تعاني مصر من ارتفاع نسبة الإصابة بعمي القرنية بين دول العالم والناتج عن عتامة القرنية وهو ما يؤثر علي النظر لدرجة تصل لحد العمي… ويوما بعد يوم تزداد النسبة أكثر فأكثر والمرضي يتساءلون متي ستزرع لهم قرنية جديدة ليبصروا النور مرة أخري في ظل طول قوائم الانتظار التي ضاق بأصحابها الحال.
أجرت وطني هذا التحقيق لحث المسئولين علي العمل السريع لإنقاذ هؤلاء المرضي المعذبين من سواد الدنيا أمامهم.
حمل الدكتور/ حمدي السيد نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب أطباء العيون مسئولية عدم تفعيل القانون وخصوصا أطباء العيون بالمستشفيات الجامعية لتقاعسهم عن أداء دورهم رغم الحاجة الملحة مما أدي إلي وجود قوائم انتظار طويلة تزيد علي 3سنوات, الأمر الذي أدي بدوره إلي استيراد القرنيات من الخارج دون وجود جهة رقابية عليها.
أضافت الدكتورة إنعام حامد مدير الإدارة العامة لطب العيون بوزارة الصحة أن القانون رقم 79لسنة 2003 يسمح بالحصول علي القرنية دون إذن أهل المتوفي وعدم العمل بالقانون يعود للأطباء, ورغبتهم في الكسب السريع عبر استيراد القرنيات التي يصل سعر الواحدة منها إلي ما بين 9:25ألف جنيه في حين أن سعرها الحقيقي لا يتجاوز ألف جنيه. كما أن عملية الاستيراد تؤدي إلي مواجهة المرضي لمخاطر عديدة منها الإيدز لأنها تستورد من جنوب شرق آسيا. التي يعاني أهلها من أمراض عديدة خطيرة تصيب المريض المنقولة له القرنية بسبب عدم الرقابة علي استيرادها والتأكد من إجراءات السلامة والأمان الطبية والوقائية بها.
أعداد المرضي هائلة
أشار د.شريف ذهني رئيس معهد بحوث أمراض العيون إلي أن الأرقام تشير وفقا لآخر الإحصائيات إلي حاجة أكثر من 120ألف مواطن لهذه القرنيات وهو أمر غير معقول لاستيراد كل هذه القرنيات من الخارج بتكلفة تصل إلي نحو 2مليار جنيه, فضلا عن إهدار 15مليون جنيه في استثمارات ببنوك العيون في مستشفيات جامعة عين شمس والقصر العيني بجانب المعهد القومي لأبحاث العيون المتوقفة كلها عن العمل الآن وكل هذا بسبب الخلاف الذي خلقه القانون في مصر منذ 7سنوات لاشتراط موافقة أهل المتبرع أو المتبرع نفسه صراحة في حياته بأخذ القرنية بعد وفاته, كما أنه من أسباب ارتفاع أعداد المرضي بهذا المرض وجود أعراض وأمراض متوطنة مثل التراكوما التي تؤثر علي القرنية, بالإضافة للأمراض الخلقية للقرنية والمكتسية, علاوة علي الإصابات التي تتعرض لها العين وتؤثر علي القرنية.
أوضحت د.سامية صبري رئيسة بنك عيون القصر العيني أنه في عام 1918 أجريت أول جراحة لترقيع القرنية في مصر علي يد د.صبحي باشا واستمر إجراء هذه العمليات حتي عام 1996 ولكن علي أثر وفاة سيدة بالمستشفي اكتشف أهلها عن استلام الجثة أنها بلا عين فقاموا بتقديم بلاغ للنائب العام وأغلق بنك العيون بمستشفي الدمرداش ثم تولي الغلق للبنوك واحدا بعد الآخر وكان الأخير منها بنك عيون قصر العيني عام 1997 وهكذا ضاعت أحلام ملايين من المرضي الذين ينتظرون زرع قرنية لهم, وذلك منذ 8سنوات وهذا ما دفعنا إلي المطالبة باستيراد أكثر من 120ألف قرنية للمرضي.
أضافت د.سامية أن القرنيات المستوردة يتم استيرادها من مصدر موثوق به, حيث تتضمن القرنية شهادة مرفقة لها تحمل المواصفات القياسية للقرنية أما القرنيات المحلية فنحن نقوم بإجراء عدة فحوصات علي جثة المتوفي من خلال عينة دم تجري عليها تحاليل معملية دقيقة للتأكد من خلو المتوفي من الأمراض الخطيرة كالإيدز والوباء الكبدي.
أكد د.فكري زاهد -مدير بنك العيون بمستشفي جامعة عين شمس أن بنك العيون متوقف بعد أن كان مستعدا من الناحية الفنية والعلمية لأخذ القرنيات التي تم التبرع بها, إلا أن إدارة بالمستشفي أصدرت أمرا بعدم تعرض الأطباء والسماح لهم بالاقتراب من ثلاجة الموتي لأخذ القرنيات بعد تقديم أهالي الموتي عدة بلاغات للنيابة باختفاء عيون المتوفين لذلك يجب الآن حث وسائل الإعلام علي تكثيف التوعية للمواطنين والكشف عن سوء التفاهم في هذه المشكلة فالأطباء لا يستولون علي الأعضاء إلا لصالح المرضي المنتظرين لمدة لا تقل عن 4سنوات فالمتوفي مات وانتهي الأمر فلماذا لا يستفيد منه الآخرون عن طريق أعضائه التي تبرع بها.
أوضح د.أحمد حتحوت أخصائي طب العيون أن هناك أكثر من 150ألف حالة تنتظر بوادر الأمل ليعود لها النور والمفاجأة كانت في قانون الدولة التي وضعته لينظم عتملية نقل القرنية وكيفية الحصول عليها وهو القانون رقم 79لسنة 2003الخاص بتنظيم بنوك العيون.
قانون للتبرع
قال نجاح عبدالعظيم المحامي بالاستئناف إن هناك قانونا ينظم عملية التبرع أو النقل للقرنية هو القانون رقم 103لسنة 1962والذي تم تعديله مؤخرا بسبب تنظيم بنوك العيون ليصبح القانون رقم 79لسنة .2003
وكان القانون رقم 103لسنة 1962 يسمح لبنوك العيون باستئصال قرنية الموتي أو قتلي الحوادث الذين تصدر لهم صفة تشريحية وبدون إذن وكيل النيابة علي أساس أن هناك بنوكا تابعة لمستشفيات جامعات علمية ولكن الأزمة لم تتغير وحتي بعد صدور قانون اللائحة التنفيذية في 29يوليو 1996 الذي يحث أعضاء النيابة علي مراعاة أحكام القانون والسماح للأطباء المرخص لهم فقط باستئصال القرنيات ولكنها تحولت إلي تجارة رائجة لها سوق سوداء يصل سعر القرنية فيها إلي أكثر من 25:35ألف جنيه, وفي ظل القانون الحالي رقم 79لسنة 2003 يتم حماية الميت فيه من استئصال قرنيته لحماية الأطباء الأمر الذي يعرضهم للمساءلة القانونية والمخالفة المهنية لذلك يستلزم علي المتبرع تقديم وصية قانونية بموافقته علي التبرع بأعضائه وقرنيته بعد الوفاة حتي يستطيع الطبيب إنقاذ حياة مريض آخر حي.