ربما يسأل الشباب:ما هي دوائر الانتماء في حياتنا,إذا كان الانتماء هكذا مهما,وهكذا مفرحا؟هناك دوائر متعددة,تتسع شيئا فشيئا فتخلق من الإنسان,إنسانا كونيا,أي أن يتسع قلبه ليشمل الكون كله,لأنه حينما اختبر الحب اللانهائي,الذي هو الله,اتسع قلبه ليحتوي الكل,ودوائر الانتماء هي:
1- دائرة الأسرة
وهي أضيق الدوائر,ولكنها مهمة,فالإنسان المنتمي إلي أسرته سيحب والديه وإخوته,ولن يفعل ما يشين أسرته,أو يعوق مسيرة إخوته.
تصوروا عضوا في الأسرة وقد انحرف أو أدمن أو فسد..ألا يؤذي الأسرة كلها في سمعتها!ولو أن فتاة انحرفت مثلا,ألا تعطل زواج إخوتها وأخواتها, وبالعكس, فالعضو المسيحي الصادق في مسيحيته,والمخلص في انتمائه سيفكر في أسرته قبل نفسه,لأنه إنسان غير أناني,يعطي قبل أن يأخذ,وحتي دون أن يأخذ.
2- دائرة الكنيسة
فهذا أرثوذكسي مقتنع بعقيدة كنيسته,يحيا طقوسها ويشبع بألحانها,ويتشفع بقديسيها,ويمارس حياتها,ويحس من خلال الأفخارستيا أنه في شركة حية,ذات أبعاد رباعية:شركة مع الله,وشركة مع السمائيين,وشركة مع إخوته في الكنيسة,وشركة مع إخوته في البشرية,إذ يصلي من أجل العالم كله.والكنيسة علمتنا أن نكون متسعين حتي للغريب, واليتيم, والأرملة, والضعيف, وأن نصلي من أجل الرئيس, والوزراء, والزروع, والثمار, والمياه, والأهوية, والنيل… إلخ.
لذلك فالإنسان يجب أن يحس بانتمائه إلي كنيسته القبطية الأرثوذكسية,بماضيها وحاضرها ومستقبلها,كعضو حي فيها.
3- دائرة المسيحية
والأرثوذكسي الصادق يحب إخوته المسيحيين في الطوائف الأخري, كالكاثوليك والإنجيليين, في صدق يبرهن علي سلامة مسيحته. فالسيد المسيح يشتاق أن نتحد في الإيمان,وهذا لن يتم إلا من خلال المحبة,والحوار اللاهوتي,والاحترام المتبادل,وحتي إذا رفض الإنسان المسيحي الهراطقة غير المسيحيين من أمثال السبتيين وشهود يهوه,والمورميين,إلا أنه يكرههم بل يرجو لهم التوبة,والعودة إلي حظيرة الإيمان المسيحي السليم.ولذلك فالمسيحي الأرثوذكسي,يتمسك بمسيحيته وأرثوذكسيته ولكن دون تعصب أو ضيق قلب.
4- الانتماء للوطن
ومن منا لايفخر بانتمائه لمصر؟!إن قلوبنا تهتز فرحا حينما نسمع نشيدا لمصر,أو حينما نسمع عن انتصار مصري حققه أبناء مصر.سواء في ميادين السياسة أو العلم أو الفن أو الأدب أو الرياضة وغير ذلك..ولعل ثورة 25 يناير من أهم ما كشف عن معدن مصر,وحضارتها العريقة لدرجة أن هناك ترشيحا لأن تنال ثورتنا المصرية جائزة نوبل.
فما أسعدنا بتاريخنا,وحضارتنا,وآثارنا,وروحنا المتميزة.
نعم ما أسعدنا بمصر..التي باركها الرب منذ القديم,ووطأتها أقدام المسيح,والقديسين,والأنبياء…كيف لانسعد بالانتماء لها؟وكيف لانتقدم لخدمتها,ونرفع رايتها عاليا في كل المحافل الدولية؟وهنا أهمس في أذنك يا أخي الشاب,ويا أختي الشابة:هل يشارك كل منكما في واجبه الوطني بالعمل الجاد والأمانة المسيحية,والمواطنة الصالحة,وهل يقوم كل منكما بدوره الوطني في تقديم الفكر والرأي والنموذج سواء في مجاله الصغير,أو في المجالات العامة كالانتخابات أو الانتماء للأحزاب والنقابات والاتحادات الطلابية والجمعيات…إلخ.
5- الانتماء للبشرية
الانتماء للبشرية يجعلني أحس بالشباب الفلسطيني وهو يصرخ من الاحتلال الإسرائيلي المتعسف, فهو شباب يطالب بحقه في الحياة والوطن والكرامة الإنسانية,وهي أبسط حقوق الإنسان, وكيف لا أحس بالتعاطف معه والمسيحية تعلمني صحوة الضمير,والإيمان بالحق؟
وهذا ما يحدث مع السود المضطهدين في جنوب أفريقيا, وكانوا يطلبون المساواة بين البشر, كيف لا نحس بقضيتهم؟!وكيف لانصرخ في وجوه البيض: إن ما تمارسونه ليس من المسيحية وحتي ليس من الإنسانية.كذلك المطحونون في الأرض.. بالجفاف, والمجاعة, والظلم, والقهر كيف لانحس بهم والكتاب يقول:اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم,والمذلين كأنكم أنتم أيضا في الجسدعب13:3.
إن المسيحية الحقيقية تلتزم بقضايا المجتمع, وهي ضمير العالم, والكنيسة هي جسد المسيح المقدس,تحتضن كل البشرية وتجتهد في نشر المحبة والعدالة والخير بين الناس.
السؤال الثالث
تحدث عن الصور العملية التي يمكننا بها أن نحيا الانتماء للوطن؟