بعد أن شهد عام 2008 أعلي نسبة قرصنة بحرية, صرح الدكتور مجدي راضي, المتحدث الرسمي لمجلس الوزراء, استعداد مصر للمشاركة في قوة دولية للمساهمة في مواجهة مشكلة القرصنة قبالة السواحل الصومالية تحت مظلة الأمم المتحدة, كما قامت هيئة قناة السويس بتشكيل غرفة طوارئ لمتابعة التطورات في منطقة خليج عدن. وحول خطورة هذه الظاهرة وانتشارها في الآونة الأخيرة وتأثيرها سلبا علي قناة السويس وحركة التجارة العالمية أجرت وطني هذا التحقيق.
القرصنة ظاهرة خطيرة
في البداية تحدث اللواء محمد المرغني, خبير الشئون العسكرية, عن ظاهرة القرصنة البحرية حيث قال إن هذه الظاهرة أصبحت تشكل خطرا ليس فقط عربيا بل دوليا, حيث إن القراصنة الصوماليين مدربون علي مستوي عال من الكفاءة, حيث أشارت التقديرات الدولية إلي أن عدد القراصنة المنتشرين علي طوال السواحل الصومالية بلغ 1100 رجل, موزعين في مجموعات ومعظمهم كانوا يعملون خفرا للسواحل الصومالية.
أشار اللواء المرغني إلي أن القراصنة هم عصابات بحرية فائقة التنظيم والتخطيط, ولديهم إمكانيات مادية هائلة يحصلون عليها كفدية مقابل الإفراج عن السفن المختطفة, تقدر بملايين الدولارات, وفق السفينة وهويتها وحمولتها وهويات الرهائن أيضا, حيث أشارت التقديرات العالمية إلي أن القراصنة حصلوا علي حوالي 150 مليون دولار فديات علي مدار العام الماضي.
أضاف المرغني أن أعمال القرصنة لها تأثيراتها السلبية الشديدة علي خطوط الملاحة البحرية الدولية وعلي التجارة الدولية والقانون الدولي, وعلي كل ما يتعلق بمنطقة القرن الأفريقي لمسافة تمتد إلي 1500 كيلو متر, وهذا الإقليم شهد هذه الظاهرة نتيجة فشل الدولة الصومالية في السيطرة علي الأوضاع منذ 17 عاما دون جدوي إلا أن الاتحاد الأوربي بدأ يتدخل باستخدام بعض الوحدات والقيادات لمعالجة الأمر, كذلك حلف الأطلنطي والهند وروسيا واليابان وكوريا والصين, كما أن مصر تعمل بقوة محاولة منها للحفاظ علي مصالحها القومية.
القرصنة.. وأسواق النفط
ومن جانبه قال السفير أحمد فتحي أبوالخير, مساعد وزير الخارجية وأستاذ العلاقات الدولية, إن الإرهاب البحري قد أثر بالسلب علي أسواق النفط العالمية مما جعل المنظمة البحرية العالمية التابعة للأمم المتحدة تتخذ عددا من الإجراءات لتعزيز الأمن البحري العالمي بهدف حماية شبكتها الواسعة من أي هجوم محتمل.
أضاف أبوالخير, أن الخليج بمنطقة عدن في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وقناة السويس هو واحد من أهم طرق الملاحة البحرية في العالم, ويقدر عدد السفن التي تعبره سنويا ما بين 16 ألفا, 20 ألف سفينة وحوالي 30% من الملاحات النفطية العالمية, حيث شكل طريقا رئيسيا للتجارة بين أوربا وآسيا ويكاد يكون الطريق الوحيد بين روسيا والدول المطلة علي البحر الأسود إلي غرب أفريقيا, كما يكاد يكون الطريق الوحيد لتجارة الدول التي تطل علي البحر الأحمر, وليس لها منفذ علي البحار الأخري.
القراصنة تربك البحر
الدكتور عبدالله الأشعل, مساعد وزير الخارجية الأسبق, أشار إلي أن البحر الأحمر وخليج عدن يعتبران الطريق الوحيد لتجارة الدول العربية المطلة عليها كالأردن وجيبوتي والسودان, وهو طريق شديد الأهمية لتجارة كل من السعودية ومصر كذلك تتأثر الملاحة في قناة السويس بارتباك الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن, لأنهما يعتبران امتدادا للقناة, إذ لابد أن تمر السفن العابرة لقناة السويس بالبحر الأحمر إما قبل أو بعده, وبالتالي فإن دخل مصر في قناة السويس يمكن أن يتأثر بالقرصنة.
مستقبل القناة!!
من جانبه أكد الفريق أحمد فاضل, رئيس هيئة قناة السويس, ثقته بقدرة المجتمع الدولي بالقيام بخطوة فعالة للتصدي لعصابات القرصنة مستبعدا أي تأثير لها علي القناة,ولكن التأثير ليس مستبعدا في المستقبل وقال إن القرصنة قائمة ومستمرة منذ سنوات, ولكنها تزايدت مؤخرا, وذلك بسبب أن السفن المارة بالمناطق التي تتعرض للقرصنة لا تمثل ثقلا في حركة العبور الرئيسية بالقناة وتبقي خاصة بالسفن العملاقة التي تصل حمولاتها إلي 300 ألف طن, وأيد فاضل المطالب الدولية بتدخل دولي لإنقاذ قوافل التجارة البحرية بجميع أماكن ومناطق القرصنة وليست بالصومال فقط.
وأشار فاضل إلي أن القرصنة تنحصر في ثلاث مناطق الأولي السواحل الصومالية وخليج عدن والسواحل الإندونيسية, ولكنها تزايدت قبالة السواحل الصومالية نظرا للتفكك الذي تعانيه هذه الدولة مطالبا بوجود قوات دولية داخل الصومال لمنع هذه العصابات من القرصنة.
أين الأمن البحري؟!
إبراهيم عبدالحافظ, خبير بحري, قال إن القرصنة البحرية تعتبر أحد التحديات الاستراتيجية في منطقة الأمن البحري المعاصرة, ولابد في الوقت الراهن من توحيد آليات دولية جماعية تأخذ صفة الاستدامة والاستمرارية, للمواجهة الحالية والوقاية المستقبلية من عمليات القرصنة البحرية بل وبمختلف اتجاهات الأمن البحري.
لا قانون يجرم القراصنة!
وعن وجهة النظر القانونية قال حسني سليمان, المحامي, إنه لا توجد نصوص أو مواد في القوانين الداخلية تجرم أعمال القرصنة أو تعاقب عليها, بل هناك قواعد عامة في التشريعات الداخلية للدول تعاقب علي أعمال القرصنة علي اعتبارها عملا غير مشروع ويعرض الملاحة البحرية للخطر, كما أن هناك اعترافا دوليا بأن القرصنة البحرية هي شكل من أشكال الإرهاب الدولي, وذلك طبقا للمواثيق الدولية الخاصة بمنع ومعاقبة أعمال الإرهاب الموجهة ضد الأفراد والممتلكات والدول ووسائل النقل والمواصلات علي غرار الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998, التي أوضحت أن الجريمة الإرهابية في أحد مقاصدها هي القتل العمل والسرقة المصحوبة بإكراه ضد الأفراد والسلطات أو وسائل النقل والمواصلات.
وأشار الدكتور أكرم سلامة, أستاذ القانون الدولي, إلي أن القرار رقم 1838 والذي أصدره مجلس الأمن الدولي مؤخرا, والمتعلق بالصومال وممارسة القرصنة قبالة سواحله له قوة تنفيذية ملزمة علي جميع الدول بما يسمح بمكافحة القرصنة, واتخاذ تدابير بحق من يقومون بها في المياه الإقليمية للدول فيما يتعلق بالقرصنة في خليج عدن, والمناطق المقابلة لسواحل الصومال منوها بأن هذا القرار يتعلق بالصومال, رغم وجود قرصنة أيضا في مناطق أخري في العالم.
وللبرلمان المصري.. رأي أيضا
حيث عقد اجتماع مشترك للجان الشئون العربية والدفاع والأمن القومي والنقل والمواصلات بمجلس الشعب الأسبوع الماضي لمناقشة القضية,وأوضح الدكتور مفيد شهاب, وزير الدولة للشئون القانونية, أن مشكلة الصومال تتمثل في عدم وجود سلطة مركزية بها يمكن التفاهم معها وأن الدولة هناك مقسمة لثلاثة أقسام منفصلة, وفي ضوء هذه الظروف تحول الأمن والجيش لأعمال القرصنة, وأعرب عن اعتقاده في أن أهداف هذه العمليات ليست مالية فقط ولكنها سياسية وعسكرية وتحركها دول وجهات معينة للإضرار بمصالحنا.
وأعرب الدكتور مفيد عن رفضه للأعمال الإجرامية حيث قال: إننا نرفض رفضا تاما لأي اقتحام لمياه البحر الأحمر لأنه منطقة عربية ومسئولية حماية مياهه تقع علي عاتق الدول العربية المطلة عليه وهي: مصر والسودان وجيبوتي والسعودية واليمن. كما أكد أن حل المشكلة من جذورها يقتضي أن تكون السودان دولة موحدة ذات سيادة ولها سلطاتها الأمنية.
كما أكد اللواء سعيد الجمال, الذي ترأس اجتماع اللجان المشتركة, أن التهديد ليس بعيدا عنا فلابد من التعامل معه سياسيا وعسكريا عن طريق دعم الحكومة الصومالية الشرعية, وتساءل عن دور الجامعة العربية؟ ولماذا الصمت الأمريكي في مواجهة هذا الإرهاب الدولي, كما شاركه في الرأي حمدي الطحان, رئيس لجنة النقل بمجلس الشعب, وقال إن القضية تحتاج إلي جهد سياسي ولكن حكومتنا للأسقف لا تفعل شيئا مثلما حدث مع قضايا مثل الألغام في صحرائنا الغربية,وحذر من تصاعد هذه الهجمات الإرهابية.