زاد الجدل مرة أخري حول أولوية إجراء الانتخابات البرلمانية ثم وضع الدستور أم إلزام القوي السياسية بمبادئ دستورية قبل الانتخابات من أجل التوصل إلي توافق حول الدستور الجديد منعا لانفراد قوي معينة بالدستور وبالتالي إعادة إقصاء تيارات سياسية كما كان يفعل النظام السابق.
ضرورة الحفاظ علي الحريات
قال حافظ أبو سعده رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن توافق المجتمع علي وثيقة دستورية أمر مطلوب طالما أنها تعتمد علي الحقوق الأساسية للمواطنين وتضمن الحفاظ علي الحريات وأن الخلافات تمركزت حول بعض المواد التي يتطلب تعديلها من أجل الحفاظ علي التوافق المجتمع بشأن تأسيس نظام جديد يقوم علي العدالة والمساواة وصيانة الحريات.
نوه أبوسعده إلي ضرورة إلغاء المواد التي تحظي برفض سياسي وشعبي وتوسيع النقاش حول المواد التي تحظي بالقبول وتوعية المواطنين بأهمية المشاركة في الانتخابات وصياغة نظام جديد لمستقبل أفضل للمجتمع, وأنه لا مكان لاحتكام تيار للعمل السياسي علي حساب غيره, وأنه من المهم مشاركة المواطنين في النقاش الدائر حول الوثيقة وملامح الدستور المقبل.
من جانبه أكد سعيد عبد الحافظ مدير ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان أن إصرار تيارات معينة علي رفض الوثيقة بالكامل تعني وجود رغبة في فرض أسلوب معين علي وضع الدستور الجديد, ومن المقبول أن يتم إعادة النظر في بعض المواد مثل التي تحدد انفراد الجيش بالميزانية الخاصة به, ولكن لماذا ترفض التيارات الإسلامية المواد التي تنص علي المواطنة وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والحريات العامة؟
أكد عبد الحافظ إن منظمات حقوق الإنسان دافعت كثيرا عن نشطاء التيارات الإسلامية وكانت تطالب النظام السابق بعدم اعتقالهم دون أحكام قضائية, ومن ثم علي هذه التيارات التفاعل مع الواقع السياسي الجديد والدفاع عن الحقوق والحريات وعدم مصادرتها لحساب تيار علي حساب آخر, وأن الثورة خرجت من أجل تحقيق العدالة والحرية للجميع, ولابد من إجراء الانتخابات البرلمانية في مناخ ديموقراطي حقيقي لأفراد نواب حقيقيين يقومون بنقل البلاد إلي مستقبل أفضل, والتوافق حول الدستور الجديد قبل انفراد تيار بالأغلبية في البرلمان.
وثيقة السلمي تعكس الأزمة!!
من جانبه قال الدكتور نبيل عبد الفتاح مدير مركز الدراسات التاريخية بالأهرام إن القلق الدائر الآن داخل الأوساط السياسية بسبب سيطرة الإخوان علي الدستور غير مجدي مشيرا إلي التجربة التونسية التي وضعتها السلطة هناك هي الأفضل من السيناريو المصري, وذلك جعلالإخوان تبحث عن عدة وسائل للسيطرة علي السلطة علي غرار التجربة التونسية.
أكد الدكتور عبد الفتاح أن الوقت الآن لم يعد ملائما لوضع خارطة طريق جديدة لتسير عليه الدولة, بعد أن تم تحديد وقت جميع الانتخابات وأنه تقرر وضع الدستور أولا ومن ثم إجراء الانتخابات الرئاسية, فلا داع للجدل الكائن حاليا ومحاولة تقديم أحدهما علي الآخر لأن هذا سيعتبر تشتيتا للواقع السياسي في مصر.
ومن جانبه قال الحقوقي محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي إن خروج وثيقةالسلمي بهذا الشكل تعكس الأزمة الموجودة في المجتمع الحالية, حيث انقسم المجتمع إلي فريقين كل فريق لايري إلا نفسه,فريق يطالب بدولة مدنية والآخر يطالب بدولة علمانية والجميع تناسي أن الدستور هو دستور ثورة الشعب,مما يعكس الأنانية لدي التيارات السياسية والانقضاض علي الثورة من كل تيار باعتبار البلاد غنيمة يجب الفوز بها.
قال زارع إن خروج الوثيقة بهذا الشكل من الدولة دليلا علي أن كلا الفريقين لايقبل إلا نفسه ويعكس أيضا التخبط الذي حدث من المجلس العسكري بعد الثورة, فكثرة القرارات المتضاربة والانتصار لفريق علي حساب آخر, والتراجع عن القرارات أوجد حالة من عدم الثقة في القرارات والإجراءات, وكل فريق ينظر فيما بين السطور للبحث عن الألغام التي تعطل مسيرة أهدافه الخاصة, دون البحث عن وضعية تعيد الاستقرار إلي البلاد وتبحث عن حلول طرد الجميع وتنتصر للثورة.
اعتبر زارع أن التعطيل أكثر من ذلك وتصدير النوايا السيئة وعدم الإحساس بالمسئولية التاريخية سوف يكون وبالا علي الجميع والوثيقة قدمت بشكل قسري وذلك بسبب الخلاف بين عناصر المجتمع وأيضا قدمت بشكل به تعالي من المجلس العسكري علي باقي السلطات الأخري وذلك لأن التيارات السياسية المختلفة أظهرت تخوفات وخلافات سوف يكون تأثيرها في المستقبل مزيد من الفوضي.
طالب زارع أن يقدر الجميع الظرف الاستثنائي وأن يقبل الجميع الآخر, مؤكدين أن ثورة 25يناير ثورة للشعب المصري كله وأن يثقوا في بعضهم البعض.
أكد زارع أنه ليس هناك وقت لإهداره في وضع سيناريوهات جديدة لتقديم إحدي الانتخابات علي حساب الأخري أو علي حساب الدستور, وفقا للمادة 60 للإعلان الدستوري سيتم اختيار 100 عضو من أعضاء مجلس الشعب المنتخب القادم لعمل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد يستفتي الشعب عليه, وليس هناك داع لتخوف الشعب من سيطرة أي فصيل علي آخر داخل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور لأن البرلمان لن يسيطر عليه قوي بعينها, بل سيكون مزيجا من جميع القوي والتيارات المختلفة.
البحث عن التوافق
وفي هذا الإطار قال ماجد أديب رئيس الجمعية المصرية للتنمية الشاملة أن الفترة الراهنة تتطلب إجراء انتخابات برلمانية ثم تشكيل حكومة منبثقة عن هذا البرلمان من أجل إدارة البلاد بشكل أكثر تفاعلا في المرحلة المقبلة, ثم بعد ذلك يتم اختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد الذي سيتم وضعه عبر التوافق المجتمع, وأن هذه الوثيقة قوتها في بحثها عن التوافق المجتمعي حول المبادئ الأساسية بعد تعديلها من المواد التي تجعل القوات المسلحة مهيمنة علي الحياة السياسية.
شدد أديب علي ضرورة مشاركة الناخبين بإيجابية في هذه الانتخابات, وإنجاح التجربة الديموقراطية من أجل تأسيس نظام سياسي جديد يحفظ للمواطن كرامته ويصون الحقوق والحريات, ومنع إقصاء أي تيار سياسي مثلما كان يعمل النظام السابق, والتحول تدريجيا إلي دولة ديموقراطية حديثة أساسها سيادة القانون وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.