لا يمكن صون حرية الدين أو المعتقد دون الحماية النشطة لحرية التعبير; إذ إن الحريتين مترابطتان وغير قابلتين للتفريق بينهما, وهما تحميان جوانب أساسية من هويات الأشخاص والمجتمعات علي حد سواء. إن توفير الحماية المتساوية للحرييتن من شأنه أن يشجع روح النقاش والاعتراض وهما أمران ضروريان للمجتمعات الصحية, ويوفر الحماية ضد التمييز, ويساعد علي إطلاق الطاقات الكامنة لدي جميع الأفراد للمشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. إن القوانين التي تقيد حرية التعبير باسم حماية الدين أو العقيدة أو النظام السياسي لا تنتهك بطبيعتها الحق في التعبير الحر وتقيد ممارسة هذا الحق فحسب, ولكنها في كثير من الأحيان تحد من ممارسة الحرية الدينية, وخاصة بالنسبة لجماعات لأقليات.
صحيح أن الكلام المنطوي علي الإهانة والمفعم بالكراهية الذي يستهدف أتباع بعض الطوائف الدينية (وكذلك الأقليات العرقية والجنسية) موجود في كثير من البلدان في جميع أنحاء العالم, بما في ذلك في دول ديمقراطية مثل الولايات المتحدة. وحيث يوجد مناخ من الكراهية وانعدام التسامح, فإنه في كثير من الأحيان توجد جميع أشكال التمييز والعنف. ولذا لا بد من مواجهة هذه المشاكل, وهناك العديد من الخطوات الفعالة التي ينبغي أن تتخذها الحكومات _ ولكنها في أغلب الأحيان لا تفعل. وهذه الخطوات ليس من الضروري ولا ينبغي لها أن تنطوي علي فرض قيود علي حرية التعبير.
إن بمقدور كل الحكومات أن تفعل المزيد للرد علي ظاهرة العنف الذي يرتكب بدوافع التعصب مثل العمل مع المجتمعات المحلية المتضررة للتحقيق مع المسؤولين عن هذا العنف ومحاكمتهم والتأكد من حصول قوات الشرطة والمدعين العامين علي الأدوات والتدريب اللازم للتعامل مع هذه المشكلة. كما ينبغي تبني القوانين والسياسات الخاصة بمكافحة التمييز وتطبيقها, كما يجب توفير الدعم والموارد الكافية للهيئات القضائية وغيرها من المؤسسات الضرورية.
وبالإضافة إلي ذلك, فإنه ينبغي تحديد الردود علي عبارات الكراهية وانعدام التسامح _ الردود التي لا تستلزم فرض قيود علي حرية التعبير _ وتشجيعها. إن التجربة الغنية لجماعات المجتمع المدني في الولايات المتحدة – التي تعمل سوية بغض النظر عن خلفياتها الدينية والعرقية والإثنية, بالإضافة إلي العمل مع أجهزة تطبيق القانون والقادة السياسيين علي كل المستويات الحكومية _ تقدم العديد من الأمثلة علي الممارسات المثلي في هذا السياق. ويتعين الضغط علي المسؤولين الحكوميين والقادة السياسيين لكي يجاهروا بقوة اكبر وبصورة أكثر تكرارا بالتنديد بتصرفات وعبارات الكراهية وانعدام التسامح, وخاصة عندما يرتكبها موظفون عامون, آخرون أو حين تصدر في وسائط الإعلام التي تسيطر عليها الدولة.
وفي الحقيقة, فإن المطلوب هو المزيد من الكلام والخطب لمحاربة التعصب وانعدام التسامح والتمييز والعنف. ولا يمكننا المساعدة علي تهيئة جو من الاحترام والسلام بين المجتمعات والثقافات والأديان, إلا إذا توفرت الحمايات القوية لحرية التعبير. إن الجهود الدولية الرامية إلي وضع قوانين تمنع التعبير باسم حماية الدين إنما تقوض هذه الأهداف الأساسية.
———–
التحق تاد ستانك بمنظمة حقوق الإنسان أولا في يناير 2008 ليعمل مديرا لبرنامج مكافحة التمييز, ويشغل حاليا منصب مدير قسم السياسات والبرامج. وقبل التحاقه بمنظمة حقوق الإنسان أولا, عمل ستانك في اللجنة الأميركية للحرية الدينية, حيث شغل منصب نائب المدير التنفيذي للسياسة وكذلك منصب المدير التنفيذي بالنيابة. كما عمل ستانك خبيرا في القانون الدولي لحقوق الإنسان لتدريب الموظفين الحكوميين الأميركيين.
ألف ستانك وشارك في تأليف العديد من المنشورات العلمية, بما في ذلك ##الدين والدولة والحق في حرية الدين أو المعتقد: تحليل مقارن لنصوص دساتير الدول ذات الأغلبية المسلمة## و##التنوع الديني في الاتحاد الأوروبي: منظور دولي لحقوق الإنسان## و##الحق في الانخراط في الإقناع الديني## و##الدين وحقوق الإنسان: وثائق أساسية.##
عمل ستانك باحثا ومحاضرا في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا وشريكا في مكتب محاماة ##كليري جوتليب, ستين آند هاميلتون## في نيويورك. وهو يحمل شهادة في القانون من كلية الحقوق بجامعة كولومبيا, وحاصل علي درجة الماجستير في التخطيط الحضري من كلية فاجنر للخدمات العامة بجامعة نيويورك, وعلي شهادة البكالوريوس في الآداب في الدراسات الحضرية من جامعة نيويورك. كما عمل ستانك كاتبا عدليا لدي القاضي ويلفريد فاينبيرغ من محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الثانية.
مدير السياسة والبرامج
منظمة حقوق الإنسان أولا
يو إس جورنال