تابع الملايين حول العالم العرس الملكي لحفيد ملكة إنجلترا, الأمير وليم, وعروسه الأميرة كيت….ولعل متابعة مثل هذا الحدث أدخلت بعضا من البهجة المؤقتة علي نفوسنا وسط زحام المتابعات الإعلامية المحزنة لما يحدث في بلادنا! علي أية حال, مناسبة مثل هذه لابد أن تحرك عزيمة كل أب وأم ليفكر في الدور الذي يمكن أن يقوم به الآن ليعد أبناءه لحياة زوجية مستقرة وسعيدة في المستقبل.
في أغلب الأحيان, يتركز اهتمامنا كآباء علي إعداد ما يمكن أن يمهد الطريق لزواج مستقر لأبنائنا من وجهة نظرنا…فتأخذ الأمور المادية المتعلقة بدخل الأبناء, مكتن سكنهم, وما يتبع الزواج من التزامات مادية أخري أولوية تفكيرنا, مع أن ما يؤثر بشكل مباشر علي نوعية الحياة الزوجية هو بالأحري الإعداد التربوي المسبق وعبر السنين للأبناء. وبدون أن نذهب بعيدا, لعل الكثيريين ممن بهرتهم مظاهر العرس الملكي لم يغب عن أذهانهم مثالأميرة القلوب أم الأمير وليم, التي لم تكن أزمة حياتها كيف تدبر الاحتياجات المادية لزواجها, بل علي عكس التوقعات قادها الزواج إلي طريق مسدود, بالرغم من توفر كل ما يظن الناس أنه يضمن السعادة وديمومة الزواج.
ومما يثير الاهتمام, بل والقلق أيضا, هو ازدياد نسبة الطلاق اليوم بشكل لافت للنظر سواء داخل الكنيسة, أو في المجتمع…هذا بالإضافة إلي ما نسمع عنه من خلافات أسرية, ونزاعات بين الزوجين تجعلهما ينفصلان,ولو بدون طلاق, لمدة قد تطول أو تقصر. لكن في كل الحالات تترك هذه الأزمات شرخا سيؤثر علي نوعية الحياة الأسرية, وتربية الأبناء, وفاعلية الشخص في عمله, وعلاقاته مع الآخرين, بل وقد تهدد سلامة المجتمع كله…فكيف نعد أبناءنا لمستقبل يستمتعون فيه بالبركة التي قصدها الله من الزواج؟ وكيف ندربهم ليتغلبوا علي كل ما يمكن أن يهدد أو يحطم زواجهم في المستقبل؟
أعتقد أن أحد أهم المفاهيم التربوية التي نحتاج كوالدين أن نأخذها بجدية هو أن الاختيارات المصيرية للحياة لا يمكن أن تكون وليدة الوقت القصير المتاح لاتخاذ القرار الصائب, خاصة إذا كان الأمر يتعلق باختيار يؤثر في بقية أيام وسنين العمر. مثل هذه القرارات لايمكن أن تصاغ بناء علي الفرص المتاحة, أو المصادفات التي تأتي في طريق الأبناء, بل لابد أن تكون نابعة من شخصية زرعت فيها المبادئ والقيم مبكرا, وتأصلت بمعايشتها عمليا مع تتابع أحداث وتحديات الحياة اليومية, فلا عجب أن تكون الوصية القديمة أن نحدث أولادنا بما نؤمن بع عندما نجلس معهم في البيت, وبينما نكون معهم في الطريق, قبل أن يناموا في المساء, وعندما يستيقظون في الصباح…فلنربط بين ما نعلمه من قيم وما تعمله أيديهم, ونشجعهم أن يروا كل أمور الحياة الحاضرة والمستقبلة من خلاله.
هذا ما لخصه سليمات الحكيم في(أمثال22:6):رب الولد في طريقه فمتي شاخ أيضا لا يحيد عنه… والمعني هنا أن ما ندرب أولادنا عليه في بداية حياتهم سيبقي معهم, ولن يبتعدوا عنه يكبرون! ولنلاحظ أن الحكيم في وصيته يحدد توقيت وتوجه الإعداد…وهو أن نبدأ مبكرا بتدريبهم بتكوين العادات وتوجيه السلوك الحياتي من خلال المعرفة التطبيقية التي تدربهم في الحكمة والحق, والنتيجة أنهم عندما يكبرون تتشكل اختياراتهم ومعيشتهم طبقا لما تعلموه. هذه الوصية تضع مسئولية مباشرة علي عائق كل أب وأم أن يعلموا أولادهم, من بين كل ما يعلمونه, عن قدسية وديمومة الزواج, أدوار ومسئوليات الرجل والمرأة, الحب غير المشروط المبني علي الالتزام التام والإحساس بتفرد شريك الحياة…
لعل اختيار شريك الحياة والزواج من أهم قرارات العمر, والذي يمتد تأثيره إلي أبعد من مجرد السعادة أو البؤس في الحياة علي الأرض, بل ويؤثر بالتأكيد علي علاقة الإنسان بإلهه, وبالتالي علي مصيره الأبدي. كذلك فالزواج لا يؤثر علي الشريكين فقط, بل علي عائلاتيهما أيضا, وعلي الأبناء الذين يولدون لهما, وعلي أبناء أبنائهم. ولأن الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع فازدهار الوطن من استقرار الأسر…فماذا يمكننا أن نفعل لنعد أبناءنا للزواج؟ هذا ما سنتناوله بالحديث في المرات القادمة.
من مفكرتي:
الزواج الناجح يتطلب الوقوع في الحب مرات عديدة…لكن دائما مع نفس الشخص.
www.FocusOnTheFamily.me