تجدد الخلاف المصري – السوداني علي مثلث حلايب وشلاتين الأمر الذي أصبح أزمة قابلة للاشتعال في أي وقت وفقا لمتغيرات النظام السياسي في البلدين وطبيعة العلاقات بين الدولتين,وفي الوقت الذي جاء فيه قرار المفوضية العليا للانتخابات في السودان بضم حلايب وشلاتين إلي الدوائر الانتخابية,أكد عدد من خبراء القانون الدولي أن حلايب وشلاتين ذات سيادة مصرية.
تشير المراجع التاريخية إلي أن المرة الأولي التي أثير فيها النزاع الحدودي بين مصر والسودان حول حلايب وشلاتين كان في يناير عام 1958, عندما أرسلت الحكومة المصرية مذكرة إلي الحكومة السودانية, اعترضت فيها علي قانون الانتخابات الجديد الذي أصدره السودان في الشهر ذاته, وأشارت المذكرة إلي أن القانون خالف اتفاقية 1899 بشأن الحدود المشتركة إذ أدخل المنطقة الواقعة شمال مدينة وادي حلفا والمنطقة المحيطة بحلايب وشلاتين علي سواحل البحر الأحمر ضمن الدوائر الانتخابية السودانية,وطالبت مصر حينها بحقها في هذه المناطق التي يقوم السودان بإدارتها شمال خط 22 درجة. وكانت هذه أول مرة يعلن فيها نزاع علي الحدود بين البلدين.
خلفيات سياسية
في يونية 1993 عاد النزاع بين البلدين علي هذه المنطقة إثر تدهور العلاقات السياسية بين القاهرة والخرطوم, بعد أن وجهت مصر الاتهام للحكومة السودانية بدعم المتطرفين وتبع ذلك قيام الحكومة السودانية باتخاذ عددا من الإجراءات تجاه مصر,تمثلت في ضم مدارس البعثة التعليمية المصرية إلي وزارة التعليم السودانية,كما قامت بإغلاق فرع جامعة القاهرة في الخرطوم,وتحويله إلي جامعة سودانية حملت اسم النيلين,وتمت مصادرة الاستراحات التابعة لوزارة الري المصرية في السودان,كما اتهمت السودان مصر بإفشال مفاوضات أبوجا بين وفد الحكومة السودانية وجون قرنق في أبريل 1993.
لشغل الرأي العام السوداني
في البداية يقول اللواء فؤاد علام نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق إن هذه المسألة تكررت عدة مرات, ولكنها محسومة منذ أيام الرئيس جمال عبد الناصر والمواطنون في هذه المناطق مصريون تربطهم بالسودان علاقات نسب كما هو الحال في أسوان, ولكن السودان حاليا يتعرض لضغوط دولية أهمها محاكمة الرئيس السوداني وقضية دارفور وغيرها من القضايا مما يدفع حكومته لشغل الرأي العام هناك بهذه القضية… علي الرغم من وضوح الموقف المصري من جميع القضايا المتعلقة بالسودان واعتبر ذلك لغوا كلاميا لا طائل من ورائه.
يضيف الدكتور أحمد رفعت أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة أن مثلث حلايب منطقة تحت السيطرة المصرية,وكل المواطنين به مصريون يتبعون للدوائر الانتخابية المصرية,وقديما كانت هناك مناطق مصرية تدار من جانب السودان, (هذا المثلث بالتحديد), ولكن الإدارة لا تنفي السيادة المصرية,ولا يؤثر ذلك علي الحدود السياسية,وانتهي هذا الأمر منذ فترة طويلة.
وتقول الدكتورة إجلال رأفت أستاذة القانون الدولي بجامعة القاهرة إن حلايب وشلاتين ليست المشكلة في ذاتها, ولكنها مؤشر علي وجود مشكلة,إما في داخل النظام السوداني أو في العلاقات السودانية, وعن سبب إدارة السودان لمثلث حلايب خلال حقبة زمنية ماضية تؤكد الدكتورة إجلال أن هناك اتفاقية تم توقيعها بين السودان ومصر وبريطانيا في 19 يناير 1899, وقد نصت المادة الأولي من الاتفاقية علي أن الحد الفاصل بين مصر والسودان هو خط عرض 22 درجة شمالا,وفي عام 1906 قام وزير الداخلية المصري بإصدار قرار بوضع إدارة مثلث حلايب تحت الإدارة السودانية لوجود قبائل البشارية الموجودة بين مصر والسودان.
ويري الدكتور مختار الشريف الأستاذ بجامعة المنصورة والخبير الاقتصادي أن هناك دراسات تؤكد اكتشاف البترول ومعادن ثمينة أخري في حلايب كأحد أسباب النزاع علي هذه المنطقة,ولكن هناك أمر آخر وهو الضغوط التي يتعرض لها السودان مما يجعله يثير قضية حلايب وشلاتين لشغل السودان من الداخل,أما إذا عدنا لقضية الانتخابات فهناك عدد من الوسائل لمعرفة آراء بعض القبائل السودانية وأخذ أصواتهم بمساعدة حرس الحدود المصريين. أما الإعلان عن ضم المنطقة للدوائر السودانية فهو استفزاز لمشاعر المصريين.