كيف نبني مصر؟ سؤال طرحناه علي الخبراء والمتخصصين في مجالات عديدة, حيث جاءت الإجابات بأن نعيد النظر في أعمدة البناء اللازمة للنهوض بأي مجتمع, وتأتي في مقدمتها التعليم والصحة كأسسين للبناء, وإعادة ثقة المواطن مرة أخري في هيبة الدولة والحكومة, ويتطلب الأمر وضع خطة إنقاذ اقتصادي واجتماعي طويلة الأجل تتماشي مع المرحلة الحرجة والحاسمة التي تمر بها مصر حاليا.
في البداية يري محمد بلح المستشار الاقتصادي السابق لمصر لدي الولايات المتحدة الأمريكية أن الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية اتبعت أسلوبا عقيما أشبه بخطوات البطةالعرجاء التي إذا ما أرادت أن تصعد في سلم التنمية خطوة للأمام تراجعت عدة خطوات إلي الخلف, إلا أن الفرصة مازالت سانحة وأعتقد أن الشعب المصري سوف يصير حتي يري اقتراحا يدعو للتأمل والتفكير ونحن في ثورة تصحيح المسار نضعه تحت أعين رجال الدولة, ولذلك لابد من تحديد الأهداف الاستراتيجية للتنمية في كافة المجالات بالدولة, وترتيب أولوياتها حسب أهميتها للاقتصاد القومي مع تخصيص كل موارد وإمكانيات الدولة خلال سنة أو أكثر لإنجاز أول هذه المطالب أو الأهداف الوطنية الاستراتيجية كالقضاء علي البطالة مثلا, ثم الانتقال لتحقيق مطلب استراتيجي آخر من الأولويات مع مراعاة أن تكون الحلول ذات بعد استراتيجي يغطي احتياجات الحاضر والمستقبل.
وأضاف الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الثورة قطعت شوطا كبيرا في الطريق السياسي لكنها لم تكتمل مالم يواكبها ثورة اقتصادية واجتماعية والفترة القادمة هي فترة الشباب وتوظيفه علي النحو الأمثل يتطلب إعادة ثقة المواطن مرة أخري في هيبة الدولة والحكومة, والتي يجب أن تكون حكومة خبراء وليست حكومة مجاملات, كما يتطلب الأمر إعادة الثقة مرة أخري لرجال الأعمال سواء المحليين أو الأجانب أو العرب لتشجيعهم علي العودة للاستثمار مرة أخري, وتوظيف أموالهم في مشروعات داخل مصر لتوفير فرص العمل لهؤلاء الشباب المتحمس الذي عاني كثيرا من الفقر وشبح البطالة.
استطرد بقوله: يجب طمأنة هؤلاء المستثمرين علي عودة الاستقرار والأمن والأمان لمصر لحثهم علي العودة مرة أخري بأموالهم وحث أيضا المصريين بالخارج علي إعادة تحويلاتهم المالية إلي البنوك المصرية, كما ينبغي أيضا محاربة الفساد واستئصاله من جذوره حتي تكون البيئة صالحة للعمل والإنتاج والرقي بالنسبة للشباب.
وعلق الدكتور سمير كريم وكيل وزارة الاقتصاد سابقا بقوله:
لابد من إصلاح التعليم ونظمه أولا, بحيث يصبح حديثا ومفيدا ويلبي احتياجات المجتمع علي كافة الأصعدة, منذ المرحلة الابتدائية حتي المرحلة الجامعية, كذلك إصلاح نظام التعليم المهني أو الفني لرفع مستوي القدرات البشرية في هذا المجال وبالتالي الارتقاء بالصناعة المصرية, ومن ثم إعادة تنظيم الهيكل الاقتصادي بصورة شاملة, خاصة البنوك والسياسات الائتمانية لإقامة ودفع المشروعات إلي الأمام مع توفير قدر من الدعم, بالإضافة لإصلاح النظام الزراعي بأكمله بحيث يشمل الإنتاج الحيواني والسمكي والداجني وكل ما يتصل بالغذاء.
وفي هذا الإطار قال د. مجدي توفيق خليل أستاذ البيئة المائية بكلية العلوم بجامعة عين شمس:
من أجل مصر لابد من زيادة مساحة المزارع السمكية في الأراضي الصحراوية, بناء علي تجارب سابقة يمكن إقامة مزارع عليها والإصلاح في المرابي الطبيعية والبحيرات والاهتمام بالبيئة المائية التي تحتوي علي شعاب مرجانية, فلابد من الحفاظ عليها لأنها تعتبر مصدر قوي من مصادر الدخل القومي, مثل بحيرة المنزلة لابد من زيادة إنتاجها الذي وصل إلي 40 ألف طن في السنة. بسبب الأستعمال السيئ لها, ولابد من وضع خطة قومية لصيانة الأماكن السياحية للجهة المائية خلال الفترة القادمة.
تطوير الزراعة… هدف أسمي
أوضح د. شعبان أبو حسين الأستاذ بالمركز القومي للبحوث بقوله: إجمالي العمالة المؤقتة والمستديمة والتي تعمل في مجال الزراعة 35%, فلابد من وضع خريطة جديدة للزراعة المصرية بحيث يتم تحديد مساحات كبيرة في الأراضي الجديدة وزراعتها بمحاصيل تتناسب هذه الأراضي التي تمثل أهمية وقيمة اقتصادية لمصر مثل القمح الذرة, القطن, والمحاصيل الزيتية في مساحات كبيرة وتحت إشراف الخبراء الزراعيين في المراكز البحثية مع استخدام التكنولوجيا الحديثة في إنتاج هذه المحاصيل, وكذلك تحديد بعض المناطق المتميزة بإنتاج محاصيل معينة وإقامة مصانع بجوارها, فمثلا منطقة الصعيد يمكن أن تكون مميزة لزراعة النباتات العطرية, ويمكن إنشاء مناطق صناعية متخصصة حولها, وكذلك منطقة النوبارية متخصصة في إنتاج الفاكهة, ويتفق د. منير محمود العبد بكلية الزراعة جامعة القاهرة مع د. شعبان في أن الزراعة لابد من الاهتمام بها وخاصة المحاصيل الأساسية مثل القمح لإنتاج محصول جيد ينافس المنتج العالمي والمحاصيل الزيتية مثل فول الصويا- عباد الشمس والتي لها مجال تصديري في الخارج.