تعاني القاهرة ومعظم محافظات الجمهورية من وجود مخلفات فوق أسطح المنازل والعمارات,ورغم المحاولات البسيطة في نشر الوعي بعدم ملائمة ذلك للمظهر الحضاري إلا أن هذه الظاهرة زادت في الانتشار,حتي توصل بعض الباحثين إلي فكرة الاستفادة من هذه المساحات في زراعة بعض النباتات والخضراوات,بل وعمل أحواض سمكية,بما يعود علي المجتمع من فوائد عديدة.
وطنيحاولت التعرف علي كيفية الاستغلال الأمثل لهذه المشروعات.
زراعة آلاف الأسطح
قال اللواء عبد الفتاح عبد العزيز سكرتير عام مساعد المشروعات بمحافظة القاهرة إن قرار مجلس المحافظين ببداية نشر مشروع زراعة الأسطح وتطبيقه أولا بمحافظة القاهرة ثم الجيزة,وهناك اقتراحات لزراعة بعض النباتات الطبية النادرة.
أوضح د.مجدي محمد مراد أستاذ مساعد بكلية العلوم بجامعة عين شمس أن زراعة أسطح المنازل لها العديد من المميزات منها الأثار الصحية التي تتلخص في تقليل كمية التلوث في الهواء,حيث إن زراعة متر مكعب يؤدي إلي تقليل نسبة التلوث الموجودة في الهواء بمقدار100جم,بالإضافة إلي زيادة نسبة الأكسجين وتقليل نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء.
أضاف أنه تم تشكيل لجنة مكونة من الدكتور علي العبد رئيس جامعة عين شمس,والدكتور مراد عبد القادر نائب رئيس الجامعة,والدكتور عبد الغني الجندي عميد كلية الزراعة,وقاموا بنشر الفكرة وتوفير الدعم الفني اللازم لكي يتم زراعة آلاف الأسطح,وعقد ندوات توعية للمواطنين لنشر الفكرة وتعميمها.
أسطح المؤسسات الحكومية
قال خالد مصطفي المستشار الإعلامي لمحافظ القاهرة إن فكرة الزراعة فوق أسطح المنازل مهمة وفي حاجة للدراسة,وهناك اقتراحات لزراعة أسطح المؤسسات الحكومية بعد إزالة ما بها من مخلفات وإعدادها للزراعة, من خلال التعان مع بعض الهيئات والمؤسسات منها الدفاع المدني,ويوجد الكثير من النماذج الفردية الناجحة,والتي أقامت مشروعها بالخبرات والمجهودات الفردية,كما أن هذا النوع من الزراعة له مميزات عديدة من خلال توفير فرص عمل للكثير من الشباب,وإتاحة نوافذ لتنقية البيئة من التلوث فوق أسطح المباني,مما يعتبر بعدا بيئيا مهما في ظل التلوث,بالإضافة إلي خلط الخضروات من الكيماويات والهرمونات الضارة بالصحة.
من جانبه قال ريمون صليب مهندس زراعيإن مشروع الزراعة فوق الأسطح مفيد ولا يشترط مساحة معينة في أسطح المنازل, فالأنظمة المستخدمة تصلح لكافة المساحات,ولكن المطلب الأساسي هو إخلاء السطح من أية مهملات تعوق وصول الشمس للنباتات المزروعة,وأن يكون السطح معرضا للشمس من 4 إلي5ساعات يوميا.
أوضح صليب أن مصر من ضمن الدول الناجحة في هذا المجال نظرا لتوفر الخبراء والمواد الخام, ويعتمد المشروع في الأساس علي فكرة الزراعة دون تربة,والاعتماد علي استخدام بيئات زراعية بديلة للتربة العادية كبيئةالبرليت,وهي صخور ناتجة عن انفجارات بركانية يتم وضعها في فرن درجة حرارته ألف درجة مئوية.
زراعة بدون تربة
وكان محافظ القاهرة قد أصدر قرارا بتعميم زراعة المدارس في محافظة القاهرة,والبدء في زراعة أسطح 206 مدارس,وقامت مديرية التربية والتعليم بالقاهرة بتوزيع المدارس,علي أن يكون هناك مدرسة في كل إدارة تعليمية تكون نواة لنشر الفكرة في باقي المدارس بالإدارة,كما قامت الجمعيات الأهلية بنشر النشاط.
ومن المنتظر زراعة عدد من المنازل بعزبة الهجانة ومناطق أخري وجاري دراسة مشاركة الجهات المعنية لتعميم التجربة في جميع أنحاء الجمهورية.
نوه الدكتور وليد علي محمود مدرس بقسم الخضر والزينة بكلية الزراعة بجامعة المنصورة بأن هذا المجال يعتبر من أكثر المشروعات نجاحا,وتم تجربته بين96 أسرة بمحافظتي القاهرة والإسكندرية بالتعاون مع منظمة الفاو,وهناك إقبال ملحوظ علي زراعة هذه النظم ولم يقتصر التجاوب في هذا المشروع علي الأفراد,ولكن بدأت بعض الجهات تهتم به.
أكد د.وليد أن هناك نوعان من أنظمة الزراعة فوق الأسطح, وهناك أنظمة بسيطة ذات الري اليدوي ,وتتكون من طاولات من الخشب يوضع عليها حاويات يتم وضع التربة سواء منالبيتموينأوالبرليتداخلها,وهي سهلة الرعاية.
الزراعة…ونمو الطحالب
قال د.أسامة البحيري رئيس قسم الزراعة بدون تربة بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي إن الفكرة تعود إلي15عاما مضت عندما تقدم أحد طلاب كلية الزراعة بجامعة عين شمس بفكرة لإدارة الكلية تسمح باستغلال أسطح مباني الكلية لإنشاء أحواض خشبية لتربية الأسماك,وكانت البداية جيدة,إلا أن سرعان ما توقفت الفكرة عن التنفيذ لمشكلات تتعلق بالصرف الصحي,لأن مخلفات الأسماك من غاز الأمونيا كانت تسبب مشكلة أثناء تجديد مياه الأحواض,حيث تساعد علي نمو الطحالب,وهو ما يؤدي إلي انسداد المواسير والتأثير بالسلب علي الصرف الصحي.
أشار د.البحيري إلي أنه حينما تم تطبيق مشروع زراعة الخضروات فوق الأسطح قدم أحد الباحثين فكرة تحل مشكلة غاز الأمونيا,حيث ستعمل النباتات المزروعة في بيئةالبرليتأوالبيتموينالبديلة للتربة الطبيعية علي تنقية المياه من غاز الأمونيا,والذي سيقوم بدور السماد الحيوي لتلك النباتات,وبالتالي لن يكون بحاجة إلي تغيير المياه كما يحدث بمزارع الأسماك العادية,وفي الوقت نفسه سيحصل السمك علي جزء من احتياجاته الغذائية والأكسجين عن طريق ما تفرزه جذور النباتات بالماء.
وعن كيفية عمل نظام زراعة الأسماك مع زراعة الخضروات قال أحمد توفيق الباحث بالمعمل المركزي للمناج الزراعي إن النظام يتكون من حاويات بلاستيكية مملوءة بالماء بطول مترين وعرض متر واحد,ويتم أخذ400 لتر مياه ينمو فيها السمك,ويتم ضخ هواء داخل الماء عن طريق مضخة هواء صغيرة لإمداد الأسماك بالأكسجين اللازم,ثم يتم رفع المياه بواسطة مضخة صغيرة لتمر علي النباتات النامية في المنضدة المملوءة ببيئةالبرليت,ويتم حجز المواد العضوية,ويقوم النبات بامتصاص الأمونيا الناتجة من إفرازات الأسماك,ثم يعود الماء مرة أخري إلي حوض الأسماك نظيفا خاليا من المواد العضوية,وبالتالي لا يحتاج إلي تغيير المياه,بل يتم إضافة مياه خالية من الكلور لحوض السمك مباشرة كلما نقص الماء .
أشار توفيق إلي أن هذا النظام له العديد من المزايا,فهو إلي جانب إنتاجه من الأسماك خال من التلوث,فهو يوفر المياه,تكون هناك حاجة إلي تغيير المياه بصفة يومية,كما تتم الاستفادة من مياه حوض الأسماك في ري المزروعات,بالإضافة إلي توفير كمية الأعلاف التي توضع للأسماك,لأن جزء من تغذية السمك يعتمد علي ما تفرزه جذور النباتات,وأيضا يعطي خاصية تكثيف الاستزراع السمكي.
أوضح د.أيمن فريد أبو حديد مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي أن المعمل قام بتعميم الفكرة في بعض المنازل,وأحد الفنادق بالساحل الشمالي خاصة أن إدارة الفندق رأت أن المشروع فرصة جيدة تمكنها من الحصول علي احتياجاتها من الأسماك الطازجة,وهناك محاولات مع وزارة الزراعة لتعميمه واعتباره مشروع قومي.