د.عماد جاد: الدولة توظف التطبيع لموقف معين تراه
السفير فخري عثمان: هناك حاجز نفسي داخل الإنسان العربي يزول بجلاء إسرائيل
فريدة النقاش: مقاومة التطبيع جزء من المقاومة الشاملة
جمال فهمي: ضد التطبيع يعكس حقيقة الأغلبية الساحقة من المصريين
السفير حسام زكي: المجتمع المصري منفتح بشأن التطبيع
ضياء رشوان: ممارسوا التطبيع ينتمون إلي الليبرالية أو من أصحاب الصحافة والكتابة.
د.مختار الشريف: يجب تعريف المواطن بمنافع إتفاقية السلام
د.هالة مصطفي: هناك إزدواجية في الثقافة العربية
التطبيع مع إسرائيل ملف شائك… هكذا برهنت السنون منذ توقيع إتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979,فلدينا مع إسرائيل علاقات اقتصادية عديدة في مجال تطوير الزراعة بالصحراء وأيضا في مجالات الأبحاث في الصناعة وأشهرها اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة المعروفة بالكويز… ورغم ذلك يتجاهل الإعلام المصري هذه الروابط ولا يفصح إلا عن الاتصالات السياسية التي تتعلق بالشأن الفلسطيني حتي أن الاتفاقية وصفها البعض باتفاقية السلام البارد. فالتطبيع بحسب فريق من المحللين والخبراء يحكمه قدر من الإزدواجية باعتبار أن التطبيع الزراعي والصناعي لبحثي ماض في مساره بينما التطبيع علي المستوي الشعبي يميل إلي المقاطعة طالما أن إسرائيل لا تزال تحتل أراضي عربية وطالما لا يزال الشعب الفلسطيني مغبون الحق ولم يحصل بعد علي وطن قومي.
حول ملف التطبيع وتأثيره تدور تساؤلات عديدة: فكيف تتم استعادة الحقوق في الوقت الذي نقاطع فيه إسرائيل… هل بالمقاطعة تضعف إرادة إسرائيل فتجنح للسلام وأسئلة أخري تطفو إلي سطح العقل السياسي تحتاج إلي إجابات خاصة مع ما أثير مؤخرا من رفض لاستضافة د.هالة مصطفي للسفير الإسرائيلي بمكتبها في مبني الأهرام لعلنا نجد إجابات شافية في استطلاع الرأي الذي أجريناه.
حاجز نفسي
قال السفير فخري عثمان السفير السابق: من الطبيعي عندما تكون هناك علاقات سياسية بين دولتين أن يكون هناك تحرك شعبي في الاتجاهين, لكن هذا الأمر غير ممكن مع إسرائيل لوجود الحاجز النفسي داخل الإنسان العربي,ولا يمكن أن يزول طالما هناك أراضي مغتصبة وفلسطينيون يقتلون ولن يحدث مطلقا تطبيع مع إسرائيل.
ورقة في يد الحكومة
الدكتور عماد جاد رئيس تحرير مختارات إسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قال: التطبيع مع إسرائيل يختلف من الناحية السياسية عن الناحية الشعبية فعلي المستوي السياسي هناك سفارات بين الدولتين والعلاقة بينهما متكاملة مثل الزيارات واللقاءات بين المسئولين.
ولكن اعتبر التطبيع ورقة في يد الحكومة عندما تكون الأمور هادئة تكون هناك رسالة للأجهزة المختلفة,فنجد وسائل الإعلام هادئة في تناولها للقضايا المتعلقة بإسرائيل والعكس.
كما أن بعض الجهات الرسمية تزايد وكذلك الجماعات الإسلامية في مسألة التطبيع,كأن يتم استجواب من يسافر إلي إسرائيل ومؤخرا ظهرت قضية المصريين المتزوجين من إسرائيليات.
النخبة المثقفة
أضاف جاد: المشكلة أو اللبس يأتي من النخبة المثقفة في مصر حيث تنقسم إلي جزئين: الأول يذهب إلي إسرائيل ويستقبل إسرائيليين والآخر يرفض ذلك. ويتم توظيف هذا الأمر سياسيا بمعني أنه في أوقات معينة يسمح للمثقفين بالانفتاح علي إسرائيل واستقبال المسئولين ومثقفين منها,وفي وقت آخر يحرم ذلك بشكل مطلق,والسؤال متي تسمح الدولة بذلك ومتي لا تسمح؟ والإجابة هي توظيف سياسي لموقف معين تراه الدولة.
جزء من المقاومة
فريدة النقاش رئيسة تحرير جريدة الأهالي وبقدر من التوكيد قالت: مقاومة التطبيع مع إسرائيل هو السلاح الأساسي الذي تملكه الحركة الشعبية المصرية حيال الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين,وبالتالي أي اختراق لهذه الوسيلة يعتبر إضعافا لها,ويمنعها من توجيه رسالة غضب لإسرائيل ضد ممارساتها العدوانية.
وعندما تنسحب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينية,وتعيش في المنطقة كجزء منها عندئذ سيكون التطبيع ممكنا,ونحن نوجه رسالة للشعب الإسرائيلي: أننا لن نقيم علاقات معكم قبل أن ترغموا جيش الاحتلال علي الانسحاب من جميع الأراضي العربية وإقامة دولة فلسطينية.
ضد التطبيع
يقول جمال فهمي عضو مجلس نقابة الصحفيين: نقابة الصحفيين ليست منفردة عن كل النقابات المهنية والعمالية والموقف ضد التطبيع يعكس حقيقة الأغلبية الساحقة من الشعب المصري,الذي يرقد في ضميره أن إسرائيل عدو مهما طال الزمن,وأنها تتربص بمصر أكثر من أي بلد عربي آخر,ويكفي أن يصرح ليبرمان وزير خارجية إسرائيل بالتهديد بإغراق مصر بضرب السد العالي,وهو منتخب من شعب هذا مزاجه وهذه مشاعره.
المجتمع المصري منفتح
السفير حسام زكي المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية: التواصل الشعبي مع إسرائيل وسفارتها لايسير بنفس الوتيرة مع الموقف الرسمي,فعندما يطلب السفير أي مقابلة مع أي مسئول أو وزير سواء هو أو موظفو السفارة فإنهم يعاملون كما يعامل أي دبلوماسيين آخرين معتمدين في مصر,وبالنسبة إلي الشعب,فالقضية مرتبطة بالتعصب الفلسطيني.
أضاف السفير حسام زكي: هناك مبالغات حدثت في موضوع التطبيع لأن المجتمع المصري منفتح ومن لا يريد أن يطبع فلا أحد يستطيع أن يجبره علي ذلك.
الأفراد والمؤسسات
ضياء رشوان الخبير الاستراتيجي بمركز الأهرام قال في معرض هناك بعض تعليقة:المثقفين المصريين يصورون التطبيع وكأنه شأن فردي ضمن الحقوق الأساسية للإنسان ولا أحد يستطيع أن يحطر علي أي إنسان أن يعلن معتقداته ويمارس مالا يتعارض مع المقومات العامة للمجتمع وأطره الدستورية والقانونية,إلا أن هذا الحق للأفراد لا ينصرف بالضرورة علي المؤسسات والهيئات التي تنشأ وتدار وفقا لنفس هذه المقومات العامة.فمثلا نقابة الصحفيين قد اتخذت جمعياتها العمومية قرارات متتالية تخطر علي أعضائها جميع أشكال التطبيع المهني والشخصي والنقابي,وإقامة أي علاقات مع المؤسسات والجهات والأشخاص الإسرائيليين حتي يتم تحرير جميع الأراضي المحتلة عام1967 وعودة الحقوق المسلوبة.
ممارسو التطبيع
أضاف رشوان:القطاع الأكثر ممارسة لهذه النوعية من التطبيع السياسي-الثقافي يتسم بخاصتيين رئيسيتن:الأولي أن معظمهم من العاملين والمنتمين لمهن الصحافة والكتابة والبحث العلمي السياسي خصوصا والتفسير الأقرب للدقة لهذا التوجه للتطبيع بداخل تلك الفئات هو مزيج من العوامل الموضوعية والشخصية التي تجعل البعض من المنتمين إليها يشعرون أنهم صانعو سياسات,وهذا يأتي في الأغلب من اختلاط بعضهم بصانعي السياسات الرسميين.
والخاصية الثانية:للقطاع الأكثر ممارسة للتطبيع السياسي الثقافي أن غالبيتهم من الذين يعلنون عن أنفسهم باعتبارهم ليبراليين.
اتفاقية مصالح
قال الدكتور مختار الشريف الخبير الاقتصادي:المواطن المصري عليه أن يعرف أن اتفاقية السلام مع إسرائيل من أهم بنودها الاتفاقيات الاقتصادية,وهي اتفاقيات قائمة علي المصالح وليس النواحي العاطفية أو الإنسانية فهذه ليس لها مجال في الاقتصاد,فطالما أن تنفيذ الاتفاقيات يتم في إطار معاهدة السلام,فما المانع من تحقيق المنفعة,لقد وفرت الاتفاقية الاستقرار في المعاملات والاطمئنان لاستمرار التنفيذ,وفي حال وجود أي عوائق تحل في إطار هذه المعاهدة.
كما يجب أن نعلم أن السلام أتاح استقرارا اقتصاديا وأرجع الأراضي المحتلة.وارتفع دخل المواطن المصري,هناك أيضا اتفاقية الكويز التي عقدتها مصر وإسرائيل عام2005 التي احدثت ارتفاعا في الصادرات النسجية المصرية إلي الولايات المتحدة بدون جمارك إلي ما يقرب من مليار دولار,فعلي المستوي الشعبي يجب تعريف المواطن بالاتفاقيات التي تعود عليه بالمنفعة وأهمية وجود اتفاقيات اقتصادية مع إسرائيل.
ازدواجية
الدكتورة هالة مصطفي رئيس تحرير مجلة الديموقراطية قالت علي هامش الأزمة المثارة علي خلفية استضافتها للسفير الإسرائيلي مؤخرا في مكتبها بالأهرام:هناك ازدواجية في الثقافة العربية عموما في كل القضايا الحساسة والكبري سواء علي مستوي الثقافي أو السياسي أو الاجتماعي مثل قضايا المواطنة والدين والسياسة ووضع المراة العربية والمسلمة.
وهناك أيضا العلاقة بين الإسلام والغرب وحوار الثقافات بمعناه الحقيقي وليس الندوات والمؤتمرات وكيفية التواصل بين الثقافات المحلية والعالم المعاصر.
أضافت د.هالة مصطفي:القضية ليست قضية تطبيع بل قضية منهجين مختلفيين:منهج مقاطعة ومنهج منفتح علي الحوار مع الآخر أما بالنسبة للدولة فليس لها توجه واضح فهي أحيانا مع التوجهات الرافضة للتطبيع وأحيانا مع التوجهات الراغبة في الحوار مما يحدث ارتباكا شديدا ومعارك داخلية لا طائل منها.
وهناك فترات تعلو فيها الأصوات الداعية للمقاطعة مع إسرائيل أو غيرها مثلما حدث في قضية الرسوم المسئية ولكن ما يحدث أن الدعوة للمقاطعة تنتهي إلي لا شيء والذي يبقي هو الأصوات الواعية والعاقلة التي تستطيع توصيل الرسالة.
وعلي الجميع إلي مراجعة موقفهم من التطبيع مع إسرائيل.فماذا استفادت مصر من وراء العداء لإسرائيل,وهناك تطبيع اقتصادي مع إسرائيل فهل التطبيع الاقتصادي أقل خطورة من التطبيع الأكاديمي والثقافي؟وهل الصحيح هو التعددية ووجود مساحات كبيرة للاختلاف في مثل هذه القضايا وسياستنا الخارجية,أم الاكتفاء فقط برأي الأغلبية,وعدم التحاور؟
———
التطبيع في30عام
*منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام1979 حتي 1982 سادت العلاقات بين مصر وإسرائيل ما يوصف بالسلام البارد بسبب اعتداء إسرائيل علي لبنان حيث تم سحب السفير المصري ثم إعيد إلي تل أبيب مع عودة طابا إلي مصر.
*عززت اتفاقيات أوسلو عام1993 ووادي عربة عام1994 من العلاقات السياسية بين مصر وإسرائيل…لكن اعتراف بعض القادة الإسرائيليين بارتكاب مذابح للمدنيين والأسري المصريين في حربي 1956 و1967 أثار غضبا شعبيا عارما في مصر.
*في عام2000 استجابت الحكومة المصرية للرأي العام المصري بسحب السفير المصري عقب وصول شارون للسلطة والانتفاضة الفلسطينية في سبتمبر2000 لكنها رفضت المطالب الشعبية بقطع العلاقات مع إسرائيل أو طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة.
*في مارس2002 قرر مجلس الوزراء المصري وقف جميع الاتصالات مع الحكومة الإسرائيلية فيما عدا القنوات الدبلوماسية التي تخدم القضية الفلسطينية.
*ثم اعتبارا من 2004 شهر التطبيع من الجانبين تحولا جوهريا من الجانبين إذ وقعت مصر اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة الكويز واتفاق تزويد إسرائيل بالغاز الطبيعي.