كانت مسلسلات رمضان تخضع للميكرسكوب, وينظر لها بأهمية بالغة, فالأسرة كانت تجتمع حول مسلسل أو اثنين مساء يدور حولها حوار مجتمعي خلال اليوم ويعكف النقاد والمهتمون بقضايا المجتمع علي دراسة أثرها المجتمعي, ويتناحر المقتنعون بدور الفن في قيادة المجتمع للأمام مع أصحاب فكرة الإبداع المطلق… ولكن كل هذا ضاع الآن في مهب الريح بعد أن تزاحم خمسون مسلسلا علي استقطاب المشاهدين, وكلت أناملهم من تحريك أزرة الريموت كنترول, ولا أعلم لماذا تتسابق المسلسلات للعرض في رمضان. بالرغم من أن فرص مشاهدتها ومتابعتها تقل كثيرا إذا ما قورنت بطوال العام.
حاولت في الأيام الأولي من شهر رمضان أن أتجول بين القنوات لالتقاط أهم أفكار المسلسلات والوقوف علي ما يجذبني لمتابعته, فوجدت نفسي كمن قذفت في البحر وهي لا تجيد العوم. إذ ظننت في البداية أنني أستطيع متابعة ثلاثة منها ولكن إذا بي أتوه بين القنوات والمواعيد وأجلس بالساعات أحرك الريموت دون أن أصل إلي المسلسل المطلوب فقررت الخروج من المأزق بالاستعانة بالإعلانات المنشورة في الصحف والتي تعرض مواعيد البرامج والمسلسلات علي عدد من القنوات… وجدت نفسي أفتح الصفحات وأبحث عن المواعيد, وشعرت أنني كالطالب الذي يقلب الملاحق التعليمية بالصحف… ومع هذا فشلت لأنه قد يتصادف وصولك للقناة المطلوبة في الموعد المحدد لمسلسل ما فتجد الفقرة الإعلانية ولا تستطيع أن تستنتج اسم المسلسل الذي قطعته وطبعا تضطر للتحويل بالريموت فتجد إعلانات أيضا… هي هي الإعلانات بعينها وهلم جر وإذا نجحت في الوصول مرة ثانية للقناة المقصودة قد تجد المسلسل انتهي.
ظننت أنها مشكلتي وحدي فواساني كثيرون بمشاطرتي المأساة!!… واشترك الكثيرون في الشعور بالأسي من إنفاق 750 مليون جنيه علي مسلسلات رمضان!! وتكرار إعلانات لشركات بعينها علي كم هائل من القنوات سأمها المشاهدون لأنهم شعروا أنها بجملتها مسلوبة من جيوبهم لأن المستهلك هو المتحمل في النهاية لكل هذه النفقات الإعلانية من سعر الخدمة أو السلعة.