلوماسيا في ضوء الأحداث الإقليمية التي تتصدر العناوين. إذ تعصف بالعالم العربي اضطرابات ثورية (مصر) وأزمات دموية (سوريا). كما أن برنامج إيران النووي يشكل تهديدا عبر الخليج. ومما يزيد الطين بلة أن دولة قطر الصغيرة والمجاورة للمملكة والمثيرة للاضطرابات في كثير من الأحيان قد سعت أن يكون لها دورا في نفس تحالف السياسات الخارجية الذي تلعب فيه الرياض دورا – ونجحت في ذلك.
إن التحدي الماثل أمام المملكة العربية السعودية يكمن في بدء نقل السلطة إلي الجيل التالي الفعلي: الأبناء وأبناء الأخوة – لعبد الله وسلمان – الذين هم أكثر تأهيلا, وهم أمراء في الخمسينيات والستينيات من عمرهم ويتمتعون بالخبرة والقدرة معا. ورغم افتقار آل سعود إلي سابقة ملكية وحذر فطري, إلا أنه ينبغي عليهم إجراء تغييرات الآن بدلا من انتظار ظهور أزمة متكاملة الأركان.
ومن بين الطرق المستقبلية هي موافقة العائلة علي ولي عهد منتظر من الجيل التالي لتدريبه استعدادا لليوم (قريبا علي الأرجح) الذي يصبح فيه سلمان هو الملك. وستكون الطريقة الأخري هي هيكلة الحكومة بحيث يتولي الملك وولي العهد أدوارا أكثر رمزية, بما يتناسب مع قابلياتهما البدنية المحدودة وقدراتهما العقلية المتراجعة. ورغم أنه سيكون من المبالغة تصور ظهور أي نوع من الديموقراطية الشعبية قريبا, إلا أنه ينبغي علي الملك أن يتخلي عن لقب رئيس الوزراء ويترك شؤون صنع القرارات اليومية في أيدي أشخاص أصغر سنا.
إن دور واشنطن في هذا الإطار هو التشجيع علي اتخاذ إجراء يظهر لأبناء العائلة المالكة أنه إذا لم يعد بوسعهم إعادة تشكيل مستقبلهم, فإن التغييرات السياسية التي تجتاح الشرق الأوسط قد تزيحهم من الطريق أيضا. لقد تركزت المصالح الأمريكية في المملكة العربية السعودية من الناحية التاريخية علي ضمان الاستقرار والحفاظ علي صادرات النفط الهائلة للمملكة – والأمر الأخير يمثل عاملا جوهريا لنجاح العقوبات الحالية علي إيران. إلا أن هذا المنهج يجب أن يقترن بجهود ترمي إلي استغلال تخوف الرياض من إيران واعتمادها المستمر علي الضمانات الأمنية الأمريكية. ومن شأن هذا التحول أن يثير الشكوك والمقاومة من قطاعات عريضة في مجتمع السياسة الخارجية الأمريكي. لكن وفاة ولي العهد نايف – الذي كان يمكن أن يكون العقبة الرئيسية علي الجانب السعودي – تمثل فرصة نادرة يجب عدم تفويتها.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن, ومؤلف النشرة ##بعد الملك عبد الله: الخلافة في المملكة العربية السعودية.##