سنة أولي مدرسة مرحلة مهمة لكل طفل فيها يبدأ تكوين شخصيته وعلاقاته الاجتماعية, وينتظرها الأطفال بشغف, ولسان حالهم يقول: إحنا كبرنا وهندخل المدرسة لكن كيف تكون السنة الأولي لهم حينما تقترن بالتعلميات الكثيرة والتخويف والترهيب الدائم من الإصابة بإنفلونزا الخنازير؟, وغلق بعض الفصول في المدارس, وعزل الأطفال المصابين بنزلات البرد أو حتي أي أعراض للإنفلونزا؟.. أعتقد أنها ستكون تجربة مختلفة بالنسبة لهؤلاء الأطفال الصغار, وتحتاج المزيد من الاهتمام بهم ليجتازوا هذه المرحلة دون أن يتسبب ذلك لهم في مشكلات اجتماعية أو نفسية في علاقتهم بالمدرسة في السنوات المقبلة.
حول هذا الوضوع تحدثنا إلي مارلين صدقي, معالجة نفسية, دبلوم علم النفس الإكلينيكي, فقالت: الأطفال في سنة أولي مدرسة أو الروضة لايزالون في الرابعة أو الخامسة من عمرهم, لذلك من الأفضل أن يكون هناك مساعدين للأطفال طوال اليوم الدراسي لتطبيق التعليمات الخاصة بقواعد النظافة واستخدام المطهرات في المدرسة في غسل أيديهم أكثر من مرة أثناء اليوم الدراسي, ويتم ذلك بشكل تلقائي وليس تعليمات حتي لا يصاب الطفل بحالة من الذعر والخوف المبالغ فيه.
أما بالنسبة لاستخدام الأطفال الصغار للكمامات فإذا لم يتم توعيتهم بكيفية استخدامها بشكل جيد سيتحول الأمر إلي مجرد لعبة, فمثلا هناك أطفال يلعبون بالكمامات من خلال تبادلها مع بعضهم البعض, مما قد يتسبب في نقل العدوي بالأمراض بينهم بدلا من حمايتهم, أو قد يشعر الأطفال بأنها نوع من التقيد لحركتهم وانطلاقهم داخل المدرسة.
وتضيف مارلين أنه يفضل أن تكون معظم الأنشطة لمرحلة الروضة في فناء المدرسة خاصة أن هذه المرحلة بالمدارس يجب أن نهتم فيها بالمقام الأول بكيفية تعلم الطفل من خلال اللعب والأنشطة المحببة إليه, بالإضافة إلي التعامل مع أقرانه بشكل جيد, وتكوين علاقات اجتماعية معهم قبل التعليم الأكاديمي لهم. وحتي يتحقق ذلك يجب أن يكون لدينا مجموعة عمل من المدرسين والمساعدين لديهم الوعي الكافي بالتعامل مع هذه المرحلة العمرية وتوعيتهم بأساليب النظافة العامة وكيفية التصرف عند إصابتهم بأي أعراض للإنفلونزا دون أن يتسبب ذلك لهم في نوع من الارتباك والخوف.
أما بالنسبة للوالدين يجب أن يبتعدوا عن التحدث بكثرة أمام أطفالهم عن مرض إنفلونزا الخنازير والوباء المحتمل حتي لا نتسبب في إصابهم بنوع من الهلع من الذهاب للمدرسة, فقط علينا أن نعمل علي إكسابهم العادات الجيدة في النظافة العامة بشكل طبيعي.
تتفق معها في الرأي الدكتورة إيمان جلال أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة حلوان, وتضيف أن بداية العام الدراسي هذا العام تتسم بحالة من القلق والتوتر لدي المعلمين والطلاب, فعلي مستوي الدراسة لا يكون هناك استقرارا, وبالتالي ينتقل هذا الأمر للعلاقات الاجتماعية للطفل مع أقرانه داخل المدرسة أيضا, فالأطفال الصغار في مرحلة الروضة بالمدرسة يصاب الكثيرين منهم بنوع من القلق وبالتالي هذا الأمر يساعد علي وجود عزلة بين الأطفال.
تشير إيمان إلي أننا في مجتمعنا ليس لدينا الوعي الكافي بالمرض وعادة ما نتصرف تجاه الأمر بسلوكين متضادين لا وسط لهما, أولهما تجاهل الأمر وكأن شيء لم يكن فإذا كان هناك شخص مصابا بالإنفلونزا نتعامل معه بشكل عاد, ونجلس بجواره دون توخي الحذر, أما الاتجاه الآخر فهو الحذر الزائد والتعامل مع أي شخص مصاب بأي أعراض للإنفلونزا بنوع من الخوف والذعر. وكل من السلوكين له مشاكله, فالأول قد يتسبب في إصابة أطفالنا الصغار بالعدوي بالإنفلونزا بسهولة وبشكل متكرر, والاتجاه الثاني قد يصيب الطفل بالرعب من الصغر مما قد يجعله يخشي الذهاب إلي المدرسة, وتتكون لديه مشاعر كراهية وعداء تجاه المدرسة منذ السنة الأولي له فيها, ويستمر ذلك لفترة طويلة ويصعب التخلص منه فيما بعد.
لذلك من المفترض أن يكون المعلمون بالمدرسة مؤهلين ولديهم وعي جيد خاصة حينما يجدوا أن أحد الأطفال لديه أعراض إنفلونزا, عليهم التصرف بهدوء وبأسلوب يراعي نفسية الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة, وبذلك لا يشعر الطفل الذي يعاني من أعراض إنفلونزا بالنبذ ممن حوله, وكذلك الأطفال الآخرين لا يصيبهم الرعب. خاصة أن هذه السنة تمثل للطفل الخبرة الأولي بالمدرسة فيجب علينا أن نهتم بأن تكون جيدة ويكون فيها الطفل علاقات اجتماعية جيدة وصحية مع أقرانه بعيدا عن تخويف وإرهاب الأطفال من المرض بسبب المدرسة.
مادلين نادر