سور الأزبكية يعد من الأماكن العريقة, وشكل لسنوات طويلة منزلة خاصة لدي المثقف المصري والعربي معا, فكانت كتبه المصدر الأول لمعظم المفكرين والمثقفين المتواجدين علي الساحة الثقافية الآن, وكثير من الراحلين, حتي أصبح المكان الذي يساهم في تشكيل ثقافة المصريين نظرا لما تزخر به مكتباته, فتم تطوير سور الأزبكية بشكله الثقافي المبدع الحالي, ماعدا جزء جار العمل فيه حاليا, وينتهي في غضون عامين, تطوير البيت الفني ومسرح العرائس وكذلك مسرح الطليعة, وذلك بعد انتهاء وتطوير جزء أخير من المرحلة الثالثة لمترو الأنفاق (محطة العتبة). وحول هذا التطوير.. كان لـوطني هذا التحقيق.
ضرورة النقل لأعمال المترو
قال الدكتور عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة إن سور الأزبكية كتبه تمثل المصدر الأول لمعظم المثقفين المصريين والعرب, كما كان يعد واحدا من أهم مراكز الثقافة غير الرسمية, التي تتمتع بجذب جميع الطبقات إليها, لأن سعر الكتاب لا يتجاوز بضعة جنيهات.
أوضح المحافظ أنه مع بدء المرحلة الثالثة لمشروع مترو الأنفاق دعت المصلحة العامة نقل السور, وراعت محافظة القاهرة أن يتم النقل في حيز المنطقة, حتي لا يفقد المكان الذي يحمل اسمه الأزبكية خصوصية, كما تم مراعاة الفواصل بين المكتبات, أربعة أمتار حتي يسهل الحركة, ولا يسبب إعاقة لركاب المترو.
أشار المحافظ إلي أن عدد المكتبات تصل إلي 132 مكتبة في أربعة صفوف أمام رواد المترو, وتم تصميم هذه الصفوف علي الطراز الإسلامي, بتكلفة المكتبة الواحدة 32 ألف و500 جنيه, وهي مصنوعة من الأخشاب الأرابيسك المعالجة ضد الماء والحريق, ومزودة بمظلة تغطي أسقف الأكشاك التي خصصت لعرض الكتب.
مؤكدا التشديد علي شرطة المرافق للقيام بحملات مستمرة, لمنع الباعة الجائلين من التواجد بجوار السور, وتخصيصه لرواد المكتبات فقط, وذلك حفاظا علي رونق المكان.
إعادة التراث الحضاري من قبل!
ومن جانبه قال محمد العدوي رئيس حي الموسكي إن المخطط عبارة عن نقل سور الأزبكية مرة أخري عند افتتاح محطة مترو العتبة, والمترو متعهد بتطوير هذه المنطقة وإعادتها إلي ما كانت عليه في السابق, وإعادة النافورة ومصد المياه للحفاظ علي الطراز الحضاري والأثري للمنطقة.
أشار العدوي إلي أن من خطط التطوير المقترحة أن تكون المنطقة ثقافية وينظم إليها البيت الفني للمسرح مثل مسرح العرائس والمسرح القومي, ومسرح الطليعة, بالإضافة للمكتبات الثقافية. كما سيتم منع مرور السيارات والزحام في هذه المنطقة, لجعلها منطقة ثقافية, مشيرا إلي أن ذلك سيتم في غضون عامين بتكلفة ثلاثة ملايين جنيه.
السور أشبه بنهر السين
وقال الشاعر عبدالرحمن الأبنودي: نحن جيل الستينيات نعتبر سور الأزبكية الأب الشرعي لنا, منه تثقفنا وعرفنا أن نفرق بين الكثير الغث والثمين منها, ولا ينافسه في تفرده الثقافي, إلا ضفاف نهر السين بفرنسا, فهما يشتركان في احتضان الثقافة بالناس وتقديمها بأسعار رخيصة.
مشيرا إلي أن الذي لا يدرك قيمة هذا السور ليس له صلة حقيقية به, كما أكد علي أن الذين يقومون باتخاذ القرارات ربما لا يقرأون سوي كتب الجامعة فقط ولا يعرفون قيمة هذا المكان الذي يشبه الأكاديمية, التي تشع نورا وعلما وثقافة.
استطرد الأبنودي قائلا: يعد سور الأزبكية مقصدا للباحثين عن الكتب القديمة والنادرة التي لم نستطع شراءها واستبدال وبيع الكتب بكافة أنواعها للراغبين في شرائها دون أن يتكبدوا عناء المصروفات.
السور أثر ثقافي!
أما المؤلف أسامة أنور عكاشة قال إن سور الأزبكية له تاريخ ككتاب ومفكرين ومبدعين, فلا يوجد مبدع لم يزر هذا السور, كما أكد أن معظم الكتاب في ذلك الوقت لم يمتلكوا النقود الكافية لشراء الكتب الباهظة الثمن.
ونوه عكاشة أنه يجب أن نحافظ علي هذا المكان باعتباره أثر ثقافي, وتاريخ عريق وعظيم في إثراء الكثيرين بالفكر والثقافة, واصفا إياه بمركز إشعاع فكري عظيم وأثري.
أما جمال الغيطاني رئيس تحرير جريدة أخبار الأدب قال إن منطقة سور الأزبكية الحالية لم تكن مركز جذب للمثقفين أو حتي علي مستوي الشخص العادي, ويرجع ذلك للضجيج والصخب في هذه المنطقة, ولابد من إعادة النظر في تخطيط هذه المنطقة مرة أخري ووجود أماكن بديلة لسور الأزبكية الحالي فهو لم يعد مركز جذب للقارئ العادي, بل يعتبر سوقا مهما للكتب المستعملة والنادرة, التي لم تطبع مرة أخري, ومع ذلك هناك سوقا آخر للكتب المستعملة تحت كوبري أبوالريش.
مهرجان سور الأزبكية
قالت الدكتورة هبة نصار نائبة رئيس جامعة القاهرة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة: في محاولة لإحياء قيمة ثقافية مصرية كبيرة وفريدة أطلقت جامعة القاهرة مهرجان سور الأزبكية, الذي يمثل خلال حقبة زمنية كبيرة رافدا مهما من روافد الثقافة والمعرفة في مصر والعالم العربي, كأحد أشهر أسواق الكتب القديمة رخيصة الثمن.
أشارت الدكتورة هبة إلي أن المهرجان أقام أمام المكتبة المركزية الجديدة بالحرم الجامعي بمشاركة هيئات ثقافية ودور نشر كبري, ومكتبات شهيرة, إلي جانب كليات الجامعة, وتتضمن فعالياته ندوات ثقافية, شارك فيها عدد من رموز العلم, والأدب والثقافية, وجاء هذا المهرجان دعوة لإحياء معالم الذاكرة الثقافية لمصر, ودعم العطاء الثقافي الذي يسهم في زيادة المعرفة لدي شباب الجامعة, وأحياء قيمة كبيرة شكلت أحد معالم الثقافة منذ منصتف ثلاثينيات القرن الماضي.
تراخيص الباعة
أما الحاج حربي صاحب مكتبة في سور الأزبكية قال: نحن ورثنا المهنة عن أجدادنا, وقبل سور الأزبكية كانوا يطوفون بالمكتب علي المقاهي حتي بدأوا يفترشون كتبهم في ميدان العتبة أهم ميادين وسط القاهرة بالقرب من دار الأوبرا وبمحاذاة حديقة الأزبكية التي سميت باسم الأمير عز الدين يزبك قائد جيش السلطان قايتباي, الذي قام بتجميل منطقة الأزبكية وجعلها حديقة للقاهرة منذ سبعة قرون.
وقال صبري السرجاني صاحب مكتبة أخري بسور الأزبكية: صدرت أوامر للمحافظة بعمل تراخيص للأماكن في سور الأزبكية للباعة الذين كانوا تطاردهم البلدية منذ عام 1926 وذلك في عام 1957 تم منح هؤلاء تراخيص مؤقتة كباعة متجولين لبيع الكتب.