ما من قضية أثارتها إلا وأثير حولها الجدل ولكن بإصرارها وعزيمتها القوية ورؤيتها المتعقلة المتزنة تتحدي الصعاب غير عابرة بما يقال واضعة نصب أعينها ما يحقق الصالح العام كرسالة تؤمن بها لخدمة . إنها النائبة ابتسام حبيب عضوة مجلس الشعب التي تخرجت في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام1968 لتبدأ حياتها العملية في المحاماة ثم العمل كباحثة قانونية بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق بمحافظة المنيا كأول سيدة ترأس هذا الموقع داخل محافظتها لتصبح رئيسة لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق علي مستوي الجمهورية عام2005 ثم تم تعيينها من قبل رئيس الجمهورية كعضوة بمجلس الشعب, وشاركت في العديد من المؤتمرات الدولية.
أمام ذلك المشوار الحافل وللوقوف علي أهم محطات دفاعها عن حقوق المرأة, من خلال مناقشاتها واستجواباتها علي مدار الخمس سنوات الماضية تحت قبة البرلمان ورؤيتها للدورة المقبلة في ضوء تخصيص 64 مقعدا للمرأة كان لنا معها هذا الحوار….
*تجربتك البرلمانية…كيف ترينها؟
**بالطبع كانت تجربة ثرية حاولت خلالها الموازنة بين الأدوار الثلاثة المنوطة بعضو مجلس الشعب(التشريعي والرقابي والخدمي) من خلال مشاركة موضوعية بناءة وهادفة, وهو ما أثقلني كثيرا لحرصي علي المشاركة بأن أناقش شتي القضايا باعتباري نائبة عن المجتمع ككل بكافة انتماءته المرأة والرجل والفقير والغني والمسلم والقبطي.
*تقدمتي باقتراح لتوثيق الزواج العرفي…لماذا؟
**وجدت أنها أصبحت ظاهرة مقلقة تلقي بظلالها وانعكاساتها السلبية ونتائجها الوخيمة علي مجتمعنا ومنها أطفال الشوارع الذين يعدون نتاجا لمثل هذه الزيجات وما أقلقني هو إتمام الزواج بين شباب لم يصلوا بعد إلي مرحلة النضوخ سواء علي المستويين الفكري أو العاطفي, ولهذا أردت بتوثيق هذه العقود العرفية وأن يصبح لدي الفتاة الحق في المطالبة بحقوقها في ظل ما تتعرض له الكثيرات من إنكار وجحود بمجرد تمزيق الورقة ليهدر حقها داخل مجتمع شرقي لا يعترف بما يخالف عاداته وتقاليده.
*ولكن يري البعض أن هذا الاقتراح يفتح الباب أمام الزواج العرفي بتوثيق فما تعليقك؟
**هذا الادعاء غير صحيح علي الإطلاق, إنما قصدت بتوثيق ورقة الزواج العرفي ورصد جزاء جنائي لمن يخالف توثيقها أن أعطي جرس إنذار لكل شاب أن يفكر ألف مرة قبل أن يخطو تجاه ذلك الزواج المستتر للحد من الظاهرة وليس كما يدعي البعض بأنها ستتيح الفرصة لزيادة الأعداد, فما هي إلا وسيلة لإعطاء حق من هضم وهدر حقه حينما وقع ضحية لزواج عرفي.
*وإلي أي مدي وصل الاقتراح؟
**للأسف لم يوافق عليه مجمع البحوث الإسلامية لاعتقاده بأنني أضيف شرطا للتوثيق مع الشروط الشرعية لإجازة الزواج العرفي(من الإيجاب والقبول وشاهدي عدل والصدام والإشهار رغم كوني لم أتعرض لشرعية الزواج من عدمه وإنما أردت بالتوثيق أن يصبح هناك أصلا ثابتا للمطالبة بالحق. ورغم الجدل الذي أحدثه الموضوع إلا أنه أثار حراكا اجتماعيا حينما نبه فتيات شمال وجنوب سيناء لخطورة مثل هذه الزيجات وعليه سعوا لتوثيق وهو ما اعتبرته من الناحية العملية نجاحا للفكرة.
*تقدمتي باقتراح تعديل المادة رقم 5من قانون 68 لسنة 1947 بشأن توثيق زواج الفتيات من أجانب فما الهدف؟
**وجدت في هذه الزيجات أنها تتم بين غير متحدي الجنسية وبها تجاوزات عديدة ففي بعض الأحيان يصل فارق السن لأكثر من 60عاما, وبالتالي فهي زيجات غير متكافأة والقانون الحالي وضع شروطا لتوثيق هذه العقود ولكنه ورد لوزير العدل أن يستثني من كل أو بعض الشروط لذا تقدمت بتعديل المادة بإلغاء شرط استثناء وزير العدل وأضفت شرطا بضرورة إحضار الأجنبي شهادة من قبل السفارة التابع لها بالقاهرة تفيد أنه لا مانع من الزواج بعد التحري عنه من الجهات الأمنية.
*وبماذا انتهي الاقتراح؟
**وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوي بالمجلس وتم إحالته للجنة الدستورية والشتريعية لمناقشته.
*كيف ترين وضع المرأة حاليا وأي من الحقوق حصلت عليها وماذا تنتظر؟
**لاشك أن المرأة أصبحت في وضع أفضل مما كانت عليه من قبل فقد سارت بخطي سريعة وحصلت علي الكثير من المكاسب بعدما أتاح لها المجتمع فرصة المشاركة في كافة المجالات ولاسيما المشاركة السياسية منها وهو ما سيفتح أمامها الأبواب المغلقة في الفترة المقبلة إذا ما قامت بدورها علي الوجه الأكمل فيما وكل إليها من مسئوليات لذا عليها أن تتمسك بما حصلت عليه من حقوق وأن تعي واجباتها كي تؤديها بأمانة وجدارة.
*وماذا عنالكوتة وتخصيص 64 مقعدا للمرأة بالبرلمان؟
**الكوتة ليست بدعة مصرية وإنما هي تجربة أثبتت نجاحها بالخارج حينما طبقتها الشعوب المتقدمة وبالتالي لا مانع من تطبيقها كنوع من التمييز الإيجابي لمواجهة الموروثات الثقافية المغلوطة لدي مجتمعنا, وهو ما تعد رسالة لكل امرأة مرشحة بأن تسعي لتغيير مثل هذه المفاهيم السلفية خلال فترة ترشيحها المحدودة حتي تستطيع أن تخوض المعركة الانتخابية بكفاءة ليصبح معيار التمييز فيما بعد لمن يعطي أكثر لمصرنا الحبيبة بغض النظر عن كونه امرأة أم رجل.
*البعض يري أن زيادة مقاعد المرأة بالبرلمان ما هو إلا استكمالديكور ديموقراطي وليس أكثر. فما تعليقك؟
**هذا الادعاء جانبه الصواب لمن يريدون الهدم, فالمرأة إضافة مثلها مثل الرجل بدورها الفعال وأدائها المتميز, والواقع خير شاهد علي ذلك لما أظهرته المرأة خلال الدورة السابقة بالرغم من قلة عددها بالبرلمان بالتزامها وانضباتها وآرائها الحكيمة التي عبرت من خلالها عن شتي القضايا لصالح مجتمعها.
*كيف تتوقعين الأداء البرلمان الجديدة بكوتة المرأة؟
**يصعب علي إعطاء حكم مسبق فهو أمر يرجع لطبيعة المرأة المرشحة ذاتها التي ستتواجد تحت قبة البرلمان ومدي إمكانياتها وقدرتها علي التفاعل والعطاء وممارسة العمل النيابي بأدواره الثلاثة وما أتمناه هو أن تصبح الزيادة ليست زيادة عددية فقط وإنما كما وكيفا حتي تصبح إضافة حقيقية فاعلة.
*باعتبارك شاهدة علي العصر بما تنصحين النائبات الجدد ليجتزن تجربتهن بنجاح؟
**رسالتي لكل نائبة هي الثقة بالنفس والعمل بأداء ملتزم حكيم موضوعي وهادف في مناقشة أي من القضايا بترتيب وحسن لياقة دون هجوم, فعليها أن تعي جيدا أن قوة الكلمة في معناها دون تجريح أو إساءة, أيضا البعد عن الذات وهيسترية الإعلام من باب الشهرة حتي لا يتعارض مع أداء رسالتك التي رشحتي من أجلها ليصبح هدفك هو الصالح العام.
*طموحاتك المستقبلية؟
**طالبت في نهاية الدورة تعديل لائحة مجلس الشعب بإضافة لجنة جديدة تختص بالأسرة والسكان علي أن ترأس هذه اللجنة سيدة لمناقشة كل ما يتعلق بمشاكل الأسرة, وأتمني أن يري ذلك المطلب النور, كما أضع ضمن أولويات أجندتي صدور قانون عدم التمييز والذي سبق وتبناه المجلس القومي لحقوق الإنسان تحقيقا للعدالة والمساواة لكل من يحيا علي أرض هذا الوطن.