الانفجار السكاني متهم والوعي الشبابي حصن أمان
تؤكد الدراسات التي أجراها المركز المصري لحقوق المرأة أن 83% من المصريات و98% من الأجنبيات في مصر تعرضن لجميع أشكال العنف.. هنا يأتي التحدي باختيار القاهرة مع كل من مدن كيفالي ونيودلهي وبورتموريس وكيتو لإطلاق صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة يونيفم مبادرة مدن آمنة خالية من العنف ضد المرأة والفتاة بالتعاون مع 29 شريكا من الجهات المعنية وجمعيات المجتمع المدني في مصر وخارجها, بعدما تزايد التحرش الجنسي والعنف الذي تواجهه المرأة في حياتها اليومية في الأماكن العامة في مختلف دول العالم ليبدأ العمل بعد ذلك علي تحديد المناطق غير الآمنة وتسجيل المخاطر التي تواجه النساء والفتيات في الأماكن العامة وتحسين قدرة السلطات المحلية والجهات الفاعلة للتصدي للتحرش الجنسي لجعل المدن أكثر أمانا.
عن اختيار القاهرة لإطلاق المبادرة قالت دكتورة هبة نصار نائبة رئيس جامعة القاهرة إن مصر من أوليات الدول التي وقعت علي اتفاقية القضاء علي جميع أشكال العنف ضد المرأة منذ صدورها في عام .1981
أما عن اختيار جامعة القاهرة لتنطلق منها المبادرة ذلك لأن جامعة القاهرة كانت ولاتزال مرتبطة بالمجتمع وتلعب دورا بارزا في تنميته, علاوة علي إيمان الأمم المتحدة بالشباب كمحرك أساسي لنمو مصر, مشيرة إلي أن العنف ضد المرأة لا يقتصر علي مصر فحسب بل هو ظاهرة دولية.
مسيرة
علي هامش المبادرة قادت مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان يوم إطلاق المبادرة بجامعة القاهرة مسيرة ضد التحرش شارك فيها أساتذة جامعييون وطلبة من الجنسين وعرفت التحرش الجنسي بأنه سلوك إيذائي ضد المرأة والفتيات له طابع جنسي, ويتضمن مجموعة من الأفعال بدءا من الانتهاكات البسيطة اللفظية والجسدية وانتهاء بالأفعال الجسيمة والاغتصاب. وشارك في المسيرة نحو 200 طالب وطالبة من المتطوعين للمشاركة في المبادرة الدولية التي أطلقها صندوق الأمم المتحدة الإنمائي, بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية وبرنامج المرأة في المدن العالمية, ومنظمات عالمية.
وأكدت أن دور الأسرة مهم ومحوري في إنجاح هذه المبادرة, لأنها المؤسسة التربوية الأهم في ترسيخ القيم والأخلاق في نفوس النشء والشباب, موضحة أن وزارة الأسرة والسكان بما لديها من برامج ميدانية وتجارب اجتماعية في كثير من المناطق الحضرية والعشوائية, تستطيع دمج رؤية وأنشطة هذه المبادرة ورسائلها في جميع هذه البرامج لتحقيق النتائج المرجوة. وأعربت وزيرة الأسرة والسكان عن حزنها الشديد لكون القاهرة من إحدي المدن التي تنتشر فيها مثل هذه الظاهرة المخجلة ##ظاهرة العنف والتحرش الجنسي والتي لم نكن نعهدها في طفولتنا وشبابنا, فقد كان المجال العام والشارع أكثر أمانا من الآن للفتيات والنساء وأكثر تقبلا للاختلاف والتنوع في المظهر والسلوك العام.
وأشارت إلي أن المرأة والفتيات في العالم تتعرضن بشكل يومي في الأماكن العامة من المدارس – الشوارع – العمل – المواصلات لصور مختلفة من العنف والتحرش الجنسي, وتغلف هذه الظاهرة غالبا بالصمت والكتمان وعدم المواجهة سواء علي المستوي الاجتماعي أو السياسي أو القانوني.
وأضافت إلي أن هناك بعض وسائل الإعلام المفتوح وبعض المواقع المنتشرة علي شبكة الإنترنت تلعب دورا شديد الخطورة في الترويج للصور النمطية شديدة التطرف عن المرأة, فإما أن تكون سلعة مبتذلة في الإعلانات التجارية والمواقع الإباحية, أو أن تكون رمزا للتشدد الديني والانغلاق الفكري.
وأكدت أن التغييرات السكانية أدت ليس فقط إلي زيادة عدد السكان بشكل خطير – ففي عام 2009 زاد عدد المصريين 2 مليون و200 ألف نسمة – ولكن إلي ارتفاع الكثافة السكانية بشكل غير مسبوق وخاصة في المدن والمناطق الحضرية مما أدي إلي ظاهرة الازدحام التي نعاني منها جميعا والتي تفقد المواطن والمواطنة الخصوصية الطبيعية وتساهم مع عوامل أخري في ازدياد ممارسات التحرش الجنسي.
وإن كنا نتطلع إلي سن قانون يحرم التحرش تحديدا فقد رأت الوزيرة أن القانون وحده ليس هو الحل ولكن تحريك الرأي العام عن طريق الحملات الإعلامية وحث قادة الرأي من رجال الدين والمثقفين والإعلاميين والقانونيين ورجال الأمن لتكوين رأي عام مناهض لظاهرة التحرش الجنسي, وذلك من أجل تشجيع المواطنة العادية علي التعبير عن نفسها بوضوح والإبلاغ من أجل إنفاذ القانون.
أشارت مشيرة خطاب, إلي أهمية تشجيع حركة تطوعية بين الشباب من الجنسين لرفض ظاهرة التحرش الجنسي وتوعية أقرانهم بخطورة هذه الظاهرة وأن المشاركة الشبابية تضيف بعدا جديدا إلي العمل وتجعل الشباب يشعر أن له قضية يدافع عنها ويعطي لها وقته وجهده. وحثت الشباب لتكوين مجموعة صغيرة داخل جامعة القاهرة ضد ظاهرة العنف والتحرش الجنسي والترويج لها في الجامعة كلها وعلي منتديات الشباب في شبكات الإنترنت وتشجيعهم علي العمل الجاد من خلال تنفيذ مبادرات مبتكرة, وألا يرتكوا إلي الأعمال والوظائف التقليدية حتي يستطيعوا بناء أنفسهم وبداية حياتهم العملية والأسرية.
التمكين وقاية
وأكدت الدكتورة هدي رشاد مدير مركز البحوث الاجتماعية بالجامعة الأمريكية وعضو المجلس القومي للمرأة علي ضرورة التمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمرأة كسبل وقائية لمنع العنف ضد المرأة لأنها تحتاج إلي مزيد من السياسات المتكاملة, وقالت إن المجلس القومي للمرأة يدرك هذه الحقيقة ويعمل علي القضاء علي العنف خاصة العنف البدني داخل الأسرة والتحرش الجنسي لأنهم أكثر أنواع العنف ضد المرأة المسكوت عنهم لحساسية الإبلاغ عن تلك الجرائم, لذا المجلس يتعاون مع العديد من الجهات المعنية لوقف هذه الظاهرة ومنها مركز بحوث الجامعة الأمريكية الذي وقع عليه الاختيار في إجراء دراسة وافية حول المناطق المنتشر فيها هذا النوع من العنف وتحريرها والانتهاء من تحليل نتائجها خلال عام وبالفعل تم تحديد خمس مناطق في القاهرة ورصد أسباب الظاهرة فيها, وعلي المجتمع بأكمله رفض الظاهرة تماما دون وجود أي مبرر للجاني حتي يتم القضاء عليه.
تعطيل طاقات
في حين حذر د. عادل زايد نائب رئيس الجامعة في كلمته التي ألقاها نيابة عن رئيس الجامعة د. حسام كامل من أن انعدام الأمن يعوق المرأة عن استخدام كامل طاقتها وقدرتها مما يجعلنا نتراجع عن التقدم وتحقيق التنمية المطلوبة للمجتمع, وأشار إلي ضرورة تعزيز التعلم المستمر وتبادل المعارف حول المدن المختلفة لتقليص أسباب الظاهرة لأننا نتطلع جميعا لمدينة آمنة تنعم فيها المرأة بالحياة العامة دون خوف من أي اعتداء.
[email protected]