المبيدات الحشرية أحد ملوثات البيئة تستخدم لمكافحة الحشرات في المزارع والحقول,وبالرغم من فاعليتها ومميزاتها الاقتصادية إلا أن ضررها علي صحة الإنسان والحيوان خطير بالإضافة إلي إنها تقوم بإبادة الحشرات النافعة وعلي الأخص النحل.
شهدت السنوات الأخيرة من القرن الماضي تزايدا ملحوظا لإنتاج المبيدات الكيميائية في العالم,وأصبحت المبيدات إحدي الوسائل الحديثة لزيادة
الإنتاج الزراعي .حول هذا الموضوع أجري الباحثون الدكتور عماد الدين كمال سليمان والدكتورة حنان أحمد تاج بقسم الكيمياء والنقص الغذائي والسموم والدكتورة هدي عبد المنعم عبد القادر بقسم البيوتكنولوجي بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة بحث حول المبيدات وأثارها علي البيئة وكيفية علاج هذه الأثار.
أجتمع الباحثين علي أن المبيدات هي المادة الكيميائية التي تقتل أو تمنع أو تحد من تكاثر وإنتشار الكائنات الحية التي تنافس الإنسان في غذائه وصحته وما شبح علي كثرة استعمالها نتائج الدراسات التي تؤكد أن في السنوات الأخيرة حوالي 56% من سكان العالم يعانون نقص الغذاء.
تزداد هذه النسبة إلي حوالي 79% في دول العالم الثالث مما يتطلب زيادة الإنتاج الزراعي حتي تسبب في وصول جملة كمية المبيدات المستوردة للعالم العربي في عام 1983 إلي 73 ألف طن في محاولة لمواجهة نقص الغذاء بشكل غير واع.
تاريخ استخدام المبيدات
لم يكن استخدام المبيدات بدعة لكن لها تاريخ طويل رواه د. عماد الدين فقال,استخدام الصينيون أنواعا طبيعية منذ القدم-فأستعملوا خلطة من الكلس والرماد سنة 1200ق.م هكذا فعلت معظم الشعوب وفي عام 1874 تمكن العالم الألماني زيدلرمن تحضير المبيد الحشري الد.د.تي للقضاء علي الآفات الزراعية وعلي الحشرات الناقلة للأمراض مثل البعوض وغيرهوقد كشف أهمية د.د.تيالعالم بايل مولار عام 1939 في مصانع جي جي بسويسرا ونال عليها جائزة نوبل عام 1948 ,وبدأ انتشارها وازدادت إنتاجيتها حتي وصل
إنتاج العالم في سنة 1970 إلي مليون ونصف المليون طن,وفي نهاية عام 1985 وصل الإنتاج إلي 2.5 مليون طن,ورغم أن إنتاج المبيدات الحشرية أنذاك كأن المنقذ من مختلف الأفات التي تضر بالإنسان وحيواناته ونباتاته إلا أن لها آثارا خطيرة خاصة وأن تحللها بطيء وبالتالي يزداد تركيزها من عام إلي عام سواء في التربة أو الماء أو أجسام الكائنات الحية.
علي ضوء تلك البحوث تجمعت الكثير من الحقائق عن تأثير المبيدات وخاصة الد.د.تيعلي الخلايا العصبية فيجب ألا تستعمل أكثر من مرتين كما أن لابد من استبدالها بطرق أخري غير ملوثة للبيئة أو الوسط الذي تعيشه حيث تؤدي تلك المواد إلي تطور غير طبيعي لكثير من الكائنات الحية ذات الأهمية الاقتصادية والتي تعيش في الماء كما تؤدي إلي إضطراب التوازن الغازي في الماء أي نقص الأ وكسجين وبذلك يسبب أضرارا للبيئة المائية وأحيائها ونتيجة لإزدياد تركيز هذه المواد سوف ينتقل الضرر للإنسان.
الوعي ضرورتها مفتقدة
أما د. حنان تاج الدين فقالت:تزداد المشكلة تعقيدا في البلدان النامية المستوردة لتلك المبيدات فلا ينحصر الخطر في رش المبيد,ولكن في عشوائية استخدامه وتداوله ,فكثير من المزارعين يستخدمون المبيدات دون علمهم بالنوع الذي بين أيديهم ,ولا يلتزمون بالجرعة الموصي بها,ويرجع ذلك لجهل بعضهم بالقراء ة والكتابة مع عدم معرفة الترياق المناسب لكل مبيد مستخدم.
الأخطر من ذلك أن المبيدات المحظور أستخدامها محليا ودوليا تنتشر في البلدان النامية .حيث تعتبر سوقا لتصريف تلك المركبات الكيمائية السامة مما يؤدي إلي أضرار بالغة كذلك عدم إتخاذ الأحتياطات اللازمة وإتباع معايير سليمة لمواجهة الحالات الطارئة أو المفاجئة والتي يتم فيها انتشار المبيد حال حدوث انفجارات أو تسر به من مراكز التخزين ,وهو ماحدث منذ بضعة سنوات عندما أندلع حريق في إحدي عمارات مصر الجديدة بها مخزنا للمبيدات الحشرية ,فانفجرت العبوات أثناء الحريق كما لو كانت قنابل وفي حادث مماثل بإيطاليا ولكن بمصنع وليس بمخزن كطلب الأمر تهجير أهالي المنطقة تحسبا للأخطار التي قد تصيبهم نتيجة تسرب المبيدات الكيميائية.
خطر أخر يكمن في المبيدات المخزنة والتي بقيت بدون استخدام بالإضافة إلي وجود أنواع أخري دخلت مصر عبر مشاريع ثنائية أو في شكل مساعدات أو عينات للتجارب مما جعلها مصدرا ملوثا نتيجة لمرور فترة زمنية طويلة دون أن تستخدم أو تعدم مما أدي لتحلل البراميل التي تحتويها يفعل موادها الكيميائية وتكمن خطورتها في تسربها إلي التربة ويخشي أن تصل إلي المخزون الجوفي للمياه في مناطق تخزينها.
تأثير المبيدات علي البيئة
وعن عمليات الرش باستخدام الأجهزة تحدثت د. هدي عبد المنعم فقالت:تؤدي هذه العمليات إلي انتشار المبيد الحشري لمسافات تتعدي كثيرا المواقع المطلوب رشها وينتشر الرذاذ الناتج عن الرش في الهواء الجوي مختلطا بالغبار والأمطار التي تسقط علي النباتات والتربة والماء وقد يتأ كسد المبيد المترسب بفعل أشعة الشمس والحرارة وبوجود الأوكسجين لذلك يجب القيام بحملات توعية للمزارعين كما أن المبيدات ذات أثر تراكمي فعلي الرغم من إنها ذات أثار سامة تختلف بإ ختلاف المبيد إ لا أن حدة هذه الآثار تزداد مع المبيدات ذات الأثر التراكمي مثل المبيدات الكلورية كما أثبتت عدة دراسات وجود متبقيات لمبيد الملاثيون علي الخس والخيار والكوسا والطماطم والبطاطا والتفاح الأمريكي وكذلك متبقيات لمبيدكلورفوسفي السبانخ والكوسا والخيار والطماطم وكذلك تم اكتشاف بقايا لمبيد الدايمويت علي عينات من الكوسا وتراوحت كميات هذه المتبقيات من ..1وحتي 15 جزء من المليون ورغم أن الحد المسموح علي النباتات من 10:16 يوما وجد أن المبيدات تبقي علي الخضراوات مددا تتفاوت من يوم إلي 19 يوما وهذا أساس الخطورة فالمبيد يبقي علي قشور الخضروات وأوراقها والتي عندما يأكلها الإنسان تترسب نسبة 95% من المبيد العالق بها في جسمه.
مقترحات وتوصيات
يعطينا الباحثون بعض التوصيات والمقترحات لتقليل اثار تسمم الإنسان وحيوانات المزرعة بالمبيدات الحشرية تتلخص في أن تستخدم المبيدات في أضيق نطاق ولايجوز استخدام أي مبيد في المزرعة أو المكافحة دون أن يكون مرخصا قانونا ولايجوز الترخيص إلا بعد التأكد من خلوه من التأثيرات الضارة علي الصحة العامة وسلامة البيئة.مع دراسة فترة الإنسحاب الفترة التي يزول خلالها تأثيره علي البيئة المحيطة وتوافر شروط التخزين والاستخدام طبقا للمواصفات العالمية.
ضرورة تواجد العناصر الغذائية في التربة مثل النيتروجين والفوسفور والكبريت وتوافر الأحياء الدقيقة الميكروبية من فطريات وبكتريا لغرض سرعة التحلل وهضم المبيدات المتراكمة في التربة.
يجب تصريف سوائل الرش,المغطس المستخدمة لمكافحة الطفيليات كما يجب عند التفكير في بناء مجمع لمخازن المبيدات الكيميائية أن تكون بعيدة عن المناطق الأهلة بالسكان وعن مساقط المياه ومجاري الأنهار والبحيرات ,وعدم السماح بعقد أي اتفاقيات دولية أو أقليمية هدفها تواجد كمية أو نوعية من مختلف المبيدات الكيميائية وعدم السماح بدفن المبيدات القديمة أو التي تم الاستغناء عنها في الأرض الزراعية أو بالقرب من الأنهار ومصادر المياه المستعملة للري أو للشرب تلافيا لحدوث كارثة بيئية كبيرة.
الرقابة الجادة علي استيراد المبيدات بمختلف أنواعها ووجود معامل لتحليل عينات المبيدات الزراعية وغيرها سواء كانت مستوردة أو مصنعه محليا وعدم استخدام المبيدات الجهازية التي تستخدم الأجهزة في رشها لمكافحة آفات الخضار والنباتات العشبية التي تؤكل نيئة نظرا لبقائها فترة طويلة بين عصارة الأوراق وصعوبة التخلص منها,كما أن التقليل من عدد الرشات المستخدمة للمكافحة وسيلة للحد من التلوث.
بدائل جديدة للمبيدات
يقدم الدكتور أحمد غازي رئيس وحدة بحوث بالمعمل المركزي للمبيدات بمركز البحوث الزراعية بعض بدائل المبيدات والتي نجحت بالفعل حتي مكافحة الآفات ومنها الزيوت المعدنية التي تثبت أن لها تأثيرا مانعا لتغذية يرقات دودة ورق القطن كما إن لها تأثيرا سميا متأخرا علي اليرقات وتطور الآفة وكسر دورة حياتها وأثبتت التجارب الحقلية لمكافحة هذه الآفة في محصولي القطن والبرسيم أنها تمنع الضرر الناتج عن الآفة بمجرد رشها,وتقلل تعدادها تدريجيا كذلك أثبتت فاعليتها في البحوث التي أجريت لمكافحة آناث الحبوب المخزونه كذلك الأملاح المعدنية والزيوت النباتية الطيارة.بدائل عديدة ولكن هل يتم تفعيلها ؟ومن المنوط بالتفعيل وهل يستجيب المزارع المصري ؟ربما!