أعلن وزير الثقافة فاروق حسني عن حصوله علي موافقة منظمة اليونسكو لتقديم المعونة الفنية لإقامة متحف تحت الماء في الإسكندرية يتيح للزائر رؤية الآثار عن طريق الغطس أو السير داخل أنابيب زجاجية,ومن بين هذه الآثار المهمة قصر كليوباترا ومنارة الإسكندرية,ومن المقرر حسب الدراسات المبدئية أن يتكون المتحف من طابقين الأول منهما فوق سطح الماء ليعرض الآثار المستخرجة من خليج الإسكندرية والمواقع المجاورة وخليج أبو قير,بينما سيكون الجزء الأكبر من المتحف مغمورا تحت سطح الماء بحيث يمكن للزائرين مشاهدة الأطلال العظيمة لمدينتيكانوبوسوهيرا كليوناللتين غرقتا فيه ورحبكويشيرو ماتسورامدير عام منظمة اليونسكو بهذه المبادرة قائلا إن هذا المشروع سيعزز أهمية التراث الثقافي المغمور بالماء ويرفع درجة الوعي للحاجة الماسة إلي حمايته من النهب خاصة أنه لايوجد قانون دولي لحمايته من صيادي الكنوز,ويأمل ماتسورا أن تدخل الاتفاقية حيز النفاذ في غضون الأشهر القادمة,خاصة وأن اليونسكو قامت بإنتاج فيلم وثائقي جديد يسلط الضوء علي موضوع التراث الثقافي المغمور بالماء والذي أصبح معرضا للنهب بصورة متزايدة بسبب صنع تجهيزات غوص أكثر تطورا وأسهل اقتناء.
الاتحاد الأوربي يدرس آثارنا الغارقة
من جانبه قال الدكتور أحمد شعيب أستاذ الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة,ورئيس الفريق المصري لمشروع الاتحاد الأوربي -medistone- لدراسة وترميم الآثار الغارقة إن الاتحاد الأوربي بالتعاون مع المجلس الأعلي للآثار قاما بإعداد مشروع مشترك استغرق ثلاث سنوات ويهدف إلي إصدار أطلس يجمع المعلومات التي تم التوصل إليها عن طريق التحاليل والدراسات العلمية لإظهار أنواع الأحجار للنماذج المستخرجة من قاع البحر وتحديد نوعيتها وأماكن وجودها والمحاجر التي أخذت منها من حيث كونها أحجارا جيرية أو رملية أو من الجرانيت,إلي جانب تحديد الطرق النموذجية لترميمها وتقويتها وتجميع المواد المتناثرة منها.
تحسين جودة مياه البحر
وأوضح د. شعيب أن فكرة إنشاء متحف تحت الماء للآثار الغارقة تعد فكرة صائبة بالفعل لأنه توجد آلاف القطع الأثرية المتناثرة تحت المياه بفعل الزلازل التي ضربت مدينة الإسكندرية وألقت بالكثير من مبانيها وقصورها وقلاعها تحت مياه البحر,وأكد أن هذا يتطلب تحسين جودة مياه البحر ووقف عمليات الصرف الصحي به,والقضاء علي جميع الملوثات بما يتيح رؤية واضحة للآثار كما يجب إزالة أجزاء من رمال البحر التي تغمر بعض الآثار لإظهار نقوشها.
أشار د. شعيب إلي أن تكلفة إقامة هذا المتحف ستكون كبيرة لأن الآثار المغمورة تقع علي أعماق بعيدة كما أن ترميم وتنظيف القطع الأثرية الغارقة وإجراء المعالجات الخاصة بها تحت مياه البحر يتكلف الكثير.
وذكر د. شعيب أن هناك بعض الآثار التي سوف يتم استخراجها بسبب تدهور حالتها أو بسبب استكمال الآثار التي سبق استخراجها مثل تمثال سفنكسالموجود في كوم الدكة حيث سيتم أخذ موافقة المجلس الأعلي للآثار لاستخراج رأسه من البحر وتجميعها مع التمثال.
التعرف علي الآثار الغارقة
كانت بداية التعرف علي الآثار الغارقة وانتشالها في منطقة خليج أبي قير في عام 1961,وذلك عندما اكتشف الأثري الراحل والغواص المعروف كامل أبو السعدات كتلا أثرية غارقة في أعماق البحر بمنطقة الميناء الشرقي أمام لسان السلسلة وقلعة قايتباي ,كما قام بانتشال بعض الأواني الفخارية وسلمها للمتحف اليوناني الروماني عام 1961 مؤكدا وجود تماثيل ضخمة وعناصر أثرية أخري شاهدها تحت الماء فقامت مصلحة الآثار وقتها بمعاونة القوات البحرية بانتشال تمثال من الجرانيت لرجل يرتدي عباءة تغطي جميع جسده,وفي عام 1962 تم انتشال التمثال الضخم المعروف بتمثال إيزيس وهو من الجرانيت الأحمر وتم نقله إلي حديقة المتحف البحري بالإسكندرية, وطلبت الحكومة في عام 1968 من منظمة اليونسكو معاونتها في عمل خريطة للآثار الغارقة بمنطقة الميناء الشرقي فأرسلت غواصة عالمية تمكنت في عام 1975 من وضع خريطة أثرية لهذه الآثار الغارقة.
وقامت بعثة معهد بحوث أوربا للبحار برئاسةفرانك جوديوخبير الكشف عن الآثار الغارقة في عام 1992 بالعمل في كل من منطقتي أبي قير والميناء الشرقي وتمكن جوديو بفضل خبرته في رصد وتحليل البيانات التي حصل عليها والكشف عن الكثير من الأسرار الغامضة لآثار الإسكندرية الغارقة.
بدأت بعثة المركز الفرنسي القومي للدراسات بالإسكندرية عام 1995 بأعمال مسح لأعماق البحر ويشمل المسح الطبوغرافي والتصوير تحت الماء والرفع المعماري والترميم وذلك في المنطقة الواقعة أمام قلعة قايتباي,وكشف ذلك عن وجود آلاف القطع الأثرية أسفل القلعة من أعمدة وتيجان وقواعد وتماثيل وعناصر معمارية مصرية وإغريقية ورومانية .
وتم إنشاء إدارة للآثار الغارقة للإسكندرية تابعة للمجلس الأعلي للآثار عام 1996 وتضم مجموعة من الأثريين المصريين برئاسة الأثري إبراهيم درويش رائد الغوص في أعماق البحار.
واستطاع العلماء في عام 2002 تحديد موقع مدينة هيراكليون التي كانت المدخل القديم إلي مصر وهوت إلي أعماق البحار منذ 1300 عام نتيجة زلزال,وذلك عن طريق قراءة الكلمات الهيروغليفية المنقوشة علي أحجار مدينة هيراكليون والذي احتفظ بقيمته الفنية لمدة ألفي عام.