هل تعلم أن البشر نوع من ملايين الأنواع علي هذا الكوكب العجيب والتي قدر العلماء عددها ما بين 5 إلي 10 ملايين نوع, والذين لم يتمكنوا من تحديد سوي 2 مليون نوع فقط منها حتي الآن. ونحن مازلنا لا نعرف عن كوكبنا الكثير.. ومازلنا لا نعرف مع من نتشاركه. ما نعرفه فقط هو أنه علي الرغم من أن البشر يتزايدون, في حين أن معظم الحيوانات والنباتات النادرة والتي تسمح بتوازن الحياة علي كوكبنا تقل رويدا رويدا. فالكائنات المهددة بخطر الانقراض سواء نباتات غير معروفة والحشرات والطيور والثدييات أعدادها بالآلاف وذلك بخلاف أنواع كثيرة اختفت قبل أن يتم اكتشافها. ولعل النهج الحالي في التنمية, وإزالة الكثير من الغابات, واستنزاف نصف الأراضي الرطبة في العالم وثلاثة أرباع المخزون السمكي, وانبعاث ما يكفي من غازات الاحتباس الحراري مما يؤدي إلي ارتفاع درجة حرارة كوكبنا لقرون مقبلة, كل هذا وغيره يؤدي إلي انقراض سلالات بقدر يصل إلي ألف مرة عن المعدل الطبيعي.
لهذا السبب, أعلنت الأمم المتحدة عام 2010 السنة الدولية للتنوع البيولوجي, وهي فرصة للتأكيد علي أهمية التنوع البيولوجي لوجود الإنسان, والتشجيع علي مضاعفة جهودنا للحد من معدل فقدان التنوع البيولوجي, وجاء اليوم تحت شعار أنواع كثيرة.. كوكب واحد.. مستقبل واحد, رواندا.. هي المضيف ليوم البيئة العالمي هذا العام فهي إحدي دول شرق أفريقيا التي تحتضن مجموعة التحول إلي الاقتصاد الأخضر, بالإضافة إلي ثرائها البيئي خاصة الأنواع النادرة والمهمة اقتصاديا, ورغم أنها تواجه الكثير من التحديات بدءا من التغلب علي الفقر وتطوير موارد الطاقة المستدامة وتدهور الأراضي. بهدف رفع الوعي بأهمية هذا الموضوع في جميع أنحاء العالم, وتشجيع التوصل إلي حلول مبتكرة للحد من التهديدات التي تصيب هذا التنوع مع بدء الحوار بين أصحاب المصلحة للخطوات الواجب اتخاذها فيما بعد عام 2010, وأيضا تشجيع الأفراد والمنظمات والحكومات علي اتخاذ الخطوات الفورية اللازمة لوقف التنوع البيولوجي.
أما علي مستوي مصر فالبيئة تزخر بالتنوع البيولوجي وتتميز بثروات طبيعية فريدة من نوعها سواء كائنات بحرية أو برية تمثل المخزون الاستراتيجي من موارد التنوع, وتحتل الشعاب المرجانية ذات القيمة الاقتصادية الصدارة كأحد عوامل الجذب السياحي الرئيسي باعتبارها من أغني النظم البيئية بالتنوع البيولوجي, وكذلك الكائنات البرية ومنها النباتات الفطرية التي تنتشر بالمناطق غير المأهولة في الصحاري الشرقية والغربية وسيناء وسلاسل جبال البحر الأحمر والتي تجذب العديد من علماء الدول المتقدمة للبحث عن مصادر جينية فريدة من نوعها تميزت بها البيئة المصرية.
وتنتهج مصر سياسة جادة لصون ثرواتها بعناصرها الثلاثة تنوع النظم البيئية, تنوع الأحياء النباتية والحيوانية والدقيقة, التنوع الوراثي والجيني كأساس للتنمية الاقتصادية والاجتماعية, وتحقيق التوازن البيئي لصالح المواطن وتأمين مستقبله. تمثلت تلك السياسة في جهود رائعة أبدتها وزارة البيئة بإنشاء شبكة للمحميات الطبيعية تمثل النظم البيئية المهمة وتحمي الأنواع المهددة بالانقراض. ورسمت السياسات العامة ووضعت الخطط الوطنية لحماية وإدارة الموارد الطبيعية علي أسس علمية واقتصادية واجتماعية بما يوفر دوام التوازنات البيئية الطبيعية ويصون النظم البيئية من التدهور ويحمي الأنواع من الفقد والانقراض, وذلك بتنفيذ برامج بالمشاركة مع القطاعات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الأهلية والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية وتعزيز دور المرأة في إجراءات الحماية البيئية. وقد انضمت مصر إلي اتفاقية التنوع البيولوجي عام 1992 وصادقت عليها عام 1994.
ثم صدور القانون رقم 4 لسنة 1994 في شأن حماية البيئة وتعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2009. وإضافة المادة 59 للدستور المصري عام 2006 التي تقضي بأن حماية البيئة واجب وطني ملزم للجميع. وتم إقرار الاستراتيجية الوطنية لصون التنوع البيولوجي وخطة العمل عام 1997 – 2017. وأصدرت الاستراتيجيات الوطنية للأراضي الرطبة 2005 وفي مجال السياحة البيئية 2005, وفي مجال النباتات الطيبة 2009. ثم صدر قانون الملكية الفكرية والمصادقة علي بروتوكول السلامة الإحيائية عام 2003. وقرار السيد رئيس الجمهورية رقم 154 لنسة 2001 لاستخدامات أراضي الدولة بما فيها المحميات الطبيعية.
تلي ذلك إعلان مناطق ذات تنوع عال محميات مثل إعلان محمية سانت كاترين تراثا ثقافيا عالميا 2003, وإعلان منطقة وادي الحيتان أول منطقة تراث طبيعي عالمي في مصر 2005, وإعلان أكبر محمية طبيعية في مصر بالجلف الكبير 2007 بمساحة 48523كم2. والوصول بشبكة المحميات الطبيعية إلي ما يوازي حوالي 15% من مساحة الدولة, وإنشاء مركز تبادل المعلومات البيولوجية وطنيا ودوليا وخريطة البيئات المصرية وأسلوب للتنبؤ البيولوجي 2008 جميعها جهود تنبع عن فكر واع بالخطر المحيط بكوكبنا يدعمها الجهد العالمي, حقا إنه مستقبل واحد لأنواع عديدة جميعها في خدمة الإنسان هذا الكائن المتسيد المنوط بالحفاظ علي سائر شركائنا في الحياة.
[email protected]