عندما كان وليم شكسبيريلتقط أنفاسه في منتصف القرن السادس عشر كان كل مليون جزئ من الهواء الداخل إلي رئتيه يحتوي علي 280 جزئيا من ثاني أكسيد الكربون, أما اليوم فإن عدد جزيئات ثاني أكسيد الكربون التي تدخل إلي رئتيك مع كل نفس يصل إلي 380 جزئيا وتزداد هذه النسبة بمعدل جزيئين كل عام.
وذلك لأننا جعلنا من الغلاف الجوي مستودعا رئيسيا لنفايتنا المتمثلة في نواتج الاحتراق بواسطة المداخن الضخمة وأنابيب صرف عوادم المحركات ومداخن المباني وغيرها..ولكن هل يمكننا إيجاد حلول لهذه المأساة التي تولد كما هائلا من ثاني أكسيد الكربون كل عام..هذا هو ما يحاول العلماء البحث عنه متسائلين بحذر هل يمكننا دفن الاحترار العالمي والتخلص من ثاني أكسيد الكربون في باطن الأرض؟هذا ما سنراه.
جاءت الفكرة من السيارة..فلنفترض أن سيارتك تستهلك جالونا من الوقود كل 30 ميلا,وقدر لك أن تقطع عشرة آلاف ميل في العام.أي أنك تحتاج إلي شراء 330 جالونا من الجازولين,ولكن احتراق هذه الكمية يؤدي إلي انبعاث 3 أطنان من ثاني أكسيد الكربون من ماسورة عادم السيارة. من هنا جاءت الفكرة , لماذا لايتم حجز هذا الغاز قبل خروجه من السيارة وإعادته إلي محطة التزويد بالوقود.إذن فلا غرابة أن تركز الجهود في تطبيق هذه الفكرة علي محطات الطاقة التي تعد مصدرا لربع الانبعاثات العالمية من ثاني أكسيد الكربون .فمثلا محطة طاقة كبيرة تعمل بالفحم بقدرة1000 ميجا واتتنتج ستة ملايين طن من الغاز سنويا أي مايعادل الانبعاثات الصادرة عن مليوني سيارة
تخزين ثاني أكسيد الكربون
يري الباحثون أن أفضل الأماكن للتخزين الآمن هي تكوينات الصخور الرسوبية الموجودة في باطن الأرض والتي تضم ثقوبا مملوءة بالماء المالح. ولكي تكون تلك الأماكن ملائمة يجب أن تكون علي أعماق بعيدة تحت أي مصدر لماء الشرب أي علي عمق 800 متر علي الأقل تحت سطح الأرض. ويمكن التعبير عن كميات ثاني أكسيد الكربون التي تضح في باطن الأرض بوحدة البرميلوهي وحدة الحجم القياسية التي تمثل 42 جالونا والمستخدمة في صناعة النفط,ويرجح العلماء أن أول المواقع التي ستنشأ لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون تلك التي يمكن أن تحقق ربحا. وحقول النفط القديمة التي يمكن أن يحقق فيها الغاز زيادة الإنتاج النفط الخام وهذه العملية يطلق عليها عملية استخراج النفط المعززةحيث يعمل غاز ثاني أكسيد الكربون المضغوط علي إزاحة النفط المتبقي في ثقوب الطبقات الجيولوجية والذي يصعب استخراجه.
مخاطر التخزين
ثمة فئتين من المخاطر التي يتعين مواجهتهما عند اختيار المستودع المقترح للتخزين وهما التسرب التدريجي,والتسرب المفاجيء فالانطلاق التدريجي لثاني أكسيد الكربون يؤدي فقط إلي عودة بعض هذا الغاز إلي الهواء أما الانطلاق السريع لكميات كبيرة من هذا الغاز قد تترتب عليه نتائج أسوأ من عدم خزنه,ويتعين لاستصدار تصريح لعملية الاختزان إقناع واضعي القواعد التنظيمية بأن التسرب التدريجي لايمكن أن يحدث إلا بمعدل بطيء جدا وأن احتمال التسرب المفاجيء بعيد للغاية.
من ناحية أخري يؤكد الباحثون أن الحكومات يجب أن تتخذ قرارات سريعة تتعلق بطول فترة التخزين مسترشدين بعلم الاقتصاد الذي يوافق علي تكون الفترة مائتي عام استنادا إلي أن العالم سيصبح أكثر ذكاء أو سيستحدث تقنيات متقدمة للتخلص من ذلك الغاز المحتبس أما أن تمتثل الحكومات للقاعدة البيئية التي ترفض التصريح بإقامة مشروعات قد تؤثر علي الأجيال القادمة.وفي كلا الحالتين لابد أن تتخذ السلطات القاعدة التي تتناسب مع إمكانياتها والقواعد التي تؤمن بها للوصول السريع لحل .
قاع المحيط خزان آمن
علي الجانب الآخر أكد علماء في جامعة هارفارد بولاية ماساتشوستس أن هناك حلا مبتكرا لمشكلة تخزين كميات ثاني أكسيد الكربون المفرطة التي ينفثها البشر يكمن في قيعان المحيطات,إذ توصل الباحثون إلي أنه يمكن للترسبات الموجودة في قاع المحيطات أن تصبح خزانا دائما غير محدود السعة لهذا الغاز الذي كان العامل الرئيسي المؤدي إلي تغير المناخ في العقود الأخيرة.وتتكون الترسبات الموجودة في قاع المحيطات من جزيئات صغيرة جدا من الرمل والطمي والصلصال وهياكل الحيوانات العظمية وبمرور الزمن تتكثف هذه الجزيئات وتنضغط علي بعضها البعض وتشكل طبقات .ويعتقد العلماء أن كمية الترسبات الطبقية الموجودة في الأراضي الأمريكية هائلة إلي حد يمكن معه خزن كل ما ينبعث في الولايات المتحدة من ثاني أكسيد الكربون علي امتداد آلاف السنين .
ويعتقد شراغ وزملاؤه أن حقن ثاني أكسيد الكربون في الطبقات المترسبة في قاع المحيطات التي يبلغ سمكها مئات الأمتار أسلوب مثالي لخزنه.فتضافر درجات الحرارة المنخفضة والضغط المرتفع علي عمق 3 آلاف متر يحول ثاني أكسيد الكربون إلي سائل أشد كثافة من المياه المحيطة به,مما يلغي احتمال انطلاقه من الترسبات ويضمن مخزنا دائما له.ويقلص الأذي الذي يلحق بالحياة المائية إلي أقصي حد ممكن.
لايقف الأمر عند هذا الحد بل يتخطي ثاني أكسيد الكربون مرحلته السائلة لدي تعرضه لدرجات حرارة منخفضة جدا وضغوط تكفي لذلك ليتحول إلي بلورات صلبة غير متحركة مما يعزز استقرار النظام إلي حد أكبر .وقال العلماء إن هذا الغاز المخزون مأمون إلي حد أنه يستطيع مقاومة تأثير الزلازل الشديدة وغيرها من الاضطرابات الأرضية الآلية.وأشار العلماء إلي أن طبقات الترسبات الرقيقة أو التي لاتتيح النفاذ فيها لاتصلح لخزن ثاني أكسيد الكربون,كما لاتصلح لذلك المناطق الموجودة تحت منحدرات حادة في قاع المحيطات حيث يمكن أن تؤدي الانهيالات إلي انطلاق الغاز .كما أشاروا إلي ضرورة إجراء مزيد من البحوث لدراسة مدي إمكانية التطبيق الميكانيكية لوضع الطرق العملية لتوصيل ثاني أكسيد الكربون إلي قاع المحيطات مع ضرورة دراسة ما يمكن أن يكون لذلك من تأثير علي مستويات مياه البحار.
——————————————————————-
الوقود الحيوي جريمة في حق الفقراء
إيرين موسي:
طالب جان زيبلر المقرر الخاص بالأمم المتحدة للحق في الغذاء بإيقاف عمليات إنتاج الوقود الحيوي المستخرج من مواد غذائية لمدة خمس سنوات معتبرا أن التأثير الذي تركه هذا النوع من الوقود علي أسعار الغذاء حول العالم يمثلجريمة ضد الإنسانيةبحق الفقراء,وذلك بعد أن ارتفعت أسعار المواد الغذائية في العالم وخاصة القمح بسبب تراجع الكميات المتوفرة للغذاء بعد انتشار استخدام المنتجات الزراعية في إنتاج الوقود.
ومازاد الأمر سوءا إعلان منظمة الأغذية والزراعةفاوأن فطرا خطيرا يصيب ساق الحبوب ظهر في إيران بعد أن انتشر سابقا في شرق أفريقيا واليمن ليصيب مناطق إنتاج القمح الرئيسية محذرة من قدرة هذا المرض الفطري الخطير علي تدمير حقول محصول القمح عن آخرها,وقدرت فاو أن نحو80% من كافة أصناف القمح في آسيا وأفريقيا عرضة للإصابة بهذا الفطر.