95% من احتياجات مصر المائية تأتي من النيل
وزير الرى ينفي لجوء مصر للتحكيم الدولي
تتجه أنظار السياسيين والخبراء للرابع عشر من مايو الجاري حيث تشير التوقعات إلي أن دول حوض النيل الجنوبية والمعروفة بدول المنبع ستوقع بعيدا عن مصر والسودان والمعروفتان بدولتي المصب اتفاقية منفردة للتعاون فيما بينهم وإطلاق مشروعات مائية من أبرزها السدود, مما سيؤثر سلبا علي حقوق السودان ومصر المائية .
الأمر خطير جدا بكل ماتعنيه الكلمة, وإذا ما حدث ووقعت هذه الدول الاتفاقية متجاهلة في ذلك مصر والسودان فإن الأمور ستتجه نحو الأسوأ , لأن كافة مشروعات التنمية في مصر والسودان من زراعة وصناعة إلي جانب الاحتياجات السكانية المتزايدة من المياة ستتضرر بشدة, مما ينبيء بعواقب وخيمة, والسؤال الملح ماذا بعد؟!!وهل ستقف مصر مكتوفة الأيدي في ظل عدم كفاية الحصة الحالية 55.5 مليار مكعب وتحذير الخبراء من دخول مصر مرحلة الفقر المائي عام .2017
وطنيتفتح ملف أزمة مياه النيل مع دول الحوض مع السياسيين وخبراء المياه والمال والاقتصاد والاستثمار بحثا عن حلول لتقريب المسافات مع دول الحوض
قال د. محمد نصر الدين علام وزير الري والموارد المائية إثر فشل جولة شرم الشيخ الأخيرة إن مصر في حالة توقيع دول المنبع السبع علي الاتفاق الإطاري منفردة ستتخذ من الإجراءات ما يضمن حقوقها علي مختلف الأصعد, مؤكدا في الوقت ذاته أن مصر لن توقع علي أي اتفاق ما لم يضمن لها حقوقها التاريخية واستخداماتها الحالية في الموارد المائية.
وقال وزير الري والموارد المائية في لهجة اتسمت بالحزم والصرامة إن قضية مياه النيل هي قضية أمن قومي تتعلق بحاضر مصر ومستقبلها ولن تسمح مصر تحت أي ظرف من الظروف المساس بحقوقها المائية أو استخداماتها,مبينا أن التوقيع علي مشروع الاتفاق الإطاري بصيغته الحالية دون حل لنقاط الخلاف العالقة لايخدم المصالح المصرية, ويضر بالحقوق المقررة لمصر بموجب الاتفاقيات السارية.
وأوضح د. علام أنه ليس من المتشائمين الذين رأوا في فشل جولة شرم الشيخ نهاية للعلاقات الطيبة التاريخية بين مصر والسودان من جانب وباقي دول الحوض من جانب آخر, لأننا سنعمل بجهد أكبر وأقوي في السابق مع كافة دول حوض النيل لحل النقاط العالقة في الاتفاقية الإطارية خلال الجولات المقبلة من المفاوضات بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في أواخر يونية المقبل ,كما ستعمل مصر كذلك علي ضخ مزيد من الاستثمارات في دول المنابع وبدأت بالفعل في الاستثمار في إثيوبيا, كما يتم الترويج حاليا للإستثمار المصري في كل من أوغندا وتنزانيا.
وأوضح الوزير أن الهدف الأصيل من المبادرة المصرية -السودانية لإنشاء مفوضية لدول حوض النيل هو جذب الاستثمارات لتنفيذ وإدارة مشروعات التنمية في دول الحوض مع استمرار التفاوض حول البنود العالقة في الاتفاقية الإطارية وبقي الوزير في الوقت ذاته ما تردد من مزاعم عن اتجاه مصر للجوء إلي التحكيم الدولي بعد الفشل الذي أصاب جولة شرم الشيخ,مؤكدا أن شيئا من ذلك لن يحدث لأن دول المنابع بمثابة أشقاء لنا ويربطنا رباط وثيق وأزلي ألا وهو نهر النيل.
ويتفق د. مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية مع ما ذكره وزير الري وأكد علي ارتكاز السياسة المائية المصرية في أحد محاورها علي توطيد علاقات التعاون مع باقي دول حوض النيل التسع علي أساس من الإيمان بضرورة تنمية موارد وطاقات النهر المائية والعمل علي حسن إدارتها.
وأوضح د. شهاب أن سياسة مصر المائية تقوم علي عدم المساس بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل وفقا للاتفاقيات الدولية ومباديء القانون الدولي والأعراف الدولية,بل أن لمصر حق طبيعي في الحصول علي المزيد من إيرادات النهر من خلال تنفيذ حزمة مشروعات مائية طموحة طرحتها منذ عام 1999 في إطار مبادرة حوض النيل والتي يساند المجتمع الدولي كله تحت مظلة الفائدة المشتركة, مشيرا إلي أن مصر الحريصة دائما علي العمل وفقا للاتفاقيات والقوانين وقعت عددا من الاتفاقيات ذات الصلة بمياه النيل منها اتفاقيات 1891,و1925,1906,1902,و1929م,1959م,1991,و1993م,وكانت جميعها تدور وتصب حول عدم إقامة أية مشروعات علي مجري النهر أو فروعه تقلل من نسبة تدفق المياه أو تؤثر علي كمية المياه الواردة إلي مصر.
السفيرة مني عمر مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية تري أن الأمر لايدعو للخوف أو الهلع نظرا للعلاقات الطيبة والوثيقة التي تربطنا بدول حوض النيل في العديد من المجالات, وأن مصر لم تهمل دول حوض النيل كما يتصور البعض بل علي العكس تسعي لمزيد من التعاون مع دول حوض النيل ليس فقط بسبب مياه النيل وإنما من منطلق إيمان مصر بأهمية تكثيف وتطوير التعاون مع الأشقاء في أفريقيا خاصة دول الحوض.
وأضافت السفيرة مني أن مجالات التعاون بيننا كثيرة أذكر منها الزراعة والري والتعليم والصحة إلي جانب الاستثمارات المصرية الأخيرة التي بدأت بالفعل تتدفق علي دول حوض النيل لإقامة العديد من المشروعات التنموية الكبيرة والتي ستعم بفوائدها علي الجميع, وأشارت إلي أن الخلاف في الرأي لايعني الاختلاف أو النزوع لقطيعة لأننا جميعا سواء في مصر أو في دول حوض النيل مؤمنون بأنه لامناص من التعاون بين الجميع,وحسبنا أن نذكر تدليلا علي دعم مصر لهذا التعاون الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقياحيث تخصص ميزانمية كاملة للمنح والمساعدات لدول أفريقيا لقد أقمنا مستشفيات في إثيوبيا وأكثر من 300 دورة تدريبية قامت بها وزارة الخارجية ,كما حرصت مصر علي المشاركة الفعالة في كافة مشروعات الري وتوليد القوي الكهربائية وحماية النهر وتطهيره من خلال تقديم الخبرة الفنية والمعونة المادية, واستعرضت السفيرة بعض أوجه التعاون ومن أبرزها:
في عام 1925قامت مصر بإنشا ءخزان سنار علي النيل الأزرق لصالح السودان.
قامت مصر بتمويل تكاليف إنشاء خزان جبل الأولياء في السودان من أجل توليد الطاقة الكهربائية لمدينة الخرطوم.
اتفقت مصر مع بريطانيا نيابة عن أوغندا علي إنشاء سد أوينعند شلالات أوين ببحيرة فيكتوريا لتكوين رصيد احتياطي وقد قامت مصر بتمويل تكاليف إنشاء السد والمصاريف السنوية علاوة علي تواجد هندسي مصري دائم في موقع السد للاشتراك مع أوغندا في الإشراف علي تشغيل السد بما يحقق صالح البلدين.
بناء علي إتفاقية التفاهم الموقعة بين مصر وأوغندا في عام 1991م تم تنفيذ مشروع توسيع محطة كهرباء خزان أوين .
قيام مصر بحفر عشرات الآبار في كينيا وكان من بينها المنحة التي قدمتها مصر لكينيا في مارس 2004 وقدرها 5 ملايين دولار من أجل حفر 40 بئرا.
إنشاء مركز للبحوث المائية في تنزانيا.
بناء علي طلب حكومة الكونغو الديموقراطية تقوم مصر بالمشاركة الفنية في تطوير الإدارة المائية في الكونغو.
تطهير بحيرة فيكتوريا وكيوجا من الحشائش والنباتات المائية في كل من أوغندا أو تنزانيا بمنحة قدرها 14 مليون دولار.
في مارس 2004 قدمت مصر منحة قدرها 13.9 مليون دولار لأوغندا من أجل بدء المرحلة الثانية لمشروع مقاومة الحشائش المائية من أنهار وبحيرات أوغندا من أجل رفع كفاءة المصايد.
ويؤكد د. عادل الغندور عضو المجلس الاستشاري لدول حوض النيل للتنمية الزراعية أن الاستثمار الزراعي في دول حوض النيل من أفضل الاستثمارات نظرا لجودة أراضيها وخاصة السودان التي يبلغ حجم الأراضي الصالحة للزراعة فيها 250 مليون فدان.
ويتفق د. سعد نصار مستشار وزير الزراعة مع الرأي السابق, وأضاف أن هناك مليوني فدان علي الحدود بين مصر السودان سيتم استغلالها في زراعة المحاصيل التي تمثل فجوة في الدول العربية خاصة الحبوب خاصة إذا عرفنا أن الدول االعربية تنتج 62 مليون طن منها ونسبة اكتفاءها الذاتي لاتتعدي 56%,كما تنتج الدول العربية 1.6 مليون طن من الزيوت ونسبة اكتفاءها الذاتي لاتتعدي 24% وتقدر الفجوة الغذائية العربية بنحو 18 مليار دولار وتزداد سنويا.
يطرح عبد الفتاح مطاوع رئيس قطاع مياه النيل بوزارة الري والموارد المائية رؤيته بقوله إن مشكلات دول أفريقيا عديدة جدا وعلي رأسها عدم الاستقرار السياسي في دول الحوض مثل مشاكل الحدود بين إريتريا وإثيوبيا,والحروب الأهلية في رواندا وبوروندي,والانقلابات والاضطرابات التي تحدث بين الحين والآخر في الكونغو الديموقراطية, بالإضافة للفيضانات والفقر وموجات الجفاف التي كثيرا ما تتعرض لها دول القارة السمراء.وهل تكمن هذه المشكلات من وجهة نظر عبد الفتاح مطاوع في اتفاق الجميع علي التنمية الشاملة, فأفريقيا تملك موارد مائية هائلة ومع ذلك تعاني العديد من دولها من نقص شديد في مياه الشرب بالإضافة إلي مشكلة نقص الغذاء ومشاكل أخري كثيرة مثل الصرف الصحي والتلوث.