قيامة المسيح من الأموات هي جوهر إيماننا وموضع رجائنا فبدونها لا يمكن أن نشترك معه في مجده وسعادته فهو قام باعتباره مخلصنا وكما كان آدم الأول سبب الموت للنفس والجسد وجب أن آدم الجديد يحيي النفس بالنعمة وينجي الجسد من الموت بالقيامة إلي حياة مجيدة وبما أن المسيح رأسنا ونحن أعضاء الجسد فقيامته لحياتنا ومجده لأننا متحدون وملتصقون به. قال بولس الرسول ولكن الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين.
إننا نشهد بأن المسيح قام لأنه حي في كل العصور ولم يخل منه قرن من القرون وكثير عددهم الذين شاهدوا المسيح حيا منذ العصر المسيحي الأول إلي الآن فقد شفي بيديه آلاما كثيرة, وقد سمي العيد عيد القيامة ليس لأن المسيح قام منذ زمن بعيد ولكن لأنه لا يزال حيا, وإذا جاء عيد القيامة علينا أن ننظر إليه لا وكأنه يوما وينقضي نحيا فيه حياة جديدة ثم نعيش بقية العام أمواتا, فإن هذا اليوم إنما يعني أن المسيح حي وهو لن يظهر حيا علي الدوام إلا في أناس إحياء علي الدوام… يريد السيد المسيح أن يظهر نفسه لنا بعد قيامته فاديا وقائدا إلي عالم جديد يسكنه البر. وكل إنسان يحيا في المسيح يكون مثله بعيدا عن الطمع والحسد ومحبة الذات مكرسا نفسه لخدمة الله والآخرين وهذه هي رسالة عيد القيامة للناس أن المسيح الحي يعمل في أناس أحياء. إن المسيح يعلمنا بقيامته أيضا أن الطريق الموصل إلي القيامة المجيدة كقول الكتاب ينبغي أن المسيح يتألم ويدخل إلي مجده (لوقا 24:26), وهكذا ينبغي أن نتألم معه ونموت معه لا بموت طبيعي فقط بل بموت روحي فائق الطبيعة إلا أنه يلزمنا أن نموت عن شهواتنا وخطايانا ولكي نقوم مع المسيح ينبغي أن نموت. إذ غير ممكن أن نكون أعضاء المسيح له المجد مالم نكن قبلا أعضاء المسيح المصلوب. قال الرسول لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبها بموته, فإذا اشتهينا أن نشترك بحياته المجيدة وننال بركات قيامته السعيدة فعلينا أن نتحد معه اتحادا كاملا في آلامه وموته ونسمع قوله إني أنا حي فأنتم ستحيون (يو 14:19) قال الرسول ونحن أموات بالخطايامع المسيح. بالنعمة أنتم مخلصون. وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع (أف 2:6,5) فكما قام المسيح من بين الأموات لحياة جديدة مجيدة ينبغي أن نحيا حياة جديدة كقول الكتاب كذلك أنتم أيضا احسبوا أنفسكم أمواتا عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا (رو 6:11) إن قبر المسيح كان مكان ميلاد لاعتقاد لا يفني وهو أن الموت قد غلب وتوجد حياة أبدية وأحسن إجابة يمكننا أن نقدمها عندما نسأل عن برهان لقيامة الرب هو الجواب البسيط الذي لا يدحض وهو المسيح يحيا في إن النفس الحية تراها علي الدوام نشيطة تهتم بإتمام أوامر الله مسرعة في ممارسة الفضائل لأن النفس الحاصلة علي هذه الحياة الجديدة يكفيها أن تعرف ما يريده الله منها فتبادر لاستكماله غير مفتكرة في صعوبة الأمر بل إنها تجد كل ما يريده الله منها سهلا محبوبا وهذه النفس تراها أيضا في تقدم ونمو مستمر دون أن يعيقها أي شئ من مؤثرات العالم. قال الرسول حتي كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضا بقيامته (رو6: 4و5).
أسقف نجع حمادي وتوابعها