والدولة مشكورة وسط انشغالها بمباراة مصر والجزائر المقرر لها 14 نوفمبر الجارى وكيفية تدبير الـ 3 ملايين جنيه مكفأة كل لاعب من الخمس وعشرين لاعبا، بالإضافة إلى الجهاز الفنى الذى يزيد عدد أفراده على خمس، لم تنس ضحايا قطار العياط الـ 18 الذين ماتوا والـ 36 الذين أصيبوا ،و الذين تسببوا بموتهم وإصاباتهم فى استقالة وزير النقل قبل مؤتمر الحزب الوطنى بأيام ، إذ قررت مجمعة التأمين على حوادث القطارات ومترو الأنفاق صرف مبلغ30 ألف جنيه لأسرة كل ضحية من ضحايا حادثة قطار العياط , كما قررت وزارة التضامن الاجتماعى ومحافظة السادس من أكتوبر صرف مبالغ أخرى ليصل إجمالى التعويضات التى تحصل عليها أسرة كل ضحية إلي30 ألف جنيه, بينما تقرر صرف6500 جنيه لأسرة كل مصاب.
ولم تكتف الدولة بصرف التعويضات بل قامت بمتابعة الموقف أول بأول إذ أعلن الدكتور مجدى راضى المتحدث باسم مجلس الوزراء أن الدكتور أحمد نظيف رئيس المجلس تلقى ثلاثة تقارير عاجلة حول الحادث المروع, أولها يتعلق بأسر الضحايا وعلاج المصابين, وتسهيل إجراءات حصول الأسر المنكوبة على التعويضات المالية التى تقررت لهم.
مسكينة الحكومة بكل أجهزتها فقد أنهكها التفكير فى تدبير ما يزيد على 100 مليون جنيه مكافآت لاعبى المنتخب الأول لكرة القدم وجهازه الفنى وإذ ضحايا القطار يثقلون عليها بتعويضاتهم الباهظة والتى بلغت ما يقرب من المليون جنيه من وزارة التضامن والمحافظة، فما الذى يمكن أن تفعله الحكومة بعد هذا ويكفيها أنها انفقت على منتخب الشباب 25 مليون جنيه إعداد حتى يصل إلى الدور الـ 16، فما الذى يحدث لو كان المسئولون أ
أكملوا جميلهم ،ووصلنا إلى المباراة النهائية مقابل “شوية” ملايين زيادة ولا ضحايا القطار أهم من منتخبات مصر وسمعتها الكروية وسط الشارع الكروى وعلى الساحة الرياضية العالمية .
واذا قرأنا بعض الأرقام الصادرة عن التقارير العالمية عن مصر وشعبها لعرفنا كم تعانى حكومتنا من أجل المواطن المريض الذى أثقل كاهلها بعلاجه وطعامه وتعليمه ثم موته فى حوادث القطارات فى الوقت الذى يرفه المنتخب عن الشعب والحكومة مقابل شوية ملايين …
ففيما يتعلق بمرضى المحروسة نجد أن هناك إحصائية صدرت عن اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، تؤكد أن أكبر نسبة انتشار للفيروس “سى” عالميًّا تكمن فى مصر، وأن 14% من المصريين تعرَّضوا للفيروس، منهم 10% يعانون من المشكلات بما يعادل 1.5% من الشعب المصرى مصابون بالتهاب كبدى مزمن، بعضهم يحتاج إلى زرع كبد.
وبحسب منظمة الصحة العالمية تحتل مصر المرتبة الأولى للإصابة بفيروس الالتهاب الكبدى الوبائى “سى” يبلغ 12% حوالى 10 ملايين بينما معدل انتشار الالتهاب الكبدى الفيروسى “بى” يصل إلى 4% من تعداد مصر ،وهو من أعلى معدلات الإصابة على مستوى العالم …
واستتبع ذلك إحصائية حديثة أعدَّها علماء وأطباء بمراكز بحثية بالجامعات وأكاديمية البحث العلمى عن أن أكثر من 20 مليون شخص فى مصر مصابون بمرض الالتهاب الكبد الوبائى “سى”، ومن المتوقع وفاة 5 ملايين منهم على الأقل خلال السنوات العشر المقبلة نتيجة تطور المرض، وإصابتهم بسرطان الكبد والفشل الكبدى.
كما أظهرت إحصائية قدمت إلى مجلس الوزراء فى نهاية 2007 ، أن أكثر من 59% من المصريين مصابون بالبلهارسيا و12 مليونًا مرضى بالسكر و5 ملايين مصابون بالفشل الكلوى، فى الوقت الذى حذَّرت فيه من أن أعداد المصريين المعرضين للإصابة بأمراض الكبد والفشل الكلوى مرشحة للتزايد بمقدار الضعف، بسبب تلوث المياه فى المدن، واعتماد القرويين على الشرب من المياه غير النقية، خاصةً من الطلبمات الحبشية.
أما فيما يتعلق بالفساد فى مصر فقد كشف تقرير مركز الدراسات الريفية عن ارتفاع مؤشر الفساد المالى والإدارى فى القطاعات المختلفة، وإهدار 39 مليارًا و373 مليونًا و524 ألف جنيه فى الفترة ما بين أبريل 2008 ويناير 2009 فقط .!!.
ورصد التقرير 548 حالة فساد، فى مختلف القطاعات والوزارات خلال تلك الفترة، وذكر أن شركات ومصانع القطاع العام جاءت فى المرتبة الأولى فى قضايا الفساد، بـ68 حالة، وتلتها وزارة التضامن الاجتماعى التى شهدت 61 حالة خلال تلك الفترة وشهد القطاع الصحى 57 حالة فساد، وحلت وزارة المالية، والقطاع المصرفى فى المرتبة الرابعة بالتقرير، ووصلت حالات الفساد فيها إلى 55 حالة، فيما جاء القطاع التعليمى فى المرتبة الخامسة بـ53 حالة فساد، وتلاه القطاع الزراعى فى المرتبة السادسة بـ49 حالة، أما حالات الاحتكار التى حلت سابعة فقد بلغت 34 حالة.
ورأى التقرير أن الفساد فى مصر أصبح ظاهرة متنوعة، وضرب أركان الدولة حتى أصبح قانونًا اجتماعيًّا نافذًا، فقد تغلغل فى كل مؤسساتها موثق بالوقائع والأرقام فى وقت بدأ التباطؤ فى محاربة الفساد أو تجاهله يغرى قوى متطرفة بالظهور وتصدر المشهد الحالى بالبلاد.
وأضاف: “تفشت ظاهرة الفساد فى مصر فى كل النوحى مثل ضياع العديد من فرص التنمية المهدرة، وتبديد الطاقات وخراب المؤسسات، وهجرة العقول والكفاءات، وخراب قائم لا يمكن لوطن أن ينهض دون وضع حد له”.
وأكد عدد من التقارير الإعلامية أن التحدث عن رموز النظام السياسى وحصول بعضهم على الرشوة وحصص مجانية تصل إلى 50% فى رأسمال كبرى الشركات التجارية والصناعية بمصر.
الأمر لم يقتصر على الداخل حيث أكدت منظمة الشفافية العالمية- وهى أهم منظمة دولية فى مجال قياس مدركات الفساد ودرجات الشفافية والنزاهة- فى جميع تقاريرها السنوية الصادرة منذ عام ١٩٩٥ ليس فقط أن مصر دولة “ضعيفة جدًّا” فى مكافحة الفساد، بدليل حصولها على أقل من ٣ من عشرة على مقياس أو مؤشر الشفافية والنزاهة، ولكن ترتيبها بين الدول على سلم هذا المقياس يزداد سوءًا من عام إلى آخر، ففى عام ٢٠٠٦ كانت مصر تحتل المرتبة ٧٢ على هذا المقياس ثم انحدرت إلى المرتبة ١٠٥ عام ٢٠٠٧ ثم إلى المرتبة ١١٥ عام ٢٠٠٨”.
وبعد هذه الارقام والإنفاقات التى تثقل على كاهل الحكومة كيف تدبر الحكومة المسكينة تعويضات ضحايا قطار العياط الذى يركب الكثير منهم بلا تذكرة لأنه لا يملك ثمنها ، أم يكفيها فخرا أن توفر الملايين الثلاثة لأبطال منتخب مصر الذى لا يتجاوز راتب اللاعب سنويا 3 ملايين جنيه لاعبا أساسيا كان أم احتياطيا فى حين يحصل بعض المواطنيين على راتب شهرى يقدر بـ 80 أو 100 جنيه يعيش منها هو وأسرته وأحيانا يتطلب الأمر أن يوفر منها لأنه ببساطة وبحسب تصريحات عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية المواطن يستطيع أن يعيش بجنيه ونصف فى اليوم الواحد !!!!!. ، أليست هذه أرقام مستفزة أم نرفع وجوهنا إلى الله ونقول:”يارب ما نوصل كأس العالم “؟؟؟