استخدام مياه النيل لغسل الأواني والملابس من قبل الفتيات والسيدات في الأرياف مشكلة صعبة التغيير…لماذا؟ هل لأنه لا يوجد لديهن بديلا. هل هن مجبرات علي ذلك؟ ويبقي النيل هو الضحية…ولكن إلي متي؟!.
في البداية تقول د.إيمان محمد صبري رئيسة قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة الفيوم: بصفة عامة أن حالة العشوائية التي تظهر في الكثير من سلوكياتنا ناتجة عن عدم التخطيط, لذلك ينتج السلوك العشوائي خاصة في الريف والمناطق الأقل تحضرا نجد العشوائية في حياة الناس, بدليل أن المياه دخلت كل منازل الأرياف ورغم ذلك يتركونها ويذهبون لاستخدام مياه النيل في غسل الأواني والملابس وليس بغرض تلوث مياه النيل, لكن من الناحية النفسية تأتي هذه التصرفات والسلوكيات الخاطئة وكأنها وسيلة للترفيه وتفريغ الطاقة التي بداخلهم يخرجون من المنزل ويقضون وقتهم علي شواطئ الترع والنهر للغسيل وتصل المدة من الصباح إلي ما بعد الظهر ولا يسألهم أو يحاسبهم أحد لأنهم ينجزون أعمال المنزل التي من الممكن أن تنجز في ساعة داخل منازلهم لكنهم يخرجون للترفيه, ويصبح المكان للتلاقي مع بعضهن ويسعدن لذلك لأنه لا يمنعهن أحد من قضاء الوقت الطويل ولأنه لا يوجد بديل للتلاقي مثل النوادي وأماكن التجمعات المفيدة المثمرة, ويكون ذلك التجمع مركزا لتبادل الأخبار والحكايات بين الفتيات.
أشارت د.إيمان أن هذه الأوقات تكون بالنسبة لهن أسعد الأوقات فكما يجلس معظم الرجال علي المقاهي ليس بغرض شربالدخان فقط لكن أيضا بغرض التنفيس عما بداخلهم, وهذه السلوكيات صعبة التغيير لعدة أسباب منها الفقر, فلا يستطيع الزوج أخذ زوجته للنزهة لأن دخله في اليوم, يكفي بالكاد احتياجات اليوم أيضا العادات والتقاليد التي لا تسمح في القري حتي الآن أو تعترف بخروج الفتيات للنزهة أو التمشية, ويتعللون بالقول إنهم أسر محافظة.
أضافت د.إيمان نصري أنه لابد من التوعية لهؤلاء الأسر وهذه الشريحة من المجتمع عن طريق وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية وإيجاد البديل لهن من خلال إنشاء نوادي وأماكن تجمع تثمر بإنجاز مهام في أوقات الفراغ عن طريق شغل وقت فراغ الفتيات الصغيرات لتعويدهن علي هذا السلوك ويكون من الصغر وأيضا إعادة تأهيل لأولياء الأمور ونوضح لهم مخاطر استخدام مياه النيل علي الصحة العامة.
يؤكد د.شريف الدين السيد مدير إدارة مكافحة الأمراض المعدية أن الغسيل في النيل له أكثر من شق ويمثل أخطارا جسيمة علي الأطفال والمجتمع عامة فالسيدات يذهبن لغسل الملابس والأواني في الترع والمصارف التي تكون المياه بها راكدة ويتعرضن لأمراض البلهارسيا والكوليرا والتيفود, ويعتقدن أن الأواني تنظف وتلمع من الغسيل بهذه المياه, وهذا فعلا من الناحية الظاهرية لكن ميكروبات كثيرة تظل عالقة بها نتيجة إلقاء المواد العضوية التي تتفاعل مع الكلور, وتسبب الأمراض المسرطنة, أما الأطفال فتكون مناعتهم أقل فهم يتعرضون للنزلات المعوية والدوسنتريا الأميبية.
يضيف د.مدحت عادل استشاري الجراحة أن هناك خطورة علي الأولاد والسيدات من الوقوف علي شاطئي الترع والنيل, خاصة إن كان لديهم جروح في إقدامهن, فالأطفال مناعتهم أقل فلو أصيب الجرح بتلوث فيؤدي ذلك إلي مضاعفات في ارتفاع درجة الحرارة, خاصة إن كانت هناك بؤر صديدية في الجسم, فلابد من الوقاية وعدم التعرض للميكروبات التي توجد في شاطئ المياه حتي لا تؤدي إلي تهتك الأنسجة بسبب التهاون في التعرض للتلوث, أما في حالات التلوث الشديدة في الجروح المفتوحة بعمق تؤدي إلي الوفاة.