تعاني الأسواق المالية منذ عدة سنوات من زيادة عمليات الغش والتدليس التجاري,وبيع السلع والمنتجات الفاسدة والمنتهية الصلاحية,مما أدي إلي انتشار العشوائية,وحدوث تدن في كفاءة الأسواق بشكل عام,ومن هنا طالب خبراء الاقتصاد والقانون بضرورة الإسراع في تفعيل بعض المواد القانونية الخاصة باللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة علي المبيعات, الذي بدأ العمل به في بداية فترة التسعينيات, خاصة المتعلقة بأحقية المشتري في الحصول علي فاتورة.
يبرز التساؤل حول كيفية رفع مستوي الثقافة الشعبية في أسواقنا الداخلية وتوضيح أهمية تحرير الفاتورة سواء بالنسبة للمستهلك أو التاجر من أجل دعم كفاءة الأسواق وضمان انضباطها وتفادي حدوث أي تلاعب في الأسعار بدون مبرر…
قال هاني الحسيني -مقرر لجنة الضرائب بالنقابة العامة للتجاريين- إن الفاتورة هي أحد الأعراف التجارية, وينص قانون الضريبة العامة علي المبيعات المتداول حاليا: أنه يجب علي كل بائع أو منتج لسلعة ما ملتزم بالضريبة أن يحرر فاتورة في حالة بيعه للسلع المحلية المباعة,سواء كانت خاضعة بالفعل للضريبة العامة علي المبيعات أو معفاة منها عند البيع. وبناء علي ذلك يمكن تعريف الفاتورة بأنها وثيقة أو مطالبة يحصل عليها المستهلك من مورد السلعة أو الخدمة المباعة باعتبارها دليلا أو إثباتا ماديا يؤكد انتقال هذه السلعة أو الخدمة من المنتج إلي المستهلك,مع تحديد القيمة المالية الإجمالية المدفوعة مقابل ذلك
وأضاف الحسيني أنه في حال اكتشاف تحرير تاجر لفاتورة مخالفة أو ناقصة لبعض البيانات الأساسية فالعقوبة الموقعة عليه تصل إلي غرامة مالية بحد أدني مائة جنيه وحد أقصي ألف جنيه,بالإضافة إلي توريد الضريبة,والضريبة الإضافية,وحين يمتنع التاجر أصلا عن تحريرها توقع عليه عدة عقوبات منها عقوبة ضريبية تبلغ ألف جنيه كحد أدني,خمسة آلاف جنيه حد أقصي,وتوريد الضريبة وقيمة الضريبة الإضافية وذلك طبقا لقانون ضريبة المبيعات,إلي جانب عقوبة أخري خاصة بقانون مباحث التموين وهي حبس التاجر الممتنع مدة لا تقل عن ستة أشهر ومحاسبته ضريبيا بشكل جزافي عن إجمالي قيمة الضريبة ومصادرة البضائع التي في حوزته…أما قانون حماية المستهلك فينص في هذه الحالة علي غلق المنشأة نهائيا,إلا أن سلبية المستهلك نفسه وعدم سعيه للحصول علي أبسط حقوقه تمثل عائقا أساسيا في تفعيل هذه العقوبات بما يكفل ضبط وانتظام كفاءة الأسواق عموما.
وعن أهمية هذه الوثيقة أوضح د.الحسيني أنها بمثابة ضمان للمستهلك وإصلاح السلعة المباعة خلال فترة الضمان المحددة وذلك طبقا لعقود الصيانة المرفقة معها بدون مقابل مادي أو استرجاعها واسترداد قيمتها كاملة أو استبدالها بأخري إذا شاب السلعة عيب فني أو كانت منتهية الصلاحية أو غير مطابقة للمواصفات القياسية المعلنة أو لا تؤدي الغرض الذي تم التعاقد عليها من أجله طبقا لبيانات الفاتورة أو كانت منتجة محليا وتم بيعها علي أنها مستوردة من الخارج أو العكس,كما تضمن للمستهلك عدم حدوث تجاوزات أو تلاعب في القيمة البيعية للسلعة وبالنسبة للتاجر فالتزامه بسك سجلات تجارية يدون بها المعلومات الخاصة بفواتير البيع والشراء دوريا يحميه من العقوبات القانونية الموقعة عليه في حال المخالفة,ولن يتحمل التاجر أي أعباء مالية إضافية تخص أعمال الصيانة حيث يمكن إرجاع السلع المعيبة للمصنع طبقا للفواتير التي يملكها.
تفعيل الفواتير
أشارت الدكتورة نجوي خشبة عميد كلية التجارة سابقا جامعة قناة السويس إلي أن القانون يلزم جميع التجار والمنتجين والمصنعين بضرورة إصدار فاتورة تتطابق مشتملاتها التوضيحية مع ماهية السلع المباعة,وتتفق مع النشاط التجاري الذي يمارسه هذا البائع,وذلك سواء كانت هذه السلع طبقا للنصوص التشريعية المتعلقة بالضريبة العامة علي المبيعات شاملة هذه الضريبة أو كانت معفاة منها في حال البيع لأي مؤسسة عامة أو حكومية.
وأوضحت د.نجوي خشبة أنه لتفعيل الاهتمام بالفاتورة في كافة القطاعات التجارية والصناعية والغذائية يجب بداية تفعيل العمل بالوثيقة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1985 بشأن حقوق المستهلك في كافة مجالات الحياة ومنها حقه في التثقيف والوعي الاستهلاكي من خلال تضافر جهود الدولة مع مؤسسات المجتمع المدني,وحقه أيضا في اختيار السلعة التي يريد شراءها والتعويض عنها ماديا إذا كان بها عيب معين. هذه الوثيقة يجب تعميمها دوليا ومحليا. وفيما يتعلق بإرساء ثقافة حماية المستهلك لابد أن تقوم الدولة بتعديل التشريعات الخاصة بمنع الغش التجاري وتقليد الماركات والعلامات التجارية,وتفعيل قوانين أخري منها قانون مكافحة الإغراق للسلع المقلدة والفاسدة التي تباع بدون فواتير تحدد مصدر الإنتاج والمنشأ,وكذلك قانون حماية المستهلك,وتحقيق مبدأ المنافسة ومنع الاحتكار,ودفع الأجهزة الرقابية الرسمية لتفعيل دورها ومتابعة المنتج في جميع مراحل الصناعة حتي وصوله للمستهلك للتأكد من مدي كفاءة وصلاحية السلع,ومحاربة الورش ومصانع بئر السلم التي تنتج منتجات فاسدة بدون ترخيص وليست لها سجلات تجارية,أو مستخلصات رسمية بما يؤثر في النهاية سلبا علي الصناعات الكبري,يجب أيضا معاقبة المنتجين المخالفين لهذا,ويقع العبء هنا -الكلام للدكتورة نجوي- علي جمعيات حماية المستهلك وكافة وسائل الإعلام, وللمرأة دور مهم في نشر هذه الثقافة باعتبارها المتخذ الرئيسي لقرار الاستهلاك في الأسرة وإعداد الميزانية,وتوزيع الدخل في مختلف أوجه الإنفاق المختلفة