بعد أن أصبح الرعب يتملكنا من تناول الدواجن والبيض بعد انتشار إنفلونزا الطيور. كان لابد من البحث عن بدائل أخري لها, خاصة بعد ارتفاع أسعار اللحوم والأسماك, فجاءت النصيحة من خبراء التغذية بتناول لحوم النعام والضفادع كبدائل مفيدة وصحية وآمنة للإنسان.
حول إمكانية تناول المواطن المصري لهذه الأنواع ومدي الإقبال عليها. أجرت وطني هذا التحقيق لمعرفة فوائد وأضرار هذه الأنواع وهل جميع أنواعها صالحة.
أنواع النعام
قال د. سمير محمد العناني أستاذ علوم الحيوان بكلية العلوم جامعة بنها: إن للنعام ثلاثة أنواع مختلفة الفصائل هي النعام أحمر الرقبة وأسود القبة وأزرق الرقبة ويعتبر أفضل أنواع النعام علي الإطلاق هو النعام ذو الرقبة السوداء فهو يتميز بأنه أليف وسميك الجلد وينتج البيض بوفرة ويبلغ ارتفاع النعامة الواحدة منه إلي 3 أمتار وتزن 150 كجم وسرعتها تقدر بنحو 60 كم/ ساعة. وتتمتع بقوة إبصار وسمع. فضلا عن رقبتها الطويلة التي تساعدها علي كشف مساحات أكبر أثناء الرؤية. بالإضافة إلي وجود جفنها الثالث الذي يحمي العين من الغبار والرمال وتكمن خطورة هذا النوع من النعام في قدرته علي الرفس والضرب القاتل إذا هجم حيث تصل قوة جسمه إلي أكثر من 200 رطل/ بوصة مربعة ويصل عمر النعامة إلي 60 عاما تنتج خلالها نحو 25000 بيضة ويقدر حجم البيضة الواحدة بـ 1.5 كجم. أما عن غذاء النعام فلا يحتاج لغذاء مكلف بل يتغذي علي الحشائش الخضراء مثل البرسيم والذرة الصفراء وفول الصويا والقمح بجانب السحالي والزواحف إن وجدت, والنعام يعيش في درجة حرارة تتراوح ما بين 10:50 درجة مئوية.
طائر غريب
أشار أ.د. طلعت سدراك المشرف العام علي حديقة الحيوان وأستاذ علم الحيوان إلي أن الحقائق تؤكد أن حياة هذا الطائر مليئة بالغرائب فصغار النعام بعد ولادتها بيومين تكون قادرة علي اتباع الأم ومجاراتها في الجري السريع ولا تضع النعامة رأسها في التراب كما هو شائع بين العامة خوفا وإنما لتقترب أذناها من الأرض لكي تستطيع التعرف علي أماكن أعدائها ومدي قربهم منها.
تربية النعام
أكد الدكتور مجدي راشد سراج الدين إخصائي بيطري أن إنشاء مزارع النعام أسهل من إنشاء مزارع الدواجن أو الأغنام فرغم فرق الأسعار بينهما إلا أن الأمر يحتاج فقط لقطعة أرض تقسم إلي عدة حظائر عن طريق الحواجز الحديدية, حيث يوضع في كل حظيرة ذكر وأنثي استعدادا لموسم التزاوج وبعده ترقد النعامة علي بيضها لمدة تتراوح ما بين 39:42 يوما وفي حالة فقس البيض يأخذ النعام الصغير إلي حضانة تنشأ خصصا بالمزرعة لهذا الغرض حيث يتلقي النعام الدفء لمدة يومين ليبدأ في اليوم الثالث الاجتماع مع أبويه وتناول الطعام والجري. ويحتاج النعام في بداية إنشاء أي مزرعة تقوم بتربيته إلي المتابعة الطبية فيطعم بعدة تطعيمات مختلفة ضد الأمراض كطعم مرض النيوكاسل والإسهال المعوي, فالنعام لا يحتاج إلي رعاية صحية مكثفة فهو قليلا ما يمرض وفي حالة مرضه تكون نهايته. كما أن النعام لا يتسبب في نقل الأمراض المعدية للبشر – علي حسب تحاليل المعامل المركزية بوزارة الصحة – فهو لا يحمل عدوي الحمي القلاعية أو جنون البقر أو إنفلونزا الطيور.
النعام يعالج الأمراض
أوضح د. مجدي نزيه أستاذ التغذية بالمركز القومي لأبحاث الغذاء ومعهد التغذية أن النعام في حد ذاته صيدلية متنقلة للبشر حيث إن لحومه خالية من الدهون والكوليسترول علي عكس لحوم الأبقار والأغنام والدواجن المليئة بالأمراض والدهون مما يجعله أكثر ملاءمة لمرضي القلب علاوة علي احتوائه علي نسب عالية من الحديد والبروتينات. كما أنه سريع النضح وسهل الهضم. بالإضافة إلي مادة الزهم المستخرجة من عظامه والتي تدخل في التركيبة الفعالة لدواء الروماتيزم واستخدام أربطة الركبة الخاصة بالنعام لزراعتها في ركبة الإنسان لتوافق الأنسجة بينهما في حالة تلف الركبة البشرية ويرجح العلماء استخدام قرنية النعام في ترقيع قرنية عين الإنسان للتشابه الكبير بينهما.
تجربة نموذجية وشخصية
قال المهندس سامح محمد أحمد مهندس زراعي وصاحب إحدي المزارع الحالية للنعام بمدينة العاشر من رمضان إنه بدأ إنشاء مشروعه عام 1999 علي مساحة كيلو متر مربع واحد لتربية 400 نعامة بغرض الإنتاج والتسويق من اللحوم والجلود والبيض والريش وتم استيراد النعام من جنوب أفريقيا الدولة الأولي في ذلك وبالفعل مع نهاية القرن الـ 20 بدأت الأسواق العالمية في استيراد وتصدير لحوم وجلود النعام مثل أمريكا والسعودية والإمارات والكويت وأخيرا مصر وبالرغم من استثمار النعام المربح إلا أن له مشاكله كثيرة مثل الروتين في عمليات الاستيراد والتصدير بجانب فوائد الديون البنكية التي تتراكم بسبب القروض لكن المشكلة الكبري هي عدم الإعلان عن فوائد لحم النعام كبديل صحي للدواجن.
بورصة للنعام
بينما أكد أ. د. محمد صلاح مدير مركز تكنولوجيا الدواجن بكلية الزراعة جامعة القاهرة أن الكلية قامت بفتح منفذ لبيع لحم النعام تحت إشرافه وبدأ سعر كيلو اللحم من 9:15 جنيها وذلك لدعم المواطن محدود الدخل وتقديم لحم النعام كبديل صحي للحوم الحمراء والأسماك مرتفعة الثمن في ظل كارثة إنفلونزا الطيور وبالفعل أقبل علي الشراء عدد كبير من المواطنين بمحافظة الجيزة في اليوم الأول. زاد أكثر في اليوم الثاني بعد أن جربه المواطنون واستحسنوا طعم لحمه فقاموا بشراء كميات مضاعفة منه وامتدت التجربة 7 أيام كاملة وسوف تستمر هذه التجربة لخدمة جميع المواطنين في الأوقات التي تقوم بتحديدها الكلية والجامعة.
أضاف أ.د. صلاح أنه في الفترة الأخيرة أدرك رجال الأعمال والمستثمرون بمصر أهمية إنشاء بورصة خاصة بتجارة وإنتاج النعام في ظل إنشاء مزارع أكثر تهتم بتربيته وإنتاجه في محافظات عديدة كمحافظة سيناء والإسماعيلية والطريق الصحراوي بين القاهرة – الإسكندرية.
لحوم مرتفعة السعر
أضاف د. أحمد البسطامي رئيس قسم الدواجن بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة: أن ارتفاع سعر النعامة يؤدي إلي ارتفاع سعر كيلو اللحم منها فهو يبدأ من 65 جنيها ويصل إلي 100 جنيه ولا يقبل علي شرائه إلا الفنادق الفاخرة وذلك لقلة أعداد مزارع النعام الحالية بمصر مما يصعب علي المواطن محدود الدخل شراؤها بالرغم من كونها طعام صحي وآمن للإنسان.
حول علاقة النعام بالفن, قالت رانيا سعد الطالبة بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان: إن الطلاب بقسمها يشترون بيض النعام غير المخصب من أصحاب المزارع ويقومون بإفراغ محتوي البيضة بعناية شديدة علي مدي 20 ساعة لأن سمك البيضة لا يتجاوز 2 ملليمتر ويتدرب الطلاب علي ذلك لمدة 6 أشهر كاملة لإتقان مهارة الرسم والحفر عليها. كما يذكر أن بعض الفنانين بالعالم يقومون بتطعيم بيضة النعام بعد الرسم أو النحت عليها بالأحجار الكريم ويتيح هذا العمل دخلا ماديا مربحا حيث يسوق الطلبة أعمالهم في الفنادق الكبري والبزارات السياحية ليشتريها السائحون.
حقائق علمية عن الضفادع
قال سعيد طلبة صاحب أكبر مزرعة ضفادع بمنطقة أبورواش بالجيزة: إن تربية الضفادع في مصر بدأت عام 1970. علي يد عائلة طلبة وتنقسم الضفادع إلي سبعة أنواع مختلفة ثلاثة منها صالحة كطعام وأشهرها ضفادع الرانا الخضراء. أما الأربعة أنواع الأخري فيتم توريدها لكليات الطب البيطري والصيدلة والعلوم والزراعة لأنها تستخدم في أغراض البحث العلمي ومنها ضفادع الأرقط والبوفو ويصل ثمن الكيلو جرام الواحد من الضفادع الخاصة بالطعام إلي 120 جنيها أو إلي 12 دولارا وتعتبر الفنادق من أكبر المستهلكين لتقديمها كوجبة غذائية محببة للسائحين الأجانب خاصة الفرنسيين والإيطاليين والهولنديين والصينيين حيث تعادل الضفادع في قيمتها الغذائية كلا من الجمبري والاستاكوزا فهي غنية بالبروتين والكالسيوم والفسفور. إضافة إلي أنها عالية البروتينات وتعمل علي تدفئة الجسم في فصل الشتاء.
شروط مزارع الضفادع والتصدير
أوضح طلبة أن مزرعة الضفادع لا تقل عن مساحة خمسة أفدنة تخطط علي شكل ترع طولية يبلغ طولها 50م أما عرضها وعمقها فلا يتعدي المتر ولا تستخدم المواد الخرسانية في إنشاء هذه الترع. كما تغطي هذه الترع بالشباك لحماية الضفادع من الطيور ومن أفضل المزارع من توصل ترعها بمياه نهر النيل فالمياه فيها تحتوي علي الطحالب والريم والعوتاس الذي تتغذي عليه الضفادع وتنمو ولا تحتاج مزارع الضفادع في بداية تشغيلها إلا لحوالي 200 ضفدعة كبيرة الحجم. وتستمر تنقية الترع باستمرار بواسطة تصريف مياهها في المصارف المخصصة بذلك. كما تستخدم المطهرات والمنظفات في أحواض هذه الترع حتي لا تتعفن المياه وتصاب الضفادع بالفطريات وتموت ففي فصل الصيف يتم تنقية مياه الترع كل 3 أيام, أما في فصل الشتاء فلا يتطلب الأمر ذلك إلا كل 5 أيام.
أضاف طلبة: أن هناك طريقتين لتصدير الضفادع الأولي وضعها في أقفاص بلاستيكية علي طائرات الشحن المخصصة لذلك بعد موافقة وزارة الزراعة أو أن تذبح الضفادع وتوضع في صناديق بلاستيكية بها أدراج تحتوي علي الثلج حتي تحتفظ بأجسامها سليمة من الفساد ويبدأ موسم التصدير منذ شهر أبريل وحتي شهر أكتوبر ليتم اصطياد ضفدع الرانا الأخضر بنفس طريقة صيد الأسماك وتتغذي الضفادع علي الذباب والناموس والحشرات والطحالب المائية ويتراوح سعر ضفدع الرقطاء الذي يستخدم في الأبحاث العلمية من 25 قرشا إلي جنيه ويعيش هذا النوع في البرك والمستنقعات كما يستخدم كغذاء لثعابين الكوبرا. ولا توجد أي مشكلات في عملية التصدير إلا المنافسة حيث يتنافس المصدرون الأجانب مع المصريين خاصة ما بين تركيا واليونان وألبانيا وبين مصر فيقومون بطرح إنتاجهم في السوق الأوربية بأسعار رخيصة مع العلم بأن تربية الضفادع مكلفة جدا مما يؤدي إلي خسارة المصدر المصري رغم إنتاجه الجيد.
ضفادع.. المزارع
كما أشارت د. فاطمة سمير الأستاذة المساعدة بقسم الحيوان بكلية الزراعة جامعة القاهرة إلي أن ضفادع الأبحاث تختلف عن ضفادع الطعام ويطلق عليها في الدول الأوربية اسم دجاج المزارع فهي من الوجبات الشعبية في عدد كبير من بلدان العالم المختلفة وزاد الإقبال عليها أكثر بعد انتشار مرض الحمي القلاعية في أوربا. لكن الشعب المصري لا يتجه إلي هذا البروتين من الطعام بسبب عاداته وتقاليده وأسلوبه في اختيار أصناف الطعام. أما ضفادع الأبحاث فتحتوي علي غدد سامة تفرز مادة لزجة لتحمي الضفدعة من الأعداء وتفضل الضفادع العيش في المناطق قليلة العشب بالقرب من المياه الضحلة وهي من فصيلة البرمائيات شعبة الجبليات حيث إنها تحتوي علي نخاع شوكي بسيط وتتغذي هذه الأنواع من الضفادع علي الحشرات كالذباب والنمل والجراد والعناكب والعقارب والصراصير علي عكس ضفادع الطعام.
أضافت د. فاطمة أن موسم التزاوج لدي الضفادع يأتي في فصل الربيع حيث تضع الأنثي ما بين 10: 12 ألف بيضة علي شكل 4:5 أشرطة زلالية ويبلغ طول الشريط الواحد منها من 2:4م ويفقس البيض بعد 4 أيام ليصبح يرقات تعيش في الماء يطلق عليها أبوذنيبة ثم تتحول إلي ضفدع كامل بعد الانتهاء من طور النمو.
الضفادع في خطر
أكد د. سامي زلط أستاذ العلوم بقناة السويس أن عملية الجمع الجائر للحيوانات تهدد بكارثة حيث إن أعداد الضفادع التي تستخدمها المراكز البحثية والكليات العلمية تبلغ نحو 4.5 مليون ضفدع سنويا مما يؤدي إلي فناء هذا الكائن الذي يحقق التوازن البيئي والطبيعي في مصر. كما أن الوسائل التي يتم اتباعها في عمليات الجمع والتشريح والتخلص من مخلفات التشريح تحتاج إلي مراجعة كبيرة من الناحية الإنسانية والصحية حيث ثبت أن جامعي تلك الحيوانات الميتة يتعرض أكثرهم إلي الوفاة ويرجع السبب إلي عدم استخدام عمال النظافة العاملين في هذا المجال لقفازات اليد أثناء التعامل مع الضفادع المشرحة خلال عمليات الجمع مما يعني ملامسة المواد السامة التي تفرزها الضفادع ومع الإهمال تحدث حالة من الغثيان وضيق التنفس وأحيانا يصل الأمر إلي الشلل في بعض العضلات.
واتفق كل من د. حامد رشدي بهيئة الطاقة الذرية والدكتور منير الجنزوري رئيس قسم الحيوان بكلية العلوم جامعة عين شمس علي أن جمع الحيوانات الميتة نتيجة الأبحاث لا يتم في الدول المتقدمة إلا بعد الحصول علي ترخيص من لجنة التشريعات البيئية. بالإضافة إلي أن هيئة اليونسكو العالمية بصدد إصدار قانون بشأن حقوق الحيوانات ومصر من أعضاء هذه الهيئة, كما أن استغلال بعض الدول لحيواناتها خاصة في المجال الاقتصادي يعد جريمة بيئية يجب المعاقبة عليها والأمر يقتضي وضع برامج تدريسية مكثفة تتضمن استغلال أقل عدد ممكن من الحيوانات في مجال البحث العلمي وذلك من خلال استخدام برامج المحاكاة بالكمبيوتر والنت لتدريب الطلاب علي النواحي العلمية والتشريحية بدلا من الاستخدام العملي في كل الأوقات.
أمراض الضفادع
قال د. ماهر خليفة أستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة: إن الضفادع تصاب عادة بنوعين من الأمراض هما فيروس يؤدي إلي إصابتها بالقروح والنزيف مع ضعف في الساقين. أما الآخر فهو فطر جديد بدأ يهدد الضفادع في جميع أنحاء العالم وأعراضه تتمثل في تغيير جلد الضفدع ليصبح أكثر سمكا, مما يؤدي إلي إصابة الضفدع بالتشنجات العصبية حتي الموت. لذلك يجب ملاحظة الضفادع داخل المزارع من قبل الأطباء البيطريين الموجودين داخل المزارع حتي يتم معالجة الضفادع في حالة إصابتها بأي مرض دون انتقاله لباقي الضفادع الموجودة بالمزرعة حتي لا يتسبب في النهاية بكارثة بيئية واقتصادية تتحملها الدولة أولا ثم صاحب المزرعة. فالمتابعة اليومية من الأطباء للضفادع ستحميها من أي خطر أو فيروس.