لا تسألوني عن صاحبه أو ديانته أوحتي فصيلته.. لأنه في النهاية هو الدم المصري.. الدم المراق في بقاع مصر كلها.. وإذا كانت الطبيعة تعلمنا أن الأرض لا تشرب الدم فإن لهذا حكمة قد يكون مفادها أن الأرض تكون شاهد إثبات يحدثنا كل يوم عن الفاعل والمفعول به.. ويخبر مدي ما يفعل بنو البشر ببعضهم البعض..
هاهي شوارع مصر وحاراتها تحكي لنا قصصا ليست من وحي الخيال لأنها تفوق حد الخيال.. ولم لا ؟ بعد أن شهدت كل من الكشح وأبو قرقاص ونجع حمادي والماريناب عن دائرة الصعيد.. والعمرانية وإمبابة وغيرهما عن دائرة الجيزة.. والإسكندرية وبورسعيد عن دائرة المدن الساحلية, والزاوية الحمراء وماسبيرو ومحمد محمود والعباسية عن دائرة القاهرة الكبري.. لقد شهدت هذه وتلك وغيرها من الأماكن علي خريطة مصر الجغرافية كما من الدم هذا مقداره لا نعلم له مصدرا أو مقصدا إلا شر الغاية وجبروت الوسيلة…
وتأتي النهاية الحتمية في هذه التراجيديات المروعة بأن يدفع الثمن نفر قليل أو كثير (وفقا لتكيف كل حالة) من الشعب المصري أيضا.. فاختلط الحابل بالنابل خلف أسوار السجون والمعتقلات وغياهب الظلمات.. وهكذا تغلق الملفات وتطوي الصفحة تلو الصفحة لتسطر تاريخا أسود في حياتك يا مصر.
ماذا نقول وماذا نفعل للنساء الثكالي والأرامل؟
ماذا نفعل وماذا نقول للأطفال الذين اكتووا بنار اليتم مبكرا جدا؟.. ماذا نفعل وماذا نقول لأرض الكنانة التي عرفت معاني المحبة ورسالة السلام منذ أقدم العصور؟ .. إن الوعظ وسرادق العزاء لن يعدا مجديين حقا لا أجد للكلام محلا من الإعراب..