عيد الأم من أجلك أيضا
مضت أيام بل سنين وأنت تنتظرين بكل لهفة واشتياق اليوم الذي تنجبين فيه طفلا يملأ عليك الحياة من حولك ومن ثم يشعرك بدفء العلاقات الأسرية التي تشعرين أنها قد تلاشت وسط هموم الدنيا ولم تشاء إرادة الله. فكيف تستقبلين عيد الأم هل تستسلمين لمشاعر الإحباط والاكتئاب وتنعزلين عن محيط أسرتك وكأنها نهاية العالم؟ أم تشاركين وتستعدين لذلك اليوم بالبهجة والفرحة؟!
هذا ما حاولنا استقصاءه من خلال استطلاع آراء بعض الزوجات للوقوف علي مدي فكرة تأييد المشاركة من عدمها في احتفالات عيد الأم الأمر الذي أسفر عن وجود آراء مختلفة تؤيد فكرة المشاركة في احتفالات عيد الأم ومنهن من يعارضن ذلك الرأي – وهن الغالبية العظمي – حيث يرفضن الخروج لتهنئة الأهل في ذلك اليوم منعا للإحراج خاصة مع زوجات الأشقاء أو أخوات الأزواج علي أن يتم تقديم الهدايا الرمزية لوالدتهن وحمواتهن في أي يوم آخر. وعن هذا الموقف أخذنا آراء المتخصصين حول رفض المشاركة في احتفالات عيد الأم.
يقول دكتور سمير عبدالفتاح – أستاذ علم النفس جامعة عين شمس إن غريزة الأمومة تعد من أقوي الغرائز لدي المرأة السوية حيث تظهر لديها منذ الطفولة المبكرة تحتضن عروستها وتعتني بها إلي أن تكبر معها هذه الغريزة. فكثير من الفتيات يحلمن بالزواج من أجل أن يصبحن أمهات, ولما كانت لغريزة الأمومة مثل هذه القوة كان الحرمان منها شديد القسوة علي المرأة العقيمة فهي تشعر أنها حرمت من أهم خصائصها كامرأة, وباعتقادها أنها مهما حاولت أن تعوض هذا النقص فإنها في النهاية تشعر بفراغ هائل وأنه لا شئ يمكن أن يملأ هذا الفراغ بداخلها, وبالتالي تظهر أعراض الاضطرابات النفسية أو النفسجسمية ومن ثم يصبح سلوك البعض منهن سلوكا سلبيا عدوانيا تجاه الآخرين اعتقادا منهمن بأن نظرة الحب والحنان للطفل هي ضعف وإحساس بالحرمان أمام الآخرين, مما يجعلها شخصية سلبية تجاه ذاتها أولا ومكروهة ممن حولها ثانيا, لذا تنفر من مشاركة الأهل تلك الفرحة.
كما أن طبيعة مجتمعنا الشرقي وعاداته من إخفاء الأطفال من أمامهن خوفا من الحسد وغيرها من الأساليب المتوارثة التي تضيق بمشاعر بعضهن خاصة وأن لا دخل لهن في هذا الوضع وإنما هي إرادة الله.
كما يشير دكتور غريب عبدالسميع – أستاذ علم الاجتماع جامعة حلوان-إلي أن ما يزيد الموقف حساسية بالنسبة للزوجة التي لم تنجب بعد أن يكون ذلك لأسباب متعلقة بها مما يزيد من حجم المشكلة ويضعها تحت ضغوط نفسية وحيرة ما بين كيفية إرضاء زوجها وكيفية التأقلم مع الأهل والأصدقاء داخل معترك الحياة العامة وكيفية مواجهة نظرة المجتمع الدونية التي مازالت تنظر لها بعين الشفقة – وهو ما يجرح مشاعرها -.
وينصح دكتور عبدالسميع في هذه الحالة بعدم الاستسلام لليأس والإحباط فبإمكانها بعد الخضوع والتسليم لإرادة الله العمل علي إسعاد الآخرين من خلال سعة الصدر وتقبل الأمر الواقع بلا تذمر, والتسامي بغريزة الأمومة بداخلها بأي شكل من الأشكال كاعتبار أبناء الأخوات وما من هم في محيط العائلة بمثابة أبنائها أو الاتجاه لرعاية الأيتام أو العمل في دور حضانة للأطفال وغيرها.
لذا لو أذنت المرأة التي لم تنجب لنفسها أن تعتبر أولاد الجيران وأقاربها بمثابة أولادها سوف تخلق لذاتها حياة جديدة مما سينعكس عليها انعكاسا إيجابيا حينما تجد نظرة العرفان والجميل في أعين أبنائها يوم عيد الأم تعبيرا عن حبهم الصادق لها وما بذلته من أجلهم.
ويقول د. ثروت إسحق أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس:لا ننسي الدور الرائد الذي قامت به لليان تراشر التي جاءت من أوربا واستقرت في محافظة أسيوط وشيدت مؤسسة عملاقة للأيتام,فقد خلد التاريخ اسمها, حيث أصبحت أما لهذه المؤسسة لكونها استطاعت أن تمد يد العون لإنقاذ وانتشال أبناء كثيرين من الضياع كان من المحتمل أن تضعهم ظروفهم الاجتماعية ضحايا للإجرام والانحراف.
ومن هنا ندعوك بأن تكوني شخصية إيجابية تجاه الآخرين, وأن تعلمي جيدا أن عدم الإنجاب ليس هو نهاية العالم بل بإمكانك إسعاد نفسك ومن حولك بمشاركتك بأمومتك لكثيرين في حاجة لها,الأمر الذي ستجدين فيه نفسك تستعدين لفرحة عيد الأم فأنت أم لكثيرين في هذا اليوم بحبك وحنانك مع كل الحب والتقدير أيتها الأم العظيمة.