حذر خبراء وأستاذة قانون من تكرار حوادث الاعتداءات الطائفية دون ملاحقة الجناة وضرورة معاقبتهم وتقديمهم للعدالة وتعويض المضارين من أموال الدولة, بالإضافة إلي سيادة القانون والكف عن جلسات الصلح العرفية, دون الحفاظ علي هيبة الدولة والقانون.
حول أزمة أطفيح والتعامل المستقبلي مع الأزمات الطائفية يأتي هذا التحقيق:
قال عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن حادثة أطفيح فتحت مزيدا من الجراح بسبب تراكمات عديدة من الاحتقان الطائفي, وكان يتم اتباع العديد من الخطوات غير المناسبة سمحت بوجود احتقان داخل المجتمع, وبالتالي لابد من اتباع الحلول الجذرية المناسبة لمنع تكرارها في المستقبل, وأول هذه الخطوات هو إعادة الأسر القبطية التي خرجت من القرية وملاحقة الجناة وتقديمهم للعدالة في أسرع وقت والتأكيد علي سيادة القانون, مع ضرورة التعامل بسياسة ذكية مع مثل هذه الموضوعات وأن لا يتم حصر الموضوع في التعامل الأمني.
أشاد حمزاوي بالمؤتمر الذي عقد بأطفيح لتهيئة الظروف في القرية وبث رسالة لكل المجتمع بأن وحدة المجتمع المصري وتعزيز المواطنة أساس تقدم المجتمع.
قال حمدي الأسيوطي المحامي أمين الحريات بحزب التجمع إن ما حدث في أطفيح نتاج السياسات الأمنية للنظام السابق وتراكمات عديدة لم يتم معالجتها بالشكل الملائم وهو ما تسبب في عودة الاحتقان الطائفي والاعتداء الجماعي علي ممتلكات الأقباط وهدم الكنيسة, ولذلك لم يعد الوقت مناسبا للحديث عن الحلول الوردية والكلام المعسول, وإنما لابد من معالجة جذرية لمناهج التعليم عبر خبراء ومتخصصين يقومون بوضع مناهج متطورة تتناسب مع قيم المواطنة والمساواة, ويتم أيضا تأهيل المعلمين وإقناعهم بهذه الأفكار حتي يستطيع المعلم نقل الأفكار المعتدلة للتلاميذ, خاصة أن تطوير مناهج التعليم دون الاهتمام بالمعلم أمر لا يغير من الأوضاع علي أرض الواقع, بالإضافة إلي تزويد المدارس بالأدوات التي تنمي روح التفكير والابتكار, وشغل طاقات التلاميذ في أفكار إبداعية وليست ظلامية.
أوضح الأسيوطي أن الخطوة الثانية في معالجة الأزمة هي تغيير السياسات الإعلامية في التعامل مع الأحداث بشفافية حتي يتكون لدي الرأي العام المعلومات الواضحة حول المشكلة ومن ثم البحث عن الحلول, ونظرا لخطورة المرحلة الراهنة لابد أن يكون هناك ضوابط علي الخطاب الديني بحيث يكون متناسقا مع المجال العام المؤيد للدولة المدنية وتعزيز التسامح والمواطنة بين المصريين والابتعاد عن الفرقة التي كان ينميها النظام الأمني السابق.
دعا الأسيوطي المجلس العسكري إلي ضرورة التعامل بحرص شديد وحزم مع من يتسببون في ضخ سموم الاحتقان الطائفي, وأن يتعامل بصرامة مع هذه المشكلة حتي لا تتكرر مستقبلا, ومن أجل تنفيذ ذلك لابد من إصدار بيان رسمي من المجلس العسكري يوضح فيه الحقائق كاملة علي الرأي العام بشأن ما حدث في أطفيح بشكل يوضح بشفافية ما حدث وأن يتم تقديم الجناة إلي المحاكمة العاجلة ولكن أمام محاكم مدنية, لأنه من حق كل مواطن أن تتم محاكمته أمام قاضيه الطبيعي, وعلي المسلمين بناء الكنيسة مرة أخري مع الجيش حتي يكون هناك تلاحم ووحدة بين المصريين, بالإضافة إلي ضرورة انتقال ملف الاحتقان الطائفي إلي الحكومة برمتها وليس وزارة الداخلية فقط, بحيث يتم التعامل بحكمة وهدوء وعقلانية وصرامة مع أي حادث طائفي.
نوه الأسيوطي إلي وجود مشكلات عديدة يعاني منها الأقباط, وبسبب تراكم هذه المشكلات دون حلها تسبب الأمر في انفجار الغضب القبطي العام, والحل يكمن في ضرورة انخراط الأقباط في الأحزاب السياسية والنقابات المهنية وتوديع مرحلة العزلة, واستعادة التلاحم مع المسلمين في كل القضايا, مثل ما حدث في ثورة 1919, حينما ارتفع شعار عاش الهلال مع الصليب.
من جانبه قال عادل رمضان مسئول ملف حرية الاعتقاد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن التطرف والتشدد الذي عاني منه المجتمع المصري عبر عقود من الزمن لا يمكن أن يختفي فجأة عقب ثورة يناير, فالمجتمع بحاجة إلي مزيد من الوقت لتغيير السياسات الإعلامية والتعليمية والفكرية, وتأثير تغيير هذه السياسات سيظهر في الأجيال المقبلة, والأجيال الحالية سيظهر فيها التأثير ولكن بشكل أقل.
دعا رمضان المجلس العسكري إلي التعامل بحسم مع مشكلة أطفيح وتطبيق القانون بصرامة والقبض علي الجناة وكل من تسبب في إثارة الاحتقان الطائفي, وأن يكون ذلك في أسرع وقت, خاصة أن المبادرة المصرية سبق أن رصدت العديد من جرائم العنف الطائفي ولم يتم تقديم أحد للعدالة, وهو ما كان يشجع الآخرين علي اتباع هذا النهج.
حذر رمضان من الاعتماد في مثل هذه الحالات علي جلسات الصلح العرفية فقط وتنحية القانون, وأنه من المهم أن يتم تطبيق القانون وبحسم مع إمكانية عقد جلسات صلح لتهدئة الأوضاع علي الأرض ولكن دون أي تغييب للقانون.
وعبر رمضان عن خشيته من تحميل الاحتقان في المجتمع للأقباط, فبعد الثورة ومع الانفلات الأمني وانتشار البلطجة وترويع المواطنين ساد اعتقاد في المجتمع بأن السبب في ذلك هو الثوار في التحرير, وكل تظاهرة بالرغم من أنها سلمية إلا أن المزاج العام في المجتمع لم يعد يتقبلها بالشكل المتعارف عليه, ولذلك لابد أن يسعي الجميع لعبور الأزمة الراهنة بهدوء وعقلانية.
وفي هذا الإطار أكد الدكتور نبيل حلمي أستاذ القانون وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ضرورة التعامل الحكيم مع أزمة أطفيح بمشاركة كل مؤسسات الدولة, وأن لا يتم التعامل مع الأزمات الطائفية من جانب أمني فقط, وأكد أن المجلس القومي لحقوق الإنسان كثيرا ما دعا إلي سيادة القانون وملاحقة الجناة لمنع تكرار الحوادث, وعلي الجهات المعنية تحمل مسئولياتها في الوقت الراهن.
ودعا د. حلمي إلي النظر في أمور تعويض المتضررين من جراء حملات النهب والسرقة والحرق, وإعادة الحقوق لأصحابها.